الأربعاء, فبراير 5, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةكلام الناسالعُجيلي والعدالة والقيم

العُجيلي والعدالة والقيم

هاشتاغ – أيهم أسد

يروي الأديب والسياسي السوري الراحل عبد السلام العجيلي في كتابه “جيل الدربكّة” الصادر عام 1990 قصة ذات بعد قيمي وأخلاقي تحمل معنى كبيراً، كما تحمل في طياتها بعداً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً عميقاً أيضاً.

تقول تلك القصة التي حصلت عام 1963 أمام العجيلي خلال زيارته لفنلندا أن امرأة من قبائل “اللابلاند” الفنلندية والمشهورة برعي الوعول في ثلوج بلدة “إيفالو” التي تبعد عن العاصمة هلسنكي خمس ساعات سفر بالطائرة حينها، قد أصيبت بأكزيما في مرفقها وأن الطاقم الطبي في مشفى المدينة رفض إخراجها قبل تعافيها الكامل رغم أن إصابتها كانت تسمح لها بالخروج.

وعندما سأل “العجيلي” الطبيب المقيم عن سبب إبقائهم للمرأة في المشفى وعن سبب حجزها لسرير ضمن المشفى رغم قدرتها على الخروج، أجابه الطبيب الشاب: العجوز من “اللابلاند”، بمعنى أنها من قبيلة متنقلة، فإذا لم نمسكها في المشفى ارتحلت مع قبيلتها مهملة معالجة نفسها دون أن تشفى، وواجبنا نحو المواطنين أن نعمل على شفائهم بكل وسيلة.

هنا يطرح العجيلي سؤاله الهام جداً ويقول: ما الذي أوصل العدالة الاجتماعية في فنلندا إلى شمال الدائرة القطبية؟

يبدو أن جواب هذا السؤال الذي طرحه العجيلي هو كلمة واحدة فقط:
إنها “القيم” ………..القيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

قيم العدالة الاجتماعية التي لم تأت من فراغ بل جاءت حصيلة تطور اجتماعي وسياسي تاريخي كبير أفضت في نهاية المطاف إلى بناء منظومة حماية اجتماعية قادرة على الوصول إلى كل مواطن وفي أي مكان.

قيم المواطنة والانتماء والمسؤولية والشعور بأن الجميع يهمه الجميع وبغض النظر إن كان من سكان المدن أم من سكان القبائل المتنقلين هي التي أمنت امتداد نظام الحماية الاجتماعية من مراكز المدن إلى أقصى مناطق الدولة.

قيم الإنسانية التي تقول كلمتها الفصل بأن الإنسان هو الإنسان وحقه هو حقه أياً كان وأين كان.

الحماية الاجتماعية هي جزء من العدالة الاجتماعية .. والعدالة الاجتماعية هي منظومة قيم سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية قبل أن تكون مجرد منظومة تقنية تعبر عنها المشافي والمدارس والرعاية الاجتماعية وقبل أن تكون منظومة تمويل يعبر عنها بحجم الإنفاق العام.

يكفي أن أسأل الآن: أين نحن من قيم العدالة الاجتماعية اليوم؟

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة