هاشتاغ _ خاص
موقف لافت وغير مسبوق اتخذته الحكومة السورية إزاء إحدى الشركات الروسية التي تستثمر مشاريع حيوية في البلاد، وهي شركة “إس تي جي إنجينيرينغ” (ستروي ترانس غاز) بعد نحو خمس سنوات على بدء استثمارها لمعمل الأسمدة الوحيد في البلاد التي تفاقمت لديها أزمة في توافر تلك المادة، إذ فُقدت من السوق المحلية، وارتفعت أسعارها أضعافاً.
رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، وفي كتاب موجه إلى وزير الصناعة، قرر “إيقاف تزويد معامل الأسمدة بحمص بالغاز”، بدءاً من 15 من الشهر الحالي.
بل إن الحكومة قطعت خطوة أكبر وطالبت وزارة الصناعة بإعادة النظر في العقد المبرم مع الشركة الروسية، والتحقيق بمقترح سابق للجنة مختصة، خلص إلى “عدم تحقيق الجدوى الاقتصادية من العقد المبرم” معها.
كما طالب عرنوس بـ “البحث عن الخيارات البديلة” وهو ما يشير بوضوح إلى أن الحكومة تتجه نحو إلغاء العقد.
إقرأ أيضا: قرار حكومي برفع أسعار الأسمدة إلى الضعف.. مسمار الأخير في نعش الزراعة السورية
الموقف الحكومي السوري يأتي بعد سنوات على استثمار الشركة الروسية لمجمع المعامل الثلاثة التي كانت تديرها الشركة العامة للأسمدة، إذ وُقع العقد في تشرين الثاني من عام 2018، وصادق عليه مجلس الشعب بعد أشهر (في شباط عام 2019).
سرعان ما بدأت الانتقادات توجه للعقد، بين من وجد في الخطوة تنازلاً عن أحد المشاريع المهمة في البلاد التي تشكل الزراعة عصب اقتصادها، ومن رأى أن العقد يثير عدداً من الأزمات ومنها ما يتعلق بالعمالة السورية في تلك المعامل، قبل أن تظهر مشكلة لا تقل أهمية وهي الحاجة المتزايدة للمعامل إلى الطاقة في وقت كانت البلاد تعيش فيه، وما زالت، واحدة من أسوأ فتراتها في توافر كل مقومات العملية الإنتاجية وخاصة الطاقة.
ورغم التقنين الشديد الذي وصل إلى انقطاع الكهرباء عن المنازل لما يزيد عن 6 ساعات متواصلة في كثير من المناطق مقابل ساعة واحدة، أو أقل، من الوصل، كانت الاستثمارات الأجنبية في البلاد لا تعاني أي نقص، ومن بينها معامل الأسمدة التي صارت روسية، إذ كان يخصص لها نحو 20 ميغا واط من الكهرباء، ونحو مليون ونصف المليون متر مكعب من الغاز، يومياً، وهي أرقام كبيرة جداً خاصة إذا ما قورنت بحاجة البلاد إلى الطاقة، والنتائج التي حققتها سوريا من ذلك الاستثمار.
وحسب كتاب عرنوس ذاته فإن المستثمر الروسي “لم يلتزم بتنفيذ التزاماته التعاقدية” كما أن استثماره لم يحقق “غايات وأهداف العقد”.
وشأن كثير من المواد، شهدت الأسمدة ارتفاعات متتالية في أسعارها تزامناً مع فقدانها من السوق، وآخرها كان منذ أيام، حتى صار سعر الأسمدة ينافس أسعار مواد البناء أو المواد المستوردة، رغم أنها منتجة محلياً كما يفترض.
إقرأ أيضا: أزمة الأسمدة مستمرة رغم الوعود: المقايضة “ما حدا سمع فيها”.. والسوق متروك للمهربين والنوعيات الرديئة
ازدادت حدة تلك المشكلة بشكل خاص بعد بدء الاستثمار الروسي لمعمل الأسمدة، إذ وبدلاً من توافر المادة في السوق، بدأت كمياتها تتراجع وأسعارها ترتفع، بنسب عالية وصلت إلى نحو 2000 في المئة مقارنة بأسعارها علم 2011.
حالة زادت من الغضب داخل البلاد إزاء الاستثمار الروسي الذي بدا في النهاية وكأنه يأخذ من البلاد ولا يعطيها، إذ يستهلك كمية كبيرة من الطاقة في وقت كانت البلاد في أوج حاجتها لها، وفي المقابل كان الإنتاج لا يصل إلى السوق السورية.