هاشتاغ – القاهرة (ناديا مبروك)
انطلقت اليوم القمة السابعة والعشرين لقضايا المناخ COP 27 بمدينة شرم الشيخ المصرية، بحضور ممثلي 190 دولة، على رأسهم الرئيس الامريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك الشيخ محمد زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية.
ورغم اتفاق الدول المشاركة جميعاً على أهمية قضية التغيرات المناخية، إلا أن العديد من القضايا العالقة وغير المتفق عليها قد تحد من فعالية القمة المنتظرة، أبرزها قضية “التعويضات المناخية”، وهي التعويضات المستحقة للدول ذات الدخل المنخفض عن الأضرار الناتجة عن التغير المناخي نتيجة الانبعاثات الكربونية التي تسببت فيها الدول الغنية والصناعية الكبرى.
التعويضات المناخية
وقضية التعويضات المناخية ليست وليدة قمة شرم الشيخ، بل بدأت مناقشتها للمرة الأولى في قمة كوبنهاجن عام 2009، حيث تعهدت الدول الكبرى بتقديم 100 مليار دولار كتعويضات سنوية للدول المتضررة من التغييرات المناخية التي يقع معظمها في القارة الأفريقية، لكن التعهد لم يخرج عن كونه تعهداً سياسياً ليس ملزماً.
وفي قمة باريس 2015، أقرت اتفاقية باريس للمناخ قضية التعويضات المناخية بذات السقف المحدد سلفاً وهو 100 مليار دولار، ولكن دون أي عقوبة أو الزام قانوني على الدول الغنية التي تصدر نحو ثلثي انبعاثات الكربون في العالم وفقاً لتقارير مبادرة سياسة المناخ.
وخلال السنوات الأخيرة، لم تفِ الدول الغنية بتعهداتها في تعويضات الدول الفقيرة، ووفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن إجمالي ما قدمته الدول الغنية فيما يخص تعويضات المناخ هو 79.2 مليار دولار في عام 2019 قبل جائحة كوفيد 19.
ولا تختلف الدول الغنية والفقيرة على مبدأ أحقية التعويضات، وإنما على الآلية، ففي قمة المناخ السادسة والعشرين المنعقدة بمدينة غلاسكو العام الماضي، كانت قضية التعويضات المناحية أحد الأهداف الأربعة للقمة، إلا أن الدول المتقدمة لم توافق على مقترح بتأسيس كيان لتمويل الأضرار والخسائر والتعويضات، وطالبت بحوار جديد على مدى 3 سنوات حول التعويضات.
حرص مصري
وحرصت الإدارة المصرية على التأكيد على أهمية قضية التعويضات المناخية، ففي الدقائق الأولى لانطلاق قمة المناخ في مصر، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على تطلع مصر لخروج المؤتمر من مرحلة الوعود إلى مرحلة التنفیذ بإجراءات ملموسة على الأرض، تبني على ما سبق، لاسیما مخرجات قمة غلاسكو واتفاق باريس، في إشارة لقضية التعويضات المناخية.
وقال الرئيس المصري عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” “بكل فخر واعتزاز وتشرف بالمسؤولية؛ أتطلع لافتتاح فعاليات الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة في مدينة شرم الشيخ 27 Cop الإطارية حول تغیّر المناخ”.
وأضاف أن “الدورة الحالية من قمة المناخ تأتي في توقيت حساس للغاية، یتعرض فیھ عالمنا لأخطار وجودیة وتحدیات غیر مسبوقة، تؤثر على بقاء كوكبنا ذاته وقدرتنا على المعیشة علیه، ولا شك أن ھذه الأخطار وتلك التحدیات تستلزم تحركًا سريعًا من كافة الدول لوضع خارطة طريق للإنقاذ، تحمي العالم من تأثيرات التغيرات المناخیة”.
في المقابل، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي تسلم رئاسة المؤتمر، إلى ما أسماه وقفة مصارحة بأن الحشد لجمع 100 مليار دولار لمواجهة التغيرات المناخية لم يحظ بالنجاح، مشددا على ضرورة الانتقال من المفاوضات والتعهدات لتنفيذ هذه التعهدات، وأن التقييم حول مجمل المساهمات الوطنية لا يرقى للوصول لهدف باريس حول المناخ
من جانبه يرى هشام عيسى، عضو اتحاد خبراء البيئة العرب، أن قضية التمويلات المناخية ستكون مسيطرة على قمة شرم الشيخ، خاصة مع الحشد الأفريقي لدعم هذه القضية، لكون الدول الافريقية هي الأكثر تضرراً من أزمة تغير المناخ، وعدم قدرتها على التنمية أو سداد ديونها الدولية بسبب خسائرها جراء تغير المناخ الذي لم تساهم فيه.
وأضاف عيسى رغم أهمية قضية التعويضات المناخية، إلا أن مخرجات مناقشة هذه القضية لم تتعدى التعهد السياسي سواء في قمة كوبنهاجن، أو حتى اتفاقية باريس 2015 التي أقرت التعويضات، حيث نصت المادة 9 من اتفاقية باريس على أن الدول المتقدمة ملتزمة بتقديم التمويل المناخي” دون وجود آلية ملزمة أو صندوق أو كيان مسؤول عنها، أو حتى عقوبات تترتب على عدم الوفاء بها، لذلك هو تعهد ملزم أخلاقياً فقط، وأقصى ما تتلقاه الدول غير الملتزمة به هو اللوم فقط.
وأوضح عيسى أن مصر داعمة لقضية التعويضات المناخية، وهو ما ظهر خلال كلمة الرئيس السيسي في قمة غلاسكو، وخلال تصريحاته اليوم حول ضرورة الانتقال من التعهدات إلى الالتزامات، وكذلك في كلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري.
توقيت حساس
من جانبها قالت د.سوسن العوضي، خبيرة علوم البيئة، أن التوقيت الحالي حساس للغاية، مشيرةً إلى أنه “خلال السنوات السابقة كانت الدول الأوروبية تتعامل مع أزمة المناخ باعتبارها المتسبب فقط، وليست متضررة، بينما تركزت الأضرار في القارة الأفريقية، لكن هذا العام شهدت أوروبا موجات حرارة، وجفاف للعديد من أنهارها بسبب تغير المناخ، مما سيجعل قادتها يجلسون على طاولة المفاوضات بنظرة مختلفة، وستخرج القمة بنتائج وقرارات ملزمة على عكس قمة “غلاسكو” التي كانت مخيبة للآمال”.
وأضافت العوضي أن قضية التعويضات المناخية سيكون لها نصيب الأسد، لأن كافة الدول الأفريقية جاءت لشرم الشيخ هذا العام مع تصميم شديد على عدم تكرار ما جرى في كوبنهاجن وباريس وغلاسكو، من حصول على تعهدات غير ملزمة ودون آليات لتنفيذها، كما أن مصر الدولة المضيفة للحدث تدعم هذا الاتجاه.
وتتخوف العوضي من أن تدفع أزمة الطاقة الحالية الدول إلى العودة للوقود الأحفوري كما جرى في الهند التي أرجأت إيقاف محطاتها الكهربية العاملة بالفحم بسبب أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرة إلى ان العالم لا يمكنه.