الجمعة, ديسمبر 27, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةزمن منتهي الصلاحية

زمن منتهي الصلاحية

هاشتاغ – نضال الخضري

ما يربط الانتخابات الأمريكية بنا علاقة مكسرة لا تحمل سوى أحداث مرتبطة بـ”إسرائيل”، فنحن نرى كل الصخب الذي يرافق المرشحين الأمريكيين من زاوية واحدة ربما لا يراها الناخب أو المواطن الذي يعيش في الولايات المتحدة، وهو بالتأكيد لديه من الاهتمامات ما يتجاوز مساحتنا الخاصة، لكن “البيت الأبيض” يرسم في النهاية عالما آخر خارج الولايات الأمريكية، ويشد ملايين الناس ضمن حالة إبهار لحدث خاص يمكن أن يؤثر في الجميع، فالرئيس الأمريكي في النهاية هو صورة خاصة لعالم محكوم بأسواق واسعة تحكم العقول قبل “السياسة”.

ما يعنيه وجود رئيس أمريكي هو تفاصيل لعالم مرسوم على صراع محموم في عقولنا، وبريق لترف وقوة تتجاوزنا دائما، فكل “إدارة أمريكية” لها تحركها الخاص الذي نريد تفسيره على مقاسنا، وعلى زمن ربما انتهت صلاحيته عندما كان “الحلم الأمريكي” يجتاح عقول الجميع لأنه نقيض ما عرفناه في تاريخنا القريب، وفي حروبنا المستمرة.

منذ مبادئ ويلسون التي أطلقها في مؤتمر باريس بعد الحرب العالمية الأولى أصبحت الولايات المتحدة في صورة مختلفة، وعلى الرغم من تجاربنا القاسية معها فإنها ما زالت رهانا نهائيا في معظم الآليات السياسية التي تحكمنا، وبالتأكيد فإن قوة أمريكا لا يمكن تجاهلها، والثقافة التي حملتها كانت الأقوى في رسم العالم، فنحن لا نقف أمام مرشحين رئاسيين فقط، بل أيضاً أمام “نجومية” هوليود وتلسكوب جيمس ويب ومئات مراكز الأبحاث، فالانتخابات في النهاية هي خلاصة تتجاوز السياسة وتضعنا أمام “العالم الجديد” الذي بقي على ما يبدو “جديداً” على الرغم من مضي ما يزيد على قرنين ونصف من تأسيسها.

لا أحد يفكر في مواجهة العملاق الأمريكي في منطقتنا، بالطريقة التي على  الأقل يستطيع محاورته فيها، وبالتأكيد فالمسألة ليست فقط في القوة التي يمكن أن تمارسها الولايات المتحدة، فهناك مجال آخر هو الذي يرسم الصورة الكبرى التي تجعلنا نعدها قوة مطلقة، أو حتى خيارا لا يمكننا تجاوزه عندما نبحث في المستقبل، فهي في النهاية صورة الزمن الذي رسم دولنا بعد الحرب العالمية الثانية، ووضعنا أمام شكل لعالم خاص محكوم بقدرة كلية ترسمها حالة الاستهلاك لكل شيء بما فيها العلوم.

الولايات المتحدة تبدو كبنية عالمية لا تسطيع معظم الدول الخروج من الإطار الذي ترسمه، وهذا التصور مفروض بحكم كونها الدولة الأحدث والأغنى، ولكن الخروج من مساحتها في النهاية أمر ممكن على الأقل على مستوى التفكير، فهي قوة لا يمكن تجاهل التفكير بها كظاهرة لا بد أن تؤثر فينا، لكننا قادرون على التفكير من جديد إذا استطعنا خلق عالمنا حتى ولو كان مربوطاً بقوة الاقتصاد الذي تفرضه الولايات المتحدة.

الانتخابات الأمريكية الأخيرة مجرد صورة لتحولات يعيشها هذا “العملاق”، وتبدل ربما في بنية تفكيره السياسي الذي يتجه نحو حالة شعبيوية حاربها معظم الساسة الأمريكيون، لكنها اليوم تظهر كخيار للناخبين وتضع العالم أمام آليات مختلفة، والأهم أنها تطرح أمامنا ضرورة التفكير بمساحتنا على الرغم من الحروب أو حتى التأثير الأمريكي القوى في تفاصيل حياتنا ابتداءً من قانون قيصر وانتهاء بسياسات نتنياهو.

مقالات ذات صلة