هاشتاغ- رهام كوكش
يعاني العديد من المرضى من صعوبة الحصول على أدويتهم إما لعدم توفرها أو لانقطاعها بشكل تام من الصيدليات.
“هناء” من سكان العاصمة دمشق، موظفة في القطاع العام مصابة بمرض مزمن يعرف ب “داء تكياسو” تقول لهاشتاغ: “أحتاج شهريا لأصناف عدة من الأدوية منها الكورتزون والضغط وهشاشة العظام وغيرها، لكن صعوبة الحصول على معظمها دفعتني للاستغناء عنها”.
وتتراوح قيمة الوصفة الطبية التي تحتاجها هناء بين 150 إلى 200 ألف شهريا نظرا إلى أن معظم الأدوية مفقودة وتأمينها من السوق السوداء يكلف أسعار خيالية.
يضاف إلى أن أختفاء معظم الأدوية لدى بعض المستودعات وارتفاع أسعارها في الصيدليات إن توفرت، دفع الفقراء من المرضى للتوقف عن متابعة علاجهم.
“اعتراف رسمي”
في السياق، أكد عضو مجلس نقابة الصيادلة وممثل المجلس العلمي للصناعات الدوائية في اللجنة العليا للدواء محمد نبيل القصير أن نقص بعض الزمر الدوائية يزيد يوماً بعد يوم بمعنى أن هناك نقصاً متزايداً، موضحاً أن هناك بعض المعامل خففت من إنتاجها من الدواء نتيجة عدم قدرتها على تمويل المواد الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية.
وكشف “القصير” أن المجلس العلمي للصناعات الدوائية خاطب وزارة الصحة حول مشكلة نقص الأدوية حسب ماجاء في “الوطن”.
أقرأ المزيد: بعد رفع أسعارها 30%.. نقابة الصيادلة تبشّر بحل أزمة الأدوية المقطوع
وبين أنه تمت المطالبة بأن تخاطب وزارة الصحة المصرف المركزي من أجل تسريع تمويل المواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية على المنصة وكذلك مواد التغليف التي يتم استيرادها وذلك بأن تكون من الفئة الثانية أي إن مدة تمويلها لا تستغرق شهراً وكذلك بأن تكون آلية تسعير الأدوية وفق سعر المنصة بمعنى أن يكون الركيزة في تسعير الصناعة الدوائية.
“دواء بديل”
مع انتشار ثقافة الدواء البديل تقول “سمر”: “تحتاج أمي 60عاما إلى أدوية رشح ومسكنات لكن لندرة المطلوب منها يقدم لنا الصيدلاني بديلا عنه وقد لايكون بذات الفعالية”.
كذلك فإن ندرة الدواء وصعوبة توفيره دفعت ميسوري الحال للاستعانة بالسوق السوداء للدواء.
ويروي “أحمد” المصاب بمرض الضغط شارحا معاناته لهاشتاغ :”بسبب صعوبة الحصول على الدواء وعدم توفر البدائل في صيدليات العاصمة أضطر لشراءه من صيدليات تتواجد على الحدود السورية اللبنانية”، مضيفا أنه “يضطر لمراكمة الديون على نفسه لتأمين الدواء ولو كلفه أضعاف ثمنه”.
أقرأ المزيد: مقطوع أومتوفر بأسعار باهظة.. زيادة جديدة على أسعار الأدوية لا ترضي أصحاب المعامل ولا تراعي عوَز المواطن
وبالتزامن مع استمرار انقطاع عدد كبير من الأدوية يجد المرضى السوريون في “الفيس بوك” ملجأ لهم للحصول على هذه الأدوية، حيث يقوم البعض بالنشر عبر مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي عن حاجتهم للأدوية والتوصية عليها من خارج القطر فيقول أحدهم: “بدنا حدا نازل من السعودية يجبلنا معه كم علبة دواء لمريضة زراعة كلية ودواءها دائم”.
ويضيف آخر “ابحث على دواء كيماوي مقطوع بالصيدليات والمستشفيات لمريض سرطان ساعدوني واسألو بالصيدليات”.
في غضون ذلك، رأى “القصير” أن تكلفة إنتاج الأدوية بعدما أصبح تمويلها على المنصة عالية جداً وبالتالي فإنه من الضروري أن تكون آلية تسعير الدواء وفق سعر المنصة، محذراً بأنه سيكون هناك أزمة دوائية إذا بقيت المشكلة قائمة، مضيفاً: كما أن بقاء هذه المشكلة يفتح الباب أمام دخول أدوية غير مضمونة الفاعلية والجودة نتيجة نقص الأدوية في السوق وهذا ما يفتح الباب أيضاً لدخول أدوية مهربة ومزورة.
ومع تراجع قيمة الليرة السورية وتوقف الشركات المنتجة عن توفير الدواء أغلقت العديد من الصيدليات أبوابها أمام المرضى، وهذا ما أكده ماهر أحد سكان منطقة ركن الدين وهو عامامل في إحدى ورشات الخياطة بالمنطقة، حيث استغرقت رحلة بحثه عن دواء الأعصاب أضعاف سعره لبحثه في خمس صيدليات بمناطق أخرى.
شح وانقطاع
كشفت إحدى صيدليات العاصمة دمشق عن سبب شح الأدوية لهاشتاغ: “إن انهيار قيمة العملة وزيادة تكاليف عمليات التشغيل بالإضافة لندرة المواد الأولية ادى إلى فقدان معظم الأدوية أو ندرتها في الأسواق، بالإضافة إلى توقف العديد من المعامل الدوائية عن الإنتاج”.
وبينت أن هذا الأمر أدى لنشوء سوق سوداء للأدوية الأجنبية المهربة.
ولفتت إلى أن معظم الأدوية المفقودة هي الضغط والسكري والقلب وحليب الأطفال وغيرها الكثير.
وبشأن استبدال أدوية لشركات معينة بأنواع أخرى مكافئة أكدت أن هذا الأمر يحتاج لموافقة الطبيب .
وحول معاناة الصيادلة في تأمين أعداد محددة من الأدوية التي يحتاجونها لتوافرها بصيدلياتهم، أشارت إحدى صيدليات ضواحي العاصمة أنهم أمام خيارين إما أن يمتنعوا عن شراء الدواء بأسعار مرتفعة أو يستسلموا ويسعوا إلى تأمين الأدوية التي يعرضها عليهم أصحاب المستودعات وبكميات كبيرة مع وضع ملاحظة “عدم التبديل في حال انتهاء مدة صلاحيته”.
يذكر أنه تم رفع أسعار الأدوية في شهر آب/ أغسطس الماضي بنسبة تتراوح مابين 55 في المئة و 65 في المئة وشملت معظم الزمر الدوائية.