الأربعاء, نوفمبر 6, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالحكومة تستثمر في الحرب الروسية- الأوكرانية: دعوات للسوريين "المسرفين" إلى التقشف لإنقاذ...

الحكومة تستثمر في الحرب الروسية- الأوكرانية: دعوات للسوريين “المسرفين” إلى التقشف لإنقاذ الاقتصاد المهزوز!

هاشتاغ_ إيفين دوبا

لم تحتَج الأسواق السورية أكثر من ساعات لرفع أسعار العديد من المواد بعد انطلاق شرارة الحرب الروسية- الأوكرانية، كما لم يطُل انتظار بعض التجار لتقديم ذريعة جديدة على الأسعار الجنونية، في حين، وعلى “غير العادة” كثّفت الحكومة من اجتماعاتها وقراراتها “التقشفية” في مواجهة الأزمة العالمية، للحدّ مما أسمته تأثيرها على سورية، وتغاضت عن مسؤولياتها في ضبط الأسعار، ومراقبة التجار، وبالتالي اصبح للحكومة حجة قوية لتبرير “أحوالنا المهترئة”!.

و”للعمل على احتواء المنعكسات الاقتصادية الطارئة دولياً واتخاذ أفضل الإجراءات لإدارة الموارد المتاحة، وترشيد الاستهلاك”، عقدت الحكومة لقاءات موسّعة واجتماعات مع فعاليات متعددة لم ينفّذ منها حتى الآن سوى التأكيد على أنّ الحرب الروسية- الأوكرانية أدّت لرفع الأسعار واحتكار بعض المواد، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا لو طالت الحرب وما تأثيرها على الوضع الاقتصادي في البلاد؟.

ألف اجتماع لإعلان “الأعذار”!

 

سيناريوهات عدة أعلنتها الحكومة لما أسمته مواجهة الحرب على أوكرانيا، طرحت المشكلات ولم تلتفت إلى الحلول، ما أصاب السوق بالغليان والمستهلك بالهلع، وبالتالي ارتفعت الأسعار، بعد “شم رائحة نار الحرب الروسية_ الأوكرانية”، وهذا الأمر حسب رأي الخبير الزراعي الدكتور أمجد بدران، يعدّ طبيعياً، “فالمنطق يقول إنّ أوكرانيا دولة قوية منتجة مهمة للقمح، وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج زيت عباد الشمس، عالمياً، وفي المرتبة الرابعة من إنتاج الشعير، والشيء نفسه بالنسبة إلى الذرة الصفراء، ما يعني أنها تملك العديد من المنتجات، وبالتالي سيتم إلحاق الضرر بالمستوردين منها، ويصل الأثر لغير المستوردين، بعد إعلان الفئة الأولى عن حجم خساراتهم”. وحسب تصريحات بدران لـ”هاشتاغ”، فإنّ الحرب الروسية_ الأوكرانية ستمنح الحكومة السورية هامشاً كبيراً للمناورة في التصاريح والأعذار حول الأسعار، وحتى لتغطية أيّ إجراء جديد سيء معيشياً، وأيّ نكث بوعود سابقة، ما سيضيف لفشل الحكومة إخفاقاً آخر في إدارة الأزمات.

ويرى بدران أنّه من الصعب النقد العلمي الدقيق للحالة الاقتصادية الحالية، وذلك لأن المعطيات الاقتصادية مُغيّبة و”الحكومة السعيدة صار لديها سبب تظنه شماعة من نوعية فاخرة.. فالحكومة تجتمع ألف مرة لتبحث عن سبب وجيه لفشلها فقط وهي لاتبحث أصلا عن النجاح”.

في الوقت نفسه، يؤكد الخبير الزراعي أنه لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستصل إليه الأحوال الاقتصادية في حال استمرت الحرب الروسية- الأوكرانية، وذلك بسبب أنّ أرقام الاقتصاد السوري غير حقيقية و”لا نعرف الاقتصاد بيد من؟!”، وبالمنطق الطبيعي يجب أن ترتفع الأسعار والتجار سيحتكرون المواد، وقد يكون عدم وجود أسواق لروسيا “حسنة لنا” إذ “من الممكن مساعدة الحكومة السورية أكثر من السابق كونها لن تستطيع تصدير الفائض ومن الممكن ألا يحدث ذلك”.. كما يقول بدران، والأغلب ألّا يحدث، لكن المؤكد أنّ السلطة السياسية السورية ستكسب بالمنطق السياسي موقفها للأحداث الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والشعب سيتبهدل معيشياً”.

“هزة” للاقتصاد المهزوز!

 

إذاً، تأثير الحرب الروسية- الأوكرانية بات واقعاً، والأسباب كثيرة، وجد فيها بعض الخبراء “مقدمة مقنعة للحكومة” لرفع الأسعار، في حين وصفها الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف، ضمن تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” بأنها “هزة قوية للاقتصاد السورية المهزوز”. وأكد أنّ الأزمة في أوكرانيا سيكون لها تبعات على مجمل اقتصادات العالم باعتبارها سلة غذاء للعالم وتورد العديد من السلع والمواد، ولكن الفارق أنّه في حال تأثرت اقتصادات دول العالم بنسب متفاوتة من 10 إلى 20 في المئة، فإنّ الاقتصاد السوري سيتأثّر بما نسبته أكثر من 150 في المئة “على اعتبار أن سورية وضعها مهزوز اقتصادياً”.

ويتساءل يوسف:”لماذا لا يتم اللجوء إلى المخزون الاحتياطي في مثل هذه الأزمات للتخفيف من حدة الآثار على الاقتصاد بما ينعكس على الأسعار وتوفير المواد؟!”. في الوقت الذي يؤكد فيه بدران أنّ “الدولة لاتملك مخزون احتياطي من القطع الأجنبي، فاقتصادنا منهار أصلاً ونحن نعيش على مساعدات الحليف ورمق الدولار من الاغتراب وغيره من بعض الاستثمارات التي حصلت مؤخراً في المرفأ والمبقرة والفوسفات والسماد”.

