هاشتاغ_رأي أيهم أسد
يحدد علم الاقتصاد مفهوم “السوق”، على أنه آلية لتخصيص الموارد الاقتصادية في المجتمع.
فهو عبارة عن بنية قانونية اقتصادية ثقافية سياسية مركبة قادرة بفعل آلياتها العفوية على تحقيق التوازن الاقتصادي العام،
شريطة عدم تدخل الدولة في عملها، أو تدخلها في الحدود الدنيا.
وانطلاقاً من ذلك، وبغض النظر عن مدى دقة توصيف السوق وجدواها الحقيقية، فإن للسوق في نهاية المطاف مبادئ وقواعد
عمل إيجابية تُحترم من قبل الفاعلين فيها سواء كانوا أفرادا أم مؤسسات خاصة أم حكومات،
ومن تلك المبادئ الإيجابية:
السوق تنافسية: أي أنها تسعى دائماً لاقتناص أي كفاءة وأي حالة تميز وهي تبحث عنها وتتنافس مؤسساتها للحصول عليها.
السوق عادلة: أي أنها تحدد الأجور بالاعتماد على الكفاءات والخبرات الحقيقية للأفراد ولا تبخس أحداً حقه.
السوق ضامنة: أي أنها تضمن حقوق المنتمين إليها وفق قوانين الضمان الاجتماعي والحد الادنى للأجور وقوانين العمل.
السوق تطورية: أي أنها ترفض السكون وتسعى للحركة في الإدارة والإنتاج والابتكار بشكل مستمر.
السوق مخاطِرة: أي أنها تغامر في استثمار أفكار ليس من الضروري أن تضمن نتائجها من حيث الربح أو الخسارة.
ومقابل ذهنية السوق وبنيته توجد في الطرف الآخر
عقلية “البازار”، تلك العقلية التي تتميز بـ:
عقلية لا مبدئية: لا تحكمها أية مبادئ وقواعد أو مواثيق عمل مهنية.
عقلية غير خبراتية: بمعنى أنها لا تقدر تراكم الخبرات ولا تثمن ذلك التراكم.
عقلية غير تطورية: فهي لا تؤمن بالتطوير وتراكم المعارف بقدر ما تؤمن بالحصول على الحاجة
الآنية من المعرفة والخبرة والاختصاص.
عقلية متقلبة: يسودها نموذج المزاجية الآنية المتقلب حسب الظرف.
عقلية مساومة: تخضع لقواعد المساومة المرحلية أكثر مما تخضع لمرجعيات محددة وثابتة.
عقلية تخصيصية: بمعنى أنها تحاول تفصيل وتركيب معاييرها على حالات معينة دون سواها
ولاعتبارات خاصة أحياناً.
عقلية انتهازية: تستغل الظروف لتحقيق مكاسب خاصة على حساب حاجات الأفراد وقدراتهم.
في الكثير من قطاعات العمل في الاقتصاد السوري تسود علية “البازار” وتسيطر على معايير سوق العمل،
وذلك على الرغم من التشدق الدائم بعبارة “هذا هو السوق”.
نحن نرى المساومة على الخبرات والكفاءات وأصحاب المعارف العلمية وأصحاب المهارات العملية المتراكمة،
نراها كلها خاصة لعقلية “البازار” بكل تفاصيلها.
لكن عندما تغيب قواعد السوق الإيجابية وعندما يغيب الدور الحكومي عن حماية حقوق
أهل العلم والخبرة فليس من الغريب أن تسيطر عقلية “البازار”.
عقلية “البازار” هي إهانة لعلم وخبرة الإنسان أياً كان مستواه التعليمي والمهني.