هاشتاغ – يارا صقر
يترافق الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي مع ظهور أمراض نفسية تصيب بشكل خاص المراهقين والأطفال، وتحديدا الاكتئاب. حيث بات لكل تطبيق اكتئاب من نوع خاص.
تقول رامه حمود، (اختصاصية تربوية ونفسية) لـ “هاشتاغ” إن الاكتئاب هو ردة فعل طبيعية للنفس البشرية تجاه ما يحدث من أشياء وحوادث مؤلمة قد يتعرض لها الفرد في خضم الحياة اليومية، لكن مؤخراً أشارت الجمعية الأمريكية لعلم النفس عن وجود حالات من الاكتئاب سببها مواقع التواصل الاجتماعي، وقد صُنِّفَ الاكتئاب إلى عدة أنواع وفق هذه المواقع، بعض الدراسات أشارت إلى وجود اكتئاب فيسبوك، وبعضها بحث في اكتئاب السناب شات، ومؤخراً ظهر نوع جديد من اكتئاب الانستغرام واكتئاب التيك توك.
أسباب هذه الأنواع من الاكتئاب
تشير حمود الى العديد من الأسباب أهمها:
١. حياة المشاهير وما ينشروه من حياة فارهة لا تمت للواقع بصلة، الغرض منها زرع فكرة معينة عن ما يسمى بالحياة المثالية أو الحياة الوردية، التي تُظِهر كمية البذخ والرفاهية المصطنعة التي يعيشها مثل هؤلاء المشاهير.
٢. المقارنات التي تحدث بين الحياة الواقعية الحقيقية التي يعيشها الفرد، والحياة الوهمية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
٣. الحياة المعيشية والظروف الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد العربية وخاصة سوريا، وما نتج عنها من عدم القدرة على تأمين الاحتياجات اليومية بالحد الأدنى.
٤. التفكك الأسري والفجوة الاجتماعية التي تشكلت بين أفراد الأسرة الواحدة، بفعل الهروب من الحياة الواقعية القاسية والتواصل مع محيط غير معروف.
٥. غياب التربية الصحيحة والرقابة الوالدية وأسلوب التواصل الحقيقي بين أفراد الأسرة الواحدة، ففي سوريا على وجه التحديد ساهم انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وانفتاحها الرهيب وطرحها لكافة الموضوعات الشائكة، في إطلاع المراهقين والأطفال على موضوعات حساسة لاتفيدهم في عمرهم الحالي، وهو مادفع هذه الفئة إلى العزلة والاكتئاب والتخبّط في محيط هذه الأفكار المسمومة دون القدرة على البوح بها للأهل خوفاً من ردة فعلهم.
وتشرح حمود أنه في حالة مع مراهقة تبلغ من العمر ١٤ عاماً حاولت فيها شرح فكرة شائكة عن الزواج والارتباط طُرِحَت من قبل زميلاتها في المدرسة، وكان تصرف الأم بعدم محاورة ابنتها وعدم الاستماع لها معتبرة أنّ صد الطفلة عن الكلام في هذه المواضيع هو الحل الأنسب الذي يحمي الطفلة، في حين أنّ الحوار والاستماع وأخذ الأفكار السيئة من الطفلة واستبدالها بأفكار علمية صحيحة هو الحل الأفضل.
اقرأ أيضاً.. دراسة تتحرى: ما هي آثار وسائل التواصل على أدمغة المراهقين؟
الفئات الأكثر عرضة للإصابة في سوريا
أمّا عن الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاكتئاب في سوريا، تقول حمود إنهم فئة المراهقين ومؤخراً فئة الأطفال، وعموما تتراوح الشرائح العمرية بين (عمر ١٢ إلى عمر ٣٢ تقريباً)، نتيجة الاجتياح الواسع لهذه المواقع وغياب الرقابة الوالدية.
الأعراض
وبحسب الاختصاصية تتجلّى أعراض مثل هذا النوع من الاكتئاب في العزلة والنفور من الاختلاط الواقعي والبعد عن المشاركة في التجمعات العائلية، وتجنب الحوار، وعدم الرغبة في ممارسة الحياة الحقيقية، واستبدال كل المهام والأنشطة بساعات متواصلة من التحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع أشخاص غير معروفين بالحياة الواقعية.
وتتابع حمود: إضافة إلى نوع من الخمول والرغبة الدائمة بالنوم لساعات طويلة، زيادة الوزن وفي بعض الحالات فقدان الوزن إضافة إلى تشتت الانتباه وفقدان التركيز، كما لوحِظَ حالات من العصبية المبالغ فيها، والقلق المفرِط على أبسط الأسباب، والخوف الدائم من الواقع، والتفكير المستمر بكيفية العمل على شراء أفضل الأشياء التي قد تسهم في جعل الحياة مثالية وممتعة كـتلك المُشاهدة في مواقع التواصل الاجتماعي.
العلاج
أما عن العلاج فترى حمود أنه يتلخص في تقليل الوقت المهدور على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد أشارت دراسة أمريكية أن الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي لمدة تزيد عن ٣٠ دقيقة متواصلة يفيد في البدء بتخفيف أعراض الاكتئاب الناتج عن هذه المواقع.
وتكمل الاختصاصية أنّ تفعيل أسلوب الحوار خاصة بين الأبناء والآباء من شأنه أن يسحب الطفل من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي واستبدالها بتواصل حقيقي فعّال، كما قد يسهم الحوار في شرح الأفكار الواهية والمشاهدات الوهمية التي ينشرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وتلفت إلى أنه لا وجود للحياة المثالية والرخاء الكامل، مؤكدة أن الحوار يفيد في توجيه عقل الطفل أو المراهق إلى التفكير بأنَّ الأب أو الأم على استعداد كامل لسماع قصص الأبناء لساعات طويلة وبشكل مستمر، مما يعزز الفهم الحقيقي بأنّ هذه المواقع ما هي إلا لإبعاد الفرد عن وسطه الاجتماعي.