أشارت تقارير غربية إلى أن استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية قد يؤدي إلى تسريع “الانهيار الديموغرافي” لروسيا، وذلك على النقيض من خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ركّز في السنوات الماضية للحفاظ على النمو السكاني في بلاده.
وقالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية في تقرير لها إنه “إلى جانب الخسائر في أرواح العسكريين الروس في ساحة المعركة، فإن تجنيد 300 ألف جندي احتياطي للانضمام إلى القتال، مع هروب عدد كبير من الرجال إلى الخارج، يعرقل أهداف بوتين المتمثلة في البدء في تحقيق الاستقرار السكاني بالفعل هذا العام”.
وكان الرئيس بوتين قد أعلن عزمه الحد من انخفاض عدد السكان العام الجاري، قبل استئناف النمو في عام 2030.
وكان بوتين أصدر مرسوما ينص على أن كل أم روسية تنجب 10 أبناء أو اكثر ستحصل على مليون روبل مكافأة.
وأعاد الرئيس الروسي إحياء جائزة من زمن الحقبة السوفيتية للنساء اللاتي ينجبن 10 أطفال أو أكثر في الوقت الذي تواجه فيه روسيا أزمة ديموغرافية تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.
وذكرت “بلومبيرغ” أن الاضطرابات الناتجة عن الحرب قد تجلب أزمة سكانية تعود جذورها إلى التسعينيات، وهي فترة من الصعوبات الاقتصادية عاشتها روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي أدت إلى انخفاض معدلات الخصوبة.
تقرير داخلي
وقالت الوكالة إنه قبل أسابيع من الإعلان عن التعبئة الجزئية للجيش في أيلول سبتمبر، أظهر تقرير داخلي تمت صياغته في اجتماع مغلق أن المسؤولين الروس قد استنتجوا بالفعل أن تحقيق هذه الأهداف كان غير واقعي.
ونقلت الوكالة عن إيغور إفريموف، الباحث والمتخصص في التركيبة السكانية بمعهد غيدار في موسكو، قوله إنه إذا استمرت العمليات العسكرية في الأشهر المقبلة – كما هو متوقع – فقد تشهد روسيا أقل من 1.2 مليون ولادة العام المقبل، وهو الأدنى في التاريخ الحديث.
وأوضحت الوكالة أن متوسط إجمالي الوفيات في روسيا يبلغ ما يقرب من 2 مليون سنويًا، على الرغم من أن العدد زاد أثناء جائحة كورونا واقترب من 2.5 مليون في العام الماضي.
عواقب كارثية
وصرح إفريموف للوكالة الأمريكية بأن “الضربة الرئيسية” لمعدل المواليد ستكون غير مباشرة، موضحاً أن معظم العائلات ستدمر أفق تخطيطها بالكامل نتيجة لذلك، مؤكداً أن التأثير سيكون أقوى كلما طال أمد التعبئة.
وأضاف: “استمرار الحملة العسكرية والتعبئة حتى نهاية الربيع المقبل سيكون كارثيًا، حيث من المرجح أن ينخفض عدد المواليد إلى مليون فقط حتى منتصف عام 2024، وهو مستوى لم تشهده روسيا إلا مرة واحدة في الفترة من 1999 إلى 2000”.
وقالت “بلومبيرغ” إن الحساب الديموغرافي لروسيا – التي تعاني من اختناق اقتصادي – قد وصل إلى مرحلة معرضة لخطر الركود الشامل، حيث تقدر الوكالة الآن معدل النمو المحتمل لروسيا عند 0.5٪؛ أي بانخفاض نقطتين مئويتين عما قبل الحرب.
ونقلت الوكالة عن اقتصاديين قولهم إن التركيبة السكانية غير المواتية في المناطق الأوكرانية التي ضمتها روسيا ستضيف على الأرجح إلى التحديات التي تواجهها روسيا من الأزمة السكانية المتزايدة.
أسوأ السيناريوهات
وقالت “بلومبيرغ” إنه في حين أن الصدمات الديموغرافية عادة ما تستمر على مدى عقود، فإن تداعيات الغزو تجعل أسوأ السيناريوهات أكثر احتمالاً وأقرب بكثير مما كان متوقعاً.
وقال ألكسندر إيزاكوف، وهو اقتصادي روسي، إن عدد سكان بلاده قد انخفض بالفعل في فترة ما قبل الحرب، مشيراً إلى أن الأخيرة ستعمل على تقليص العدد بشكل أكبر لأسباب تتمثل في الهجرة وانخفاض الخصوبة وضحايا القتال.
وأشارت الوكالة إلى أن التعبئة العسكرية قد تؤدي إلى تقلب خطط العائلات في ربما أكثر اللحظات خطورة على الإطلاق بالنسبة للتركيبة السكانية الروسية، حيث انخفض عدد النساء في سن الإنجاب بنحو الثلث في العقد الماضي.
ونقلت عن خبراء آخرين قولهم: “من المحتمل أنه في ظل ظروف عدم اليقين، سيؤجل العديد من الأزواج إنجاب الأطفال لبعض الوقت حتى يستقر الوضع”.
و حذرت خدمة الإحصاء الحكومية الروسية في وقت سابق، من أن عدد السكان البالغ 144 مليونا، قد ينخفض إلى 132 مليونا في العقدين المقبلين.