الأحد, نوفمبر 3, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالحرب في تصور آخر..

الحرب في تصور آخر..

هاشتاغ_رأي نضال الخضري

المشهد الدمشقي في أول أيام العيد يلخص الحرب، ويضعها في دائرة مختلفة عما اعتدناه من صراعات طوقتنا طوال أحد عشر عاماً، فالصورة لا ترتبط بإطلاق سراح موقوفين فقط، إنما بالتوق لشطب مرحلة من الذاكرة، ونسيان أن الاضطراب يخطف البهجة ويكتب المجتمع حروفا من قلق.

هناك توتر بيننا كسوريين على امتداد أكثر من عقد كامل، وتفكيكه يتطلب رؤية “العفو” كعلاقة متبادلة لا يمكن الحياة دونها، ويدفع لكتابة سطور سريعة من تاريخ سورية حول حرب لم تنتهِ بعد، لكن قدرتها على كسر ذاتنا بدأت بالتلاشي.

ولكي يصبح المشهد أكثر وضوحا يمكن النظر إلى سنوات “التغريب” بعيدا عن المرويات، لأنها خلل بالدرجة الأولى، وعدم قدرة علاقاتنا الاجتماعية على ملامسة ترابط المصالح مهما افترقنا، ففي السنوات الأولى كانت “الرواية” سيدة الموقف، وبقيت رغم تراجع زخم الإعلام الذي يحتضن الحدث السوري؛ وكأنه رغبة توحش تجعل الشاشات تلمع لتخطف بريق الأبصار، فكل التزاحم الذي تناقله البعض على وسائل التواصل الاجتماعي هو فيض الاضطراب، وهو الرسم النهائي عن القلق السوري بعيدا عن أي طرف “متورط” في دحرجة العنف.

ربما نحتاج لسنوات حتى نعيد قراءة الحرب ضمن تصور يراها عجز في “العلاقات”، وخلل في تفكير يجعل “السردية” مطلقة مهما كان طرفها، فتصبح حرب الروايات خلاصة لعدم القدرة على خلق عصبية للمجتمع، وعجز للسياسة عن الإنتاج الحقيقي، وحرب الرواية ليست جديدة، لكنها تحولت إلى مساحة تحاصرنا جميعا، وتجعلنا مهووسين بتتبع تفاصيل تعجز عن خلق بداية جديدة، فسنوات الحرب كانت رغم قسوتها دليل على أننا لا نستطيع إنتاج الأفكار بل حكايا تصرعنا أمام سيل من الأخبار والتحليلات العقيمة.

“الرواية” الأولية في عقلنا لم تسر وفق شكل “أرسطي” فيه نداء المغامرة، فما حملناه منذ الأيام الأولى “نداء الغرابة”. كنا نحاول إقناع أنفسنا بأن العودة للاستقرار أمر ممكن، لكن قدرتنا على خلق سرديات متصارعة كان الأقوى، وكانت “الغرابة” تشدنا نحو وهم استيعاب كل المسارات، وعندما نقف اليوم فإننا لا نستطيع “المحاسبة” لأنها تريد محاكمة “زيف السردية” الأولى التي تنتقل اليوم من محفل دولي لآخر، وتجعلنا مدهوشين من قدرتنا على تشتيت أنفسنا، وبعثرة الصورة في كل العواصم العالمية.

لنبدأ برواية جديدة ترسم “النص السوري” على أنه مغامرة لخلق عوالم رغم القسوة، وهذه المغامرة ليست تجربة فريدة لأننا نملك امتداد من الافتراق والتآلف يتجاوز مألوف الزمن العادي، فنحن و “النص السوري” خبرة تطال البشرية وتضعنا في مساحة القدرة على شطب كل الألوان القاتمة التي رافقتنا لأكثر من عقد كامل، وجعلها صفحة عابرة في موسوعة سوريّة تملأ الخيال واالإبداع، وتستطيع تكويننا من جديد.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة