هاشتاغ_ ايفين دوبا
على ما يبدو؛ لا تمل الحكومة من إعطاء الوعود المؤمّلة، ورفع الشعارات البراقة، ورغم كل الأزمات التي مر بها الشعب، إلا أنها عادت مرة أخرى، و”طنبرته” عبر إطلاق الأمل للعام القادم، بتوافر القمح، وعدم انقطاع المادة في الأسواق، ما يعني توافر الخبز، دون عودة إلى أزمات الانتظار التي عاشها.
وهذه المرة، كانت وزارة الزراعة، صاحبة إطلاق تلك الشعارات، حين، أعلن وزيرها أن العام القادم هو للقمح باميتاز، وبالتالي، يمكن للمواطن العادي أن يفهم أن “كل المزايا ستكون متوفرة، والاحتياجات متوافرة، للحصول على النتيجة المطلوبة في عام القمح”.
لكن، ما حصل أن، تلك الوعود والشعارات، لم يتحقق منها سوى الكلام، ولم يحصل عدد كبير من الفلاحين على السماد المطلوب من أجل زراعة القمح، وطبعاً التبريرات في حال وجدت، ترجم غالباً الحصار الخارجي، والعقوبات المفروضة، في حين، يؤكد عدد آخر من الفلاحين، توافر المادة “السماد” قي السوق السوداء، فمن أين أتى؟!.
ليس بعيداً عن توافر السماد من عدمه، يكمن السؤال الأساسي، في “على ماذا اعتمدت الحكومة ضمن بياناتها حين أطلقت شعار عام القمح، وهل كانت على دراية بالوضع الحالي، أم أن الشعارات أطلقت لمجرد الظهور، أو من الممكن أن حدثاً كبيراً حصل معها ومنع تحقيق المرجو؟!”.
السنابل الذهبية!
إذاً، لا يغالي السوريون حين يعتريهم تفاؤل بعام جديد وافر بـ”الغلات” إثر سنوات عشر عجاف، خاصةً بعد الإعلان عن أن العام المقبل هو عام القمح، في رغبة بإنعاش المخزون الاحتياطي الداخلي الخالي من الطحين، والتخفيف من وطأة استيراده.
ومن أجل ذلك أطلقت وزارة الزراعة، سلسلة لقاءات وحملات تحض الفلاحين بالاتجاه إلى زراعة القمح وإنتاجه، وزيادة النسبة المحددة من 60 إلى 80 في المئة من المساحات المزروعة.
في الوقت نفسه، فإن الاتجاه نحو “السنابل الذهبية” لا يخفف التكاليف التي تتكبدها الخزينة العامة من النفقات بالعملة الأجنبية وحسب، بل بات أمراً ملحاً لما تشهده الأسواق العالمية من ارتفاع في أسعار القمح منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بحسب منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، مدفوعةً بقوة النشاط التجاري والتوقعات بتراجع الإنتاج.
الاكتفاء.. و”الطامة الكبرى”!
باتت كل الأراضي مستهدفةً بالزراعة، وشعار القمح هو الأول، إذ يتصدر قوائم الإنتاج، خاصةً وأن الموسم الحالي منه كان وفيراً بعد هطول نسبة أمطار مرتفعة، وبلغت التقديرات ما يقارب ثلاثة ملايين طن.
وقبل عام 2011 كانت سورية تكتفي بإنتاج أربعة ملايين طن، تصدر ما يفيض عنها، وقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح عام 2007 قرابة 1.7 مليون هكتار، أنتجت ما يزيد على أربعة ملايين طن بمتوسط إنتاج قدره 2423 كيلو غراماً للهكتار الواحد من النوعين الطري والقاسي.
وفي سنين مضت، نعمت سورية بمخزون احتياطي يكفيها لسنوات من دون إنتاج، مع اتساع رقعة الصوامع المنتشرة في الأرياف لتستوعب الفائض الكبير من الإنتاج المتراكم في كل موسم.
ومع هذا شكل خروج أراض زراعية في الجزيرة السورية وضفاف الفرات، “طامة كبرى” بالنسبة إلى الحكومة التي تعاني من انخفاض منسوب المخزون الاحتياطي واستنزاف القطع الأجنبي جراء الشراء من موسكو؛ الأولى عالمياً بين الدول المصدرة للقمح.
