هاشتاغ – ترجمة
في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة إستراتيجيتها حيال سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وتولّي هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع قيادة البلاد، ترتفع أصوات داخل الإدارة الأمريكية لمقايضة رفع العقوبات عن الحكومة السورية الجديدة بقرار من تلك الحكومة إغلاق القواعد الروسية في طرطوس واللاذقية.
وفي تقرير أعدته صحيفة “ذا هيل The Hill” الأمريكية أشارت الصحيفة إلى أن العقوبات الأمريكية على سوريا تمنح واشنطن نفوذاً هائلاً للتأثير على الحكومة الجديدة برئاسة الشرع، المُصنّف من قِبل الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.
في الشهر الماضي، قدّم مسؤولو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لممثلي الشرع قائمة شروط لرفع العقوبات في نهاية المطاف. لكن إزالة الوجود العسكري الروسي من البلاد لم تكن مدرجة في هذه القائمة، وفقاً لشخصين مُطّلعين على الوضع.
ونقلت الصحيفة عن أحد الأشخاص المُطّلعين على الأمر قوله: “هناك نقاش داخلي واسع النطاق داخل الإدارة حول الموقف المُتّخذ من القاعدة الروسية”، موضحاً أنه تمت مناقشة هذا الأمر داخل وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وكان هناك ضغط من بعض المسؤولين في الإدارة لإزالة القاعدة الروسية، بالرغم من أن إخراج القوات الروسية من سوريا ليس ضمن الطلبات الأمريكية الحالية لرفع العقوبات.
ويقول الصقور المعارضون لروسيا في الكونغرس إن إزالة القواعد العسكرية الروسية في سوريا طلب سهل من الشرع، ومن شأنه أن يحقق مكاسب جيوسياسية كبيرة للولايات المتحدة في المنطقة.
وقال النائب جو ويلسون (جمهوري من ساوث كارولينا) لصحيفة ذا هيل: “آمل أن تُبذل كل الجهود لإزالة القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وكذلك لإزالة القاعدة الجوية الروسية في سوريا”.
لكن السيناتور جيم ريش (جمهوري من أيداهو)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بدا أكثر حذراً، قائلاً إن ابتعاد دمشق عن روسيا وشركائها – الصين وإيران وكوريا الشمالية – سيفيد الولايات المتحدة، لكن ينبغي أن “نراقب وننتظر” بشأن ما إذا كانت السلطات الجديدة في دمشق جديرة بالثقة قبل رفع العقوبات.
وكذلك دعا النائب بات فالون (جمهوري-تكساس)، عضو لجنة الاستخبارات والخدمات المسلحة في مجلس النواب، الشهر الماضي إلى طرد روسيا من سوريا، معتبراً “وجود روسيا في سوريا يفيد وكلاء إيران الإرهابيين، الذين يسعون إلى زعزعة استقرار المنطقة وتقويض مصالح الأمن القومي الأمريكي”.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتواصل مع الشرع ويعرض “تعاوناً عملياً” في وقت تواجه فيه الحكومة السورية أزمة اقتصادية خانقة، وعقوبات دولية مستمرة مفروضة على البلاد.
وفي فبراير/شباط، سلّمت روسيا ما يعادل 23 مليون دولار بالعملة السورية بالأسعار الرسمية إلى البنك المركزي في دمشق، وفقاً لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، مما مدّ يد العون للسلطات السورية الجديدة في وقت أحجمت أوروبا والدول العربية الخليجية حتى الآن عن تحويل الأموال، خوفاً من الوقوع في فخ العقوبات الأمريكية.
ووفقاً لصحيفة موسكو تايمز، أفادت التقارير أن روسيا بدأت شحنات النفط والغاز إلى سوريا في محاولة للحفاظ على قواعدها العسكرية حيث تواجه الحكومة السورية أزمة طاقة حادة دون القدرة على تطوير احتياطياتها النفطية.
وبحسب آرون زيلين، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن العقوبات الأمريكية “تخنق” سوريا، وبالرغم من الإشارات الأوروبية إلى تخفيف العقوبات، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لطمأنة المستثمرين والدول العربية الخليجية لدخول البلاد، خوفاً من مخالفة القيود الأمريكية.
وتنقل الصحيفة عن معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية، والذي قاد وفوداً دولية ودينية متعددة إلى سوريا لاختبار وعود الحكومة الجديدة بالشمولية والانفتاح قوله: “لضمان استقرار سوريا وسلامها وخلوها من إيران وغيرها من الخصوم، يجب على إدارة ترامب رفع العقوبات في أسرع وقت ممكن” موضحاً أن لدى الرئيس ترامب فرصة لجعل سوريا حليفاً للولايات المتحدة، وإبعاد الصين وإيران عن الأراضي السورية ومواردها الطبيعية.
وبالرغم من أن دعاة تخفيف العقوبات المشروط يروجون إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة في سوريا يمثل خطوة ايجابية ينبغي مكافأتها، يجادل البعض في إدارة ترامب والجمهوريين في الكونغرس أن ماضي الشرع السلفي الجهادي يجب أن يُثير شكوك واشنطن.
ويقول سيباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس ومسؤول مكافحة الإرهاب البارز في مجلس الأمن القومي الأمريكي: “لقد درست الحركات الجهادية لمدة 24 عاماً، ولم أرَ قط قائداً جهادياً ناجحاً يصبح ديمقراطياً أو مُحباً للحكومة التمثيلية”، فلا سبيل للاعتدال إلا إذا خسر القائد الجهادي. لكنه لم يخسر في دمشق، بل فاز، لذا فلنتحلَّ بالقليل من المنطق السليم”.
من جانبه قال النائب داريل عيسى (جمهوري من كاليفورنيا)، عضو اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي المعنية بالشرق الأوسط: “نحتاج إلى رؤية دلائل على أنهم يوفرون حماية متساوية لجميع الفئات، الأغلبية والأقلية، وعندما نرى ذلك، تكون لدينا بدايات فرصة”. “علينا أيضاً أن ننظر إلى تدفق اللاجئين إلى الخارج والداخل، لأن ذلك يكشف الكثير عما يعتقده الشعب السوري بشأن الحكومة الجديدة”.
وختمت الصحيفة بتصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية رداً على سؤال للصحيفة حول ما إذا كان إغلاق القواعد الروسية شرطاً لتخفيف العقوبات على سوريا، بأن الإدارة تراقب إجراءات السلطات السورية المؤقتة في عدد من القضايا، “حيث نحدد السياسة الأمريكية المستقبلية تجاه سوريا”.
وأضاف المتحدث أن “الولايات المتحدة تريد في نهاية المطاف أن تعيش سوريا بسلام مع جيرانها، وتحترم حقوق الإنسان، وتمنع الإرهابيين من استخدام أراضيها كملاذ آمن”.