ويشير يوسف إلى أصل المشكلة حول هذه النقطة والتي تكمن في أنّه ” طالما المصرف المركزي متحكّم في السيولة ويمنع الاستيراد والتداول بالنقد السوري سيزداد الوضع الاقتصادي سوءاً أكبر، فالمهارة ليست في تثبيت سعر الصرف في المصرف المركزي وإنما في الأسواق وهو ما تعجز عنه الحكومة”.. حسب قول يوسف.

“زراعاتنا تكفينا”.. بشرط!

في عرض للواقع الاقتصادي المأزوم “حتى ما قبل الحرب الروسية_ الأوكرانية” يتحدث خبراء الاقتصاد عن ضرورة الالتفات إلى القطاع الزراعي، والذي هو الأساس في الصناعة الوطنية التي تعتمد على الإنتاج الزراعي من القطن إلى الذرة وعباد الشمس وفول الصويا والشوندر السكري. وتساءل الخبراء:” لماذا لا تتعامل الحكومة مع المزارعين بمنع توريد المنتجات التي لها مثيل محلي لتدفع بهذه المنتجات للازدهار، كماً ونوعاً، ولماذا لا تحمي الحكومة الآلاف من مزارعي دوار الشمس، ومثلهم من مزارعي الصويا والذرة بمنع استيراد الزيوت لدفع الصناعيين للذهاب الى المزارعين لدعمهم ودفعهم لزراعة المحاصيل المنتجة للزيوت وكل ما يُمكن إنتاجه محلياً لنصل إلى ذروة الإنتاج وصفر الاستيراد وسط هذه الأزمات؟!”.

وفي السياق، يشير يوسف إلى ضرورة تسعير المنتجات الزراعية بما يتناسب وتكاليفها كي تستطيع مؤسسات الدولة الشراء من المُنتج مباشرةً وليس من التاجر بشروطه، فـ”سورية بلد غني متنوع بالموارد والمناخ ويُمكن أن يُنتج كل ما يحتاج إليه من غذاء، وبالتالي مواجهة انعكاس ما يجري في العالم على الوضع الداخلي، خاصةً وأنّا في بداية جني مواسم كالقمح، وفي بداية زراعة مواسم أخرى كالذرة والشوندر السكري وعباد الشمس والقطن وفول الصويا والبطاطا والتبغ، وفي حالة رعاية لمواسم أخرى كالزيتون والحمضيات وكل أنواع الفواكه، وعندما نُحسن الزراعة لن نكون بحاجة لتوريد أي من احتياجاتنا الغذائية وسيتم الاكتفاء بها محلياً”.

لكن، بدران يشير إلى نقطة مهمة تتعلّق بعدم وجود معادلات علمية حقيقية لحساب الكلف الزراعية، ما يعيق تنفيذ الفكرة السابقة، مضيفا:” لدينا إنتاج زراعي من الممكن أن يسدّ الحاجة المحلية، وإن كانت أسعاره عالية، لكن المشكلة تكمن في أنّه لا توجد أسس تسعير صحيحة، كما أنّ مدخلات الإنتاج ليست محلية من بذار ومبيدات وسماد وكذلك المحروقات وكلها بالدولار، وبالتالي من الطبيعي أن تتأثر بارتفاع الأسعار العالمية”.

الموازنة.. غير حقيقية!

مع خطط الحكومة “التقشفية” لا بدّ من العودة إلى أرقام موازنة الدولة للعام الحالي، لمعرفة مدى قدرتها على مواجهة الأزمة الجديدة، رغم أنّ بياناتها كانت قد ألقت المزيد من الضوء حول حجم الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تعاني منها الحكومة السورية بفعل العقوبات المستمرة عليها، وتمّ إقرارها مع تخصيص نحو نصف اعتماداتها للدعم الاجتماعي، على وقع أزمات اقتصادية ومعيشية متلاحقة بعد أكثر من عقد من الحرب.

ويؤكد الخبراء أن معطيات موازنة العام الحالي ليست قادرة وغير كافية لتحريك عجلة الإنتاج أو التخفيف من تأثير انفجار التضخم وانعكاسات غليان الأسعار على معيشة الناس، وبالتالي كيف ستنقذ الوضع الحالي في حال استمرت الحرب الروسية_ الأوكرانية، وأثرها على الاقتصاد السوري؟.

وبلغت اعتمادات الموازنة، 13.3 تريليون ليرة، أي ما يُعادل 5.3 مليار دولار وفق سعر الصرف الرسمي المحدّد عند 2512 ليرة مقابل الدولار، ويتساءل بدران:”ما مدى مصداقية أرقام الموازنة؛ هل هي حقيقية وهل تمثّل المعادلة العامة الموجودة في سورية، وفي حال تمّ حساب الموازنة على سعر الدولار في السوق السوداء فهي تبلغ 3.8 مليار، و5.3 حسب سعر الصرف الرسمي، فهل الأرقام متوفرة بالدولار أو بالليرة السورية.. نحن نحتاج لمعطيات صحيحة لمعرفة إدارة الأزمة الراهنة”.

السوري بطل الترشيد”!

في النهاية، لايحتاج الموطن السوري الذي يعايش أشكال التقشف منذ عقد إلى دعوات جديدة من الترشيد وكأنّه كان من “المسرفين” بل إنّ كل ما يتمنى تحقيقه تأمين مستلزماته الأساسية بما يتناسب مع دخله “المحدود جداً”.

 

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

مقالات ذات صلة