Site icon هاشتاغ

صور مدرسية فريدة

هاشتاغ_نضال الخضري

في كل لحظة من مسرحية “تيجان الأسماء” كانت العلاقة الفريدة بين الأستاذ والطالب حاضرة، فالعمل الذي تم عرضه في دار الأوبرا بإشراف كامل من الأستاذ ممدوح الكفري حملت معها تصورات خارج إطار الحدث المسرحي، حيث تبقى طبيعة ما يربط الممثلون/الطلاب باختلاف أعمارهم مع الأستاذ الكفري كل ما يعلق بالذاكرة، ويحرضها نحو كل المساحات الأخرى التي تكوّن الأجيال، وربما تخلق التوازن مستقبلا لنفس هذه الأجيال مع ماضيها وحاضرها.

يتفوق في دار الأوبرا المكان على كل التفاصيل، لكنه في المقابل يعيد تجميع الحضور، ويكونهم مع العناصر الفنية للمسرحية أو أي حدث فني آخر، وعندما يكون العمل منتجا يصنعه يافعون وأطفالا فإن الأمر يخترق المكان بفعل الشغف الذي يطرحه التماس بين الأهل وخشبة المسرح، فينزاح الحدث المسرحي لصالح “مجتمع محلي” يظهر بشكل مفاجئ على المدرج، ويفرض نفسه على المكان الذي يحمل أناقة غير مسبوقة.

خارج إطار تلك المسرحية التي تتيح عمليا لفئة محددة ممارسة نشاط مدرسي غير مألوف، فإن العملية التربوية بأكملها تظهر فجأة ربما بحكم أن لغة العمل المسرحي المقدم هي الإنكليزية، وأحداثها تطرح بتقنيات مركبة لثقافة يصعب رؤيتها في “مدارس” باتت سمتها “التلقين”، وهدفها جدول نهائي يحدد مستوى الطلاب وربما مستقبلهم، ورغم ذلك فإن هذه المدارس تملك “العلاقة” التي تربط الأجيال الناشئة بجغرافيتها، أو بـ”المجتمع المحلي” الذي يحيط بالمدرسة مهما كانت ظروفها.

وإذا كانت العملية التربوية غير قادرة على إظهار طيف الشغف للطلاب فإن هذا الأمر لا يعني أن تلك العلاقة غير منتجة أو عقيمة، لكنها مغمورة بمساحة من عدم القدرة على الإبداع لدفع هذا الشغف خارج أسوار المدرسة.

تغيرت الصورة الذهنية للمدرسة بشكل كبير، ولم تعد الألوان الزاهية حاضرة عند التعامل مع العملية التربوية، وأصبح التفكير بـ”المناهج” يتفوق على رؤية عالم الطفل واليافع والمراهق، فإذا كانت المناهج شأنا أساسيا فإن الحياة المدرسية هي التي تحكم على تلك المناهج وليس قوائم “درجات الطالب” الذي يصل إلى نهاية الثانوية مرهقا بأعباء المعارف المتراكمة، وتغيرت أيضا صورة الجهاز التعليمي الذي كان مرجعية اجتماعية ومعرفية وأصبح صورة للانضباط على مساحة أسوار المدرسة.

عندما يتحرر شغف الأجيال داخل دار الأوبرا ندرك أن العملية التربوية تفوق على الذات، وفرح لا يمكن حصره في رتابة الحدث المدرسي المألوف، فالأجيال التي تعيش كل تناقضات أزمتنا ربما تحتاج لـ”استراحة” هاربة من زمن الحرب ومن صرامة نظام الامتحان، ومن حشر المعلومات ضمن زمن محدد داخل العقل الفتي، فتحرير العلاقة بين الطالب والمدرسة وإطلاق شغفه بالحياة ستجعل العملية التربوية متعة لا تحتاج لإظهارها في دار الأوبرا.. سنراها حتما في عيون طلابنا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

Exit mobile version