استنزاف محصول القمح ليس الوحيد، بل خرجت من دائرة الإنتاج نسبة كبيرة من محاصيل القطن والشعير وغيرها. ويلف الأمل السوريين بعودة أراض في أرياف كل من حلب وحمص وحماة ودمشق شهدت حروباً، إلى العمل والعطاء، إلا أن تصريحات حكومية تفضي إلى ضغط متواصل تمارسه المجموعات المسلحة وعلى رأسها “قسد” على المزارعين لعدم تسليم إنتاجهم لمؤسسة الحبوب.
“المشكلة من الشام”!
في شكاوى عدة وردت إلى “هاشتاغ”، قال فلاحون، إنهم لم يستلموا الدفعة الثانية من حصتهم للقمح، محذّرين من أنه في حال تم التأخير فيها، فإن “حسابات البيدر” لن تكون على قدر المتوقعة.
يقول أحد الفلاحين:”المشكلة أننا زرعنا الأرض، ودفعنا الرسوم الواجب دفعها منذ ما يقارب الشهرين، وكانت حجج الجهات المعنية أن مساحة الأرض المزروعة كبيرة، وبالتالي يجب إعطاء السماد على دفعات، وبعد إعطاء الدفعة الأولى اللازمة لبدء زراعة القمح، لم تعطِ المصارف الزراعية، الدفعة الثانية” مضيفاً “منذ ما يقارب الشهرين، لم تدخل محافظة حلب، حبة سماد واحدة، وتقول تلك الجهات الموجودة في حلب للفلاحين، أن المشكلة في الشام”.
بمعنى آخر، فإن فرع المصرف الزراعي في حلب لم يستطع توزيع الكميات الواجب تسليمها للفلاحين، بسبب عدم تسلمه تلك الكميات من الإدارة العامة للمصرف الزراعي.
ويتابع الفلاح:” يختلف السعر كل يوم، والزرع في حال لم نحصل على السماد المطلوب حتى نهاية الشهر الحالي، لا يمكن أن يعطي النتيجة المرجوة، وبالتالي في حال تأخر موعد التسليم، لا نفع من وجود السماد بعدها”.
وحسب الكمية التي حددتها وزارة الزراعة، فإن كمية السماد “المدعوم” الواجب تسليمه للفلاحين، تقدر بثلاثة أكياس من السماد لكل هيكتار، موزعة على فصلين، ويبلغ ثمن كيس السماد الواحد تسعة آلاف ليرة، في حين يباع في السوق السوداء ب80 ألف ليرة.
وتبلغ حاجة الفلاحين، لزراعة كل 1 هيكتار قمح، ما يقارب خمسة أكياس من السماد، يتم “دعمه” بثلاثة أكياس، والاثنان الباقيان يتم شراؤهم من السوق السوداء.
“جواب الشام: لستُ صاحب قرار”!
إذاً، المشكلة كما جاءت على لسان العديد من الفلاحين في شكواهم، تكمن في تأخر وصول توريدات السماد من الإدارة العامة في المصرف الزراعي.
وحسب شكاوى بعضهم، فإن هدف التأخير هو “لفائدة بعض تجار القطاع الخاص الذين يقومون ببيع الماد بعشرة أضعاف السعر المدعوم، وهذه الفائدة تتقاسمها الجهات المسؤولة عن تأخر وصول السماد إلى الفلاحين”.
مدير عام المصرف الزراعي، ابراهيم زيدان، قال في تصريح خاص لـ”هاشتاغ”، رداً على الشكاوى التي تصل من الفلاحين، حول تأخر استلام مخصصاتهم من السماد إنه “ليس صاحب القرار”، وأعاد السبب إلى العقوبات المفروضة على البلاد، والتي تمنع وصول التوريدات المطلوبة من السماد، دون أن يعطي أي أشارة تحدد موعد وصول تلك الشحنات.
وأوضح زيدان:”في العام الحالي، تم إعطاء الفلاحين والمزارعين كامل الدفعة الأولى من السماد، والبالغة 600 ألف طن، في حين تبلغ الدفعة الثانية المنتظرة أكثر من 20 ألف طن، والحكومة جادة في توزيعها” حسب قوله، معيداً سبب التأخير إلى العقوبات الجائرة وقانون قيصر، “كما أن معامل الأسمدة في طور التأهيل من قبل الشركة المستثمرة لتوفير الاحتياجات اللازمة”.
