هاشتاغ _ أيهم أسد
كثيراً ما يثار التساؤل حول لجوء بعض الدول إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والأسباب التي تدفع أي دولة في العالم إلى طلب المعونة المالية من تلك المنظمات الدولية، وخاصة في حالات الأزمات المالية أو حالات الانهيار الاقتصادي.
كما يثار تساؤل وبشكل دائم حول عدم لجوء الدول المتقدمة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فيما تلجأ أغلب دول النامية إلى تلك المؤسسات، وذلك على الرغم من حدوث أزمات اقتصادية أو مالية أو نقدية في الدول المتقدمة.
يكمن جوهر تلك القضية في أن الدول النامية بشكل عام تعاني من اختلالات اقتصادية بنيوية لم تستطع معالجتها تاريخياً، مما يسبب لها؛ وباستمرار، أزمات اقتصادية متعددة الأنواع ومتكررة، فبنيتها الاقتصادية الضعيفة لا تساعدها على تجاوز مشكلاتها البنيوية في الوقت الذي لم تقم فيه باتباع سياسات تحول بنيوي تقلل من مشكلاتها البنيوية، أي أن تراكم إخفاق السياسات الاقتصادية الداخلية تاريخياً قاد وبالضرورة إلى تفاقم المشكلات الوطنية.
أما في حالة الدول المتقدمة فإن هذه الدول تكون قادرة على تجاوز مشكلاتها البنيوية والمؤقتة بسبب قوة بنيتها الاقتصادية الداخلية، وبسبب مرونة اقتصادها، وبسبب قدرتها على الحصول على مصادر تمويل دولية من غير المؤسسات المالية الدولية وبطرق مختلفة، وبسبب تطور سياساتها الاقتصادية الداخلية.
وعندما تخفق الدول النامية في حل مشكلاتها وتخفق في الحصول على مصادر تمويل ثنائية دولية أو إقليمية تجد نفسها مضطرة للتوجه إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ومن ثم من البنك الدولي حكماً بموجب اتفاقيات التمويل المشروطة من المؤسستين المذكورتين وإلزام الدولة الطالبة للتمويل بهما.
وبمجرد قبول الدولة بشروط مؤسسات التمويل الدولية ستكون ملزمة حكماً باتباع مجموعة واسعة من السياسات المفروضة فرضاً عليها من قبلهما، ولا تكون الدولة قادرة على استثناء أي من تلك الشروط وإلا فإنها لن تحصل على التمويل المطلوب، فهي إما أن تقبل بسلة السياسات كاملة أو ترفضها كاملة، وفي حالات الأزمات فهي ستقبل بها كاملة على أمل تجاوز أزمتها.
وتشير الخبرة التاريخية الدولية في العلاقة بين تلك الدول والمؤسسات المالية الدولية إلى أن تلك السياسات المفروضة على الدولة تسبب مزيداً من الضغوط الاقتصادية على المدى الطويل وتؤدي إلى إغراق الدولة بمزيد من الديون وقد تسبب أزمات اجتماعية وسياسية داخلية ونتائج إنسانية كارثية، أي انها تعمق الاختلالات البنيوية التي من أجلها طلبت الدولة التمويل المشروط.
والعبرة من ذلك كله هو أن السعي لحل المشكلات الاقتصادية داخلياً أجدى وأفضل من الاعتماد على المؤسسات المالية الدولية، وهنا نتذكر مقولة هامة لمهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق عندما قال “تذكر أن أول شيء يجب فعله عند وقوع الأزمات الاقتصادية هو أن لا تتصل بصندوق النقد الدولي“.
ومعنى ذلك أن البحث عن طرق داخلية للخروج من الأزمات الاقتصادية هو الخيار الأمثل بدلاً من التوجه للمؤسسات المالية الدولية وشروطها، حتى وإن استغرقت تلك الحلول زمناً أطول، لكن الأكثر جدوى من كل ذلك هو منع تراكم المشكلات الاقتصادية الوطنية للحد الذي تصبح فيه عصية على الحل.