هاشتاغ – أيهم أسد
لا يسعني في نهاية عام 2022 إلا أن أقتبس نصاً حرفياً من البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب – الخطة الاستراتيجية “سورية 20230”.
تلك الوثيقة الوطنية التخطيطية المرجعية التي أقرها مجلس الوزراء في أيار من عام 2020 ومضى على تطبيقها قرابة سنتين ونصف وبقي منها حوالي سبع سنوات ونصف كي تنتهي.
تقول الخطة حرفياً ما يلي:
انطلاقاً من تحليل الواقع الراهن للاقتصاد السوري، والتحديات والفرص المتاحة جرى وضع رؤية كلية لسورية مهد الحضارات وبلد الاستقرار والتسامح والعيش المشترك نصها:
“مجتمعٌ مزدهرٌ معاصرٌ معتمدٌ على ذاته، محافظٌ على هويته وثقافته الأصيلة، ومنفتحٌ على الثقافات الأخرى، تترسخ فيه مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان، ويتمتع فيه المواطنُ برفاهٍ اقتصادي، وبوضعٍ صحي وتعليمي متميز، منجزٌ لمهام التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، معتمدٌ على تنميةٍ اقتصاديةٍ تشاركيةٍ واقتصادٍ متنوعٍ، مندمجٍ بالاقتصادية العالمي بندية، يمتازُ بإنتاجيةٍ مرتفعةٍ وقدرةٍ تنافسيةٍ عاليةٍ، ويعتمدُ المعرفةَ مصدراً أساسياً للنمو، استناداً إلى إطار مؤسساتي متقدم يعتمدُ سلطة القانون والشفافية، والكفاءة في إدارة الموارد”.
ثمّ جرى بعد ذلك وضع رؤية وأهداف استراتيجية ومرحلية لكل محور من محاور البرنامج منبثقة عن الرؤية الكلية متكاملة فيما بينها.
سيبدو للجميع بعد قراءة هذا النص الحرفي أن سوريا ستكون “الجنة الموعودة” للبشرية في نهاية عام 2030 وأننا خلال ما تبقى من زمن سوف نحقق كل ما ورد في ذلك النص.
لكن يبدو تماماً أن النص السابق هو نص “عاطفي وجداني” أكثر مما هو نص “علمي موضوعي، هو نص لا ينسجم مع واقع بلد عاني ويعاني من تبعات الحرب الكارثية ونتائجها من مشكلات اجتماعية كبيرة وبنية تحتية مدمرة واقتصاد تتراجع مؤشرات أدائه يوماً بعد يوم.
لكنه الورق الذي يتسع لكل الأحلام….
الورق الذي نستطيع على سطوره تحويل الخراب إلى حياة…
الورق الذي يمكن من خلاله تمرير ما نشاء من الأوهام…
ألا يشير الواقع اليوم إلا أننا أبعد ما يكون عن كل التصورات “الطوباوية” التي رسمها لنا واضعي الخطة في تلك السطور؟
ألا تشير التوقعات إلى أننا لن نصل في المدى المنظور إلى كل ما أوردته سطور الخطة من رفاه واستقرار وتماسك وإنتاجية واندماج وتنمية وعدالة وتشاركية وتنافسية؟
الاقتصاد السوري اليوم وحتى في المستقبل وفي ظل ما يدور فيه من مشكلات وما تحيط به من تحديات لن يحقق أدنى التوقعات الكمية الواردة في الخطة الاستراتيجية 2030 فكيف له بتحقيق ذلك التغيير النوعي الذي لم ينجح فيه طيلة عقود ما قبل الحرب؟
وفي الختام انتهى عامان ونصف من تلك الخطة ولم يظهر أحد من المسؤولين الحكوميين ليقول لنا ما تم تحقيقه فعلياً مع ما تم رسمه… وربما لن يظهر أحداً كما جرت العادة.