وقدرت الحاجة من السماد للموسم الحالي، كما يقول زيدان، ب200 ألف طن سوبر فوسفات، و 300 ألف طن من اليوريا، كما أنه عند تسعير الحبوب للموسم الحالي، تم الأخذ بعين الاعتبار عدم توزيع كامل الأسمدة الآزوتية، وحساب تكاليف إنتاج القمح حسب سعر السوق.
استعراض.. “تواضع”!
خبير اقتصادي، رفض الكشف عن اسمه، فنّد كل الذرائع والحجج التي تسوقها الجهات صاحب العلاقة حول موضوع السماد .
يقول الخبير في حديث لـ”هاشتاغ” إنه “لا يوجد أي استعداد حكومي لسماع المشكلة المتعلقة بالسماد، وهم يعرفون الخلل ومكامنه، وما يجري في وزارة الزراعة عبارة عن استعرض لتواضع شخصيات الوزارة، والفاسدون لا يزالون في أماكنهم، سواء كان بموضوع السماد أو غيره”.
ويؤكد الخبير أن عملية ترخيص السماد كلها خاطئة، وأن أول ما يجب القيام به هو تقدير كميات السماد، والتي هي “عناصر كبرى وصغرى”، الكبرى تشمل ” الآزوت والفوسفور والبوتاس والكالسيوم والمنغنزيزم إلى حد ما والكبريت والصوديوم”، والصغرى تشمل الحديد والنحاس والمنغنيز والزنك”، والأساس المعتمد في سورية بالنسبة إلى السماد هو “يوريا ونترات الأمونيوم والسوبر فوسفات”.
ويوضح بأن “أول نقطة يجب القيام بها، هي تقدير كميات الأسمدة، وهذا أول خلل في عمل الوزارة، وهو أن الكميات التي تقدرها الوزارة خاطئة، وبفروق هائلة، ورغم التنبيه إلى أن هذه الفروق هائلة، إلا أن المعنيين بالامر لا يعرفون حساب تلك الكميات”.
ويقول الخبير، إنه “على سبيل المثال، حول اليوريا، قال مدير المصرف الزراعي خلال اجتماع مع وزير الزراعة، إن 50 ألف طن تمثل 75 في المئة من الحاجة المطلوبة لمحصول القمح، وهي المتوافرة في المصرف الزراعي، وستكون كلها لزراعة محصول القمح، وهذا الرقم “مضحك”، حسب قول الخبير، فنحن نحتاج إلى عشرة أضعاف هذا الرقم، بناء على المعادلة الصحيحة التي يجب حسابها، للقمح وحده”.
وبأدنى المقاربات – وفقاً للخبير – نحتاج ما بين 330 إلى 600 ألف طن من اليوريا فقط للقمح، وفق المعادلة السمادية، والحاجة إلى السوبر فوسفات مثلها، ولكن لا يوجد منها، لكي يتم إعطاؤها للفلاح، ولم يتم توزيعه”.
إذاً -يضيف- لم يتم تقدير الكميات بشكل حقيقي، وبالتالي يجب على وزير الزراعة سماع من يخالفه علمياً، وليس الاستماع فقط إلى “الببغاوات” من حوله، والدليل هو الميدان، فعلى أرض الواقع لم يتحقق شيء من الكلام السابق، وكل الأسعار تضاعفت.
على موقع الوزارة يتم الحديث عن أنه تم تأمين حاجة البلاد من السماد، ولكن التعليقات كلها تكذب الموضوع، وغالباً ما يتم حذفها.
كيف تم تقدير الأرقام والكميات المطلوبة؟
بعد التصريح الأول لوزير الزراعة، ومعه مدير المصرف الزراعي، تم تصحيح المقال، كما يقول الخبير، وقالوا إنه تم توزيع الكميات المطلوبة من الدفعة الأولى للسماد والبالغة 85 ألف طن يوريا للقمح، ما يعني أن” الأرقام كذب وتشليف، لا يوجد أي ضمان أن الأرقام صحيحة”، ولدى السؤال عن المعادلة، وليس للقمح فقط، وإنما للبيوت البلاستيكية، طرحنا شكلاً لمعادلة، لتكون أساس لكميات الأسمدة المطلوبة في القطر، لكن الرد كان في أنهم “لم يحاربونا فقط، بل جرّمونا”.
