هاشتاغ | ترجمة: حسام محمد
تساءل موقع “دويتشه فيله” في تقرير، أنه إذا حقق الجيش الإسرائيلي هدفه المعلن المتمثل في إخراج “حماس” من قطاع غزة من يستطيع السيطرة بمجرد انتهاء القتال؟.
وأشار الموقع إلى أن “إسرائيل” حشدت حوالي 350 ألف جندي احتياطي، مبيناً أن بعض هذه القوات تقف على أهبة الاستعداد على الحدود اللبنانية
وينتظر آخرون على أطراف قطاع غزة، في انتظار المشاركة في هجوم بري على الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن الهدف من غزو غزة الذي نوقش كثيراً، هو تدمير جماعة “حماس“.
وبهذا الشأن، قال الباحث في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة “تل أبيب”.. والعضو السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، مايكل ميلشتاين، إنه لا يوجد بديل للهجوم البري.
وأشار لـ DW: “كانت (حماس) دائماً واضحة جداً في أهدافها: محو (إسرائيل)”.
ومع ذلك، هناك سؤال واحد يتكرر باستمرار. كيف سيتم حكم غزة إذا حققت “إسرائيل” هدفها المنشود.. بالنظر إلى أن “حماس” تحكم المنطقة حالياً؟
ولم يقدم الإسرائيليون أي إجابة رسمية على هذا السؤال. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كان من الممكن القضاء على “حماس” بشكل كامل.
ومع ذلك، هناك شيء واحد واضح، وفقاً لميلشتين، وهو عدم السماح بنشوء فراغ في السلطة.
وأضاف أن الانسحاب السريع من شأنه أن يفعل ذلك، “ويترك وراءه فراغاً ستملأه الفوضى والجماعات الإسلامية المتطرفة”.
ويعد الوضع في أفغانستان مثالاً على ذلك. وهناك، تمكن تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف من استغلال ضعف مؤسسات الدولة بعد سيطرة “طالبان” على السلطة.
وكشف عن مخاوف من أن تستفيد إيران، التي تدعم حركة “حماس” من فراغ السلطة في غزة وتجد حلفاء أو شركاء جدد داخل قطاع غزة.
فكيف سيتم إحلال النظام في قطاع غزة بعد انتهاء هذا الصراع؟ هناك عدة خيارات، بحسب ميلشتاين، لكن كل واحد منها يمثل تحديات.
ويرى ستيفان ستيتر، أستاذ السياسة الدولية بجامعة القوات المسلحة الفيدرالية الألمانية في ميونيخ، الأمر نفسه.
السيناريو الأول: سيطرة “إسرائيل” على قطاع غزة
حتى عام 2005، كانت “إسرائيل” تسيطر على قطاع غزة عسكرياً، ومن الممكن أن تتمكن من القيام بذلك مرة أخرى. لكن مثل هذه الخطوة يمكن أن تثير أيضاً هجمات مسلحة جديدة.
وقال ستيتر لـ DW إن ذلك سيكون له أيضاً تأثير إشكالي على توازن القوى الإقليمي.
وقال: “هناك أصوات في (إسرائيل) تقترح أن تقوم الدولة العبرية باستعمار قطاع غزة مرة أخرى”.
“وهذا سيكون بمثابة وقود لكل أولئك الذين يريدون تأجيج ومواصلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.”
بالإضافة إلى ذلك، وفقاً للقانون الإنساني الدولي، تتحمل قوة الاحتلال مسؤوليات تجاه السكان الذين تحتلهم.
وقال ستيتر: “سيتعين على (إسرائيل) بعد ذلك أن تتولى هذه المهمة بنفسها. ومن الناحية المالية، فإن ذلك سيتجاوز قدرات البلاد”.
ولن تتمكن “إسرائيل” من إعادة احتلال قطاع غزة في خطوة يعارضها حلفائها الغربيين، بما في ذلك الولايات المتحدة أيضاً.
وبيّن أنه من شأن مثل هذه الخطوة أن تؤثر سلباً أيضًا على علاقة (إسرائيل) بالدول الأخرى في الشرق الأوسط، التي تحاول تطبيع العلاقات معها.
وخلص ستيتر إلى القول: “لهذا السبب أعتقد أن مثل هذه الخطوة غير محتملة”.
ومن شأن هذا السيناريو أن يشكل تحدياً آخر: إذ سيتعين على “إسرائيل” عزل نفسها عن قطاع غزة بشكل أكبر.
وبهذا الصدد، كتبت مجلة “فورين أفيرز” هذا الشهر: “ستجعل (إسرائيل) من نفسها حارسة سجن.
وتترأس إلى أجل غير مسمى معسكر اعتقال ضخم (الذي تم تشبيه غزة به منذ فترة طويلة).”
السيناريو الثاني: تتولى السلطة الفلسطينية إدارة غزة
وهناك بديل آخر يتمثل في عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة والسيطرة عليها، لكن هذه من بها نقطة ضعف، وفقاً لميلشتين.
