يواجه بعض الأهالي صعوبات عدة تجاه طفلهم خاصة فى السنة الأولى من الدراسة.
وتعد تجربة دخول المدرسة أول مرة تجربةً مهمة جداً للطفل، لأنه سيبقى وحده في مجتمعٍ واسع غريبٍ عنه ليس فيه “ماما أو بابا أو أحداً من أفراد أسرته”.
تقول الاختصاصية النفسية والتربوية رامه حمود لـ”هاشتاغ”: “تتداخل المشاعر التي تظهر خلال فترة الانفصال بين الأم وطفلها التي تحدث عند افتتاح المدارس وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الفِطام الثاني كونها فترة انتقالية من بيئة اعتاد عليها الطفل وهي البيئة الحاضنة (الأسرة) إلى بيئة جديدة ومختلفة من الناحية المكانية وأيضاً من ناحية الخبرات التي سيكتسبها، وكذلك الصداقات التي يعمل لتكوينها (المدرسة)”.
وتوضح “حمود” أنه، في هذه المرحلة ينتاب الأم ما يُسمّى بقلق الانفصال، وهذا يعد قلقاً طبيعياً نتيجة التفكير المتزايد بالطفل، من حيث مَنْ سيهتم به، كيف سيمرّ يومه، هل سيتذكر مواعيد طعامه، هل سيكون ناجحاً في تكوين صداقة جيدة، وغيرها من الأمور، مع ملاحظة أنّ ما تشعر به الأم من قلق ينتقل لطفلها تلقائياً، وبالتالي يفاقم حالة الخوف الموجودة لديه.
وتوصي الاختصاصية بمراعاة مجموعة من الخطوات التي تساعد الطفل والأم _على حدٍّ سواء_ في تجاوز هذه المرحلة بسلاسة ويُسر:
قبل افتتاح المدارس يجب تهيئة الطفل لهذه المرحلة من حيث ضبط مواعيد نومه ومواعيد استيقاظه وكذلك طعامه بأسلوب تدريجيّ ومنظّم.
من الجيد اصطحاب الطفل خلال العطلة الصيفيّة للمدرسة المراد تسجيله فيها، والغاية من هذه الفكرة تعرّف كيفية تقبّل الطفل المكان، وتكرار الزيارة حتى تتحقق الأم من أنّ طفلها قد اعتاد نظره على مرافق المكان بأكملها.
يفيد أيضاً إشراك الطفل باتخاذ قرار أي المدارس هي الأفضل، وإن كان الوالدان قد قررا المدرسة المراد تسجيل الطفل فيها، لكن فكرة إشراك الطفل بهذا القرار يساعده في التكيّف الاجتماعي تكيفا صحيحا جداً.
مُقابلة الأم معلّمة طفلها بوجود الطفل قبل اليوم الأول من المدرسة يفيد في إعطاء الطفل جرعة عالية من الأمان والراحة بأنّ هذه المعلمة تعرّفت إليها والدته، وبالتالي يشعره بإمكانية الاعتماد عليها والثقة بها. وتكرار هذه المقابلات مفيد جداً حتى يعتاد الطفل على معلّمته.
بعد كلّ زيارة للمدرسة لابدّ من إجراء حواريّة بسيطة مع الطفل لاكتشاف ما يشعر به، فكثير من الأطفال لا تظهر ردّات أفعالهم تجاه الأماكن الجديدة مباشرةً، فقد يعبّر هذا الطفل أثناء الرجوع إلى المنزل بعدم الرغبة بمفارقة والدته أبداً وهذا يشير إلى خوفه من المكان الذي تعرّف إليه مع ملاحظة وجوب عدم الحكم على ردّة الفعل الأولى للطفل تجاه المدرسة، فغالبية الأطفال يميلون للصراخ والبكاء ورفض المكان بالكامل.
إشراك الطفل في اختيار أدواته المدرسيّة يزيد من محبة الطفل للبدء بالدراسة
قد يفيد أيضاً إجراء نوع من الألعاب التمثيلية حول اليوم الأول مع الطفل، إذ يمكن تبادل الأدوار بين الأم وطفلها لإكساب الطفل مهارات تحمّل المسؤولية لطوحده.
كما يمكن للأم اعتماد أسلوب التخيّل مع الطفل _وفق قدراته العقليّة_ في الحديث عن الغرفة الصفيّة ومكوناتها وكذلك الباحة المدرسيّة، مع مراعاة التحدّث بأسلوب إيجابي ومَرِح ويغلب عليه التشويق وقريب ممّا يفضله الطفل.
في حال وجود يوم ترفيهي تجريه المدرسة افتتاحية للدوام، يُفتَرض وجود الأم والأب مع طفلهما في هذا اليوم، فوجود الوالدين مع الطفل من شأنه أن يزيد ثقته بنفسه، وبالتالي يساعده في التكيّف النفسيّ والاجتماعيّ مع المكان بشكل صحيح وفعّال.
من الضروري جداً تقييم المهارات الواجب توفرها عند الطفل قبل الدوام الفعلي، وهذه المهارات هي: المهارات اللغوية مثل إجراء حوار والتعريف باسمه واسم عائلته مع أفراد جدد.
وكذلك مهارات الاستقلالية: مهارة طلب الدخول للحمام، وشرب الماء وغيرها، وأيضاً المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل: تكوين صداقات واللعب مع الأقران، إذ تشير الدراسات إلى أنَّ 70% من تعلُّم الطفل يُكتَسَب بالتواصل مع أقرانه من الفئة العمرية نفسها.
وتختم حمود حديثها وتوصي الأم بعدم انتظار طفلها دائماً في الأسبوع الأول من الدوام المدرسيّ في حال اتباع فكرة اصطحابه مسبقاً خلال العطلة الصيفيّة ليتعرّف إلى مدرسته، لأنّ وجود الأم يجعل الطفل معتمداً على وجودها وبالتالي يصعب حينها حدوث الانفصال الحقيقي.