وحسب كلام الخبير، فإن الجداول المستخدمة من أغبى الجداول في العالم، ولا توجد دولة في العالم، تقبلها، كلها أخطاء إملائية وحسابية، وعند مواجهة الجهات المختصة رفضت تصحيحها.
الموضوع.. “أمني”!
خلال البحث عن كميات الإنتاج المحلية من الأسمدة، حاولت العديد من الجهات المختصة تبيان الامر، وكأنه “أمني” ورفضت إعطاء أي تصريحات حول الموضوع.
حتى أن مبيعات المصرف الزراعي خلال سنوات الأزمة، شكك فيها الخبير الاقتصادي، وقال إن “شغلهم الشاغل هو الكذب في الأرقام”.
وتم التذرّع بأن الموضوع أمني، يتدخل فيه الروس بعد أن بدء استثمارهم لمعمل الفوسفات في حمص، وبالتالي، لا يمكن إعطاء أرقام وإحصائيات.
ويجيب الخبير : “أعرف الفرق بين المعلومة سرية، والمعلومة التي لا يمكن إعطاؤها لأنها تفضح فسادهم، متسائلاً “بلد انشق فيها رئيس الحكومة، ونائب رئيس الحرب الكيماوية، هل يوجد فيها أسرار؟”.
يضيف الخبير “معمل السوبر فوسفات، توقف عن العمل ومن ثم استثمره الحليف الروسي، و”لا نعلم هل العقود مجحفة بحقنا أم لا قبل الاطلاع عليها”.
ويتابع الخبير :” هناك معمل خاص يعد بإنتاج نسبة كبيرة من السوبر فوسفات ولكن لا نعرف نسبة جودته”، بمعنى آخر، كما يقول الخبير، هناك “حالة من التكتم، هو خوف من إظهار الفشل وخوف من الحلول”.
السوق السوداء.. والندرة!
حسب شكاوى الفلاحين، فإنه مع غياب السماد الحكومي، تنشط السوق السوداء للإتجار به، وبأسعار خيالية، وعن هذا الموضوع يقول الخبير، إن “السماد غير موجود في السوق السوداء، وهذا خطأ يقع فيه عديدون، و شرط وجود السوق السوداء هو الندرة”، وليس الوفرة “قد مابدك”.
بمعنى أن السماد موجود بكميات معينة، وللمقتدر، ولكن يتساءل الخبير “كم واحد قادر يدفع السعر، وماذا يعادلون من مجمل العائلات السورية؛ واحد من الألف، أو من 100 ألف، هناك إنتاج كلي من المادة، وهذا لا يجب نسيانه”.
“مافي مصاري”!
مدير المصرف الزراعي، يقول إن شحنة من الأسمدة تم توقيفها في عرض البحر، بسبب العقوبات المفروضة على سورية، والخبير الاقتصادي، يقول، إنه لا يوجد أموال “وبس تحضر المصاري مافي شي مابيحضر”.
بمغنى أن العقوبات حجة؛ حيث يدخل إلى البلاد قطع غيار سيارات وموبايلات، وو فمالذي يمنع دخول الأسمدة؟
ويكمل الخبير:”حتى الحليف الروسي لا يمكن أن يعطينا شيء دون ثمنه، إلا في حال تهدد وجودنا فهو يعطينا ما يسد الرمق لأننا حليف استراتيجي”.
وفي مثال على ذلك، تصدر روسيا 40 مليون طن قمح من أصل الإنتاج 75 مليون طن، وحاجة سورية هي مليونين و500 ألف طن قمح، لماذا لا تعطينا.. الجواب واضح: “نريد ثمنه”!.
ما هو الحل؟!
الحل، من وجهة نظر الخبير الاقتصادي يكمن في الاعتراف بالكميات الحقيقة التي يحتاجها القطر لكل المحاصيل، ووضع المعادلات بشكل علني وعلمي، فليس لدينا “ما يسد الحاجة الفعلية للبلاد”.
كما يجب إصدار جداول مبيعات المصرف الزراعي في كل عام والاعتماد عليها في تقرير يفصل هل تم سد الحاجة المحلية أو لا، وإظهار أرقام القطاع الخاص، في مجال الأسمدة وبالتفصيل ولكل نوع من الأسمدة.
ويتساءل: هل البنية الإدارية لهيئة البحوث ووزارة الزراعة قادرة على التصدي لمشكلة الأسمدة، وهل المخابر التي تعنى بتحليل التربة لديها ضبط جودة داخلي وخارجي، ومعلن فعلاً”؟.
إذاً، نحن بحاجة إلى أن ننتج وننافس، لا أن نستمر بالعملية نفسها، خاصة مع وجود خلل كبير بالقطاع الخاص، لا يقل أهمية عن الخلل في القطاع العام.
وعن هذا الخلل، يقول الخبير:”إن عملية ترخيص الأسمدة للقطاع الخاص، فيها شوائب، ومعروف سعر كل لجنة، والوزير يعلم هذا الكلام، فكله يتحقق عبر الرشاوي .
لافتاً إلى أن ما يخصل خلال عملية الترخيص، في أغلب الأحيان، لتاجر من قطاع خاص “يتم أخذ العينة بطريقة غير عشوائية ويرسلونها مع مبلغ الرشوة لترخيص النسب المحددة، وهذا كله تزوير، حيث لا يوجد لدينا مخابر تقيس بشكل صحيح، وفي حال تم تحليلها لا يتم حساب النسب بطريقة صحيحة، وقد تصل الفروقات إلى 500 في المئة”.
ومع كل الأخطاء التي يقع بها القطاع العام والخاص، على السواء، ثمة أراضٍ تنتظر السماد، وفلاحين يحلمون بالإنتاج الوفير، ومواطنين يأملون يتوافر المادة دون انقطاع، وتبقى مهمة الوزارة تأمين السماد للمزارعين، ويختم الخبير “كمية السماد قليلة في الأسواق، ما ينتجه القطاع الخاص والرزاعة والصناعة لا يكفي لسد حاجة السوق من السماد”.
سباق حكومي.. منقوص!
إذاً، السباق الحكومي للظفر بوفرة المنتج الزراعي يأتي وسط إرباك واضح المعالم ظهر جلياً في أزمة توزيع مادة الخبز وتقنينه المستمر، ما دفع إلى رفع سعره إلى الضعف في قائمة المواد الغذائية، المدعومة حكومياً.
في غضون ذلك، شقت مجالس إدارات المدن والمحافظات السورية وقطاعات الزراعة صاحبة الشأن طريقها باتباع الخطط الحكومية مع تأمين السماد والحبوب اللازمة وسط انتقادات المزارعين من غلاء السماد.
وتحدثت بعض الهيئات المشرفة على الموسم الزراعي أن المزرارعين تسلموا كل كميات السماد، وأن زراعة المحصول من دون سماد لا يخفض من قيمة المردود سوى 15 في المئة، مقارنة مع المحصول المسمّد مع توزيع كل الكميات المناسبة.
حتى أن مدير المصرف الزراعي يقول، إن الكميات والمعدلات ليس لها علاقة بالسماد، “فالمعادلة محسوبة من البحوث وعلى أساسه يتم التوزيع”، وفي “سنوات الوفرة الماضية، تم إعطاء فلاحي الفوطة أسمدة زيادة، وعند التسميد، أصيبت الأرض بتسمم آزوتي، ولم يزداد الإنتاج” حسب قول زيدان!
يجيب الخبير على هذا “الهذر” بالاطلاع والاستلهام والتعلم من التجربة المصرية في مجال زراعة القمح، حيث أن المساحة المزروعة فيها هي نفسها المحددة في سورية، وتشمل مساحة مليون ونصف المليون هيكتار، وبينما “تحلم” وزارة الزراعة السورية بإنتاج ثلاثةملايين طن من القمح، تنتج مصر بالمقابل ثلاثة أضعاف هذا الرقم؛ أي تسعة ملايين طن من القمح سنوياً، لماذا… الجواب ببساطة هو بسبب توافر كل العناصر اللازمة، وعلى رأسها السماد.