وتدير السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، والتي تهيمن عليها حركة “فتح”، مناطق تتمتع بحكم شبه ذاتي في الضفة الغربية التي تحتلها “إسرائيل”.
لكنها في الواقع لا تسيطر إلا على جزء صغير من الضفة الغربية المحتلة. وتقع معظم المنطقة فعلياً تحت السيطرة الإسرائيلية.
وأشار ميلشتاين،: “علينا أن نتذكر مدى ضعف أبو مازن وعدم شعبيته”.
ولا تحظى السلطة الفلسطينية والحركة التي تديرها، فتح، بشعبية كبيرة بين السكان المحليين في الضفة الغربية المحتلة. واحتج المدنيون ضدها في الماضي واتهموها بالفساد وضعف القيادة وانعدام الشرعية الديمقراطية.
وأجريت آخر انتخابات هنا في عام 2005، ويتولى عباس السلطة منذ ذلك الحين.
ولا يزال لا يحظى بشعبية من جميع الأطراف: فبينما تعرض لانتقادات في الغرب بسبب تصريحاته المعادية للسامية وعدم وضع مسافة كافية بينه وبين “حماس”.
ينتقده الفلسطينيون المحليون لأنه لم يكن صارماً وحاسماً بما يكفي بشأن قوة الاحتلال إسرائيل.
وقال ستيتر إن السلطة الفلسطينية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في مستقبل قطاع غزة.
ولكن هناك عامل آخر يجب أخذه في الاعتبار أيضاً، وهو عامل يمكن أن يؤدي إلى تقويض شرعيتها بشكل أكبر.
وأوضح أنه “إذا انتقلت السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بعد (انتصار) إسرائيلي على (حماس)، فقد ينظر إليها البعض على أنها منتفع من الحرب واستولت على السلطة على حساب ضحايا الحرب”.
السيناريو الثالث: إدارة مدنية فلسطينية
قال ميلشتين إن الخيار الأفضل، وإن كان أكثر صعوبة، سيكون سلطة مدنية فلسطينية مختلطة.
يمكن لسلطة كهذه أن تتألف من ممثلين مختلفين للمجتمع الفلسطيني، بما في ذلك، على سبيل المثال، رؤساء البلديات المحليين.
ومن المرجح أيضاً أن تكون لها علاقات وثيقة مع السلطة الفلسطينية.
ومن المحتمل أن يحظى نموذج القيادة مثل هذا بدعم مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.
وقال ميلشتاين: “من المحتمل أن يكون هذا النظام الجديد غير مستقراً لفترة طويلة وسيواجه الكثير من التحديات، لكنه أفضل بكثير من جميع البدائل السيئة الأخرى”.
السيناريو الرابع: إدارة بقيادة الأمم المتحدة
قال ستيتر إنه من الناحية النظرية، يمكن للأمم المتحدة أن تتولى السيطرة على منطقة صراع سابقة بعد هزيمة أحد أطراف الصراع، في إشارة إلى أمثلة سابقة من كوسوفو وتيمور الشرقية.
وأشار إلى أن “هذا غير واقعي في قطاع غزة”. “سيكون الأمر أصعب بكثير في هذه الحالة، إن لم يكن مستحيلاً لأن هذا الصراع هو محور الرأي العام العالمي إلى حد كبير.
وأضاف ستيتر أن الحصول على تفويض من الأمم المتحدة بشأن مثل هذه المسألة سيكون أمراً صعباً أيضاً.
السيناريو الخامس: إدارة تديرها دول عربية
يُفضّل ستيتر سيناريو مختلفاً، يتصور فيه أن تتولى دول عربية أخرى زمام المبادرة في قطاع غزة، إلى جانب السلطة الفلسطينية.
وأضاف: “قد يكون هذا في الواقع في مصلحة بعض الدول العربية، وخاصة تلك التي لديها تحفظات قوية على (جماعة الإخوان المسلمين)”.
ووكشف أنه يُنظر إلى “حماس” على أنها الفرع الفلسطيني لجماعة “الإخوان المسلمين”، التي تعارضها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وفي الوقت الحالي، يركز خطاب تلك البلدان على التضامن مع الفلسطينيين، والمعاناة الفلسطينية وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة.
وقد عبر السكان المدنيون في تلك الدول العربية عن نفس المشاعر.
ومع ذلك، أشار ستيتر إلى أن “هزيمة (حماس) لن يُنظر إليها بشكل سلبي في الرياض والقاهرة”.
قبل كل شيء، فإنه في مثل هذا السيناريو يعني سيكون الفلسطينيين قد يكونون قادرين على الاقتناع بأن مصالحهم سيتم تمثيلها، ولن يتم تنحيتها جانباً.
ومع ذلك، وفقاً لستيفن، فإن ذلك سيتطلب “مشاركة بعض القوى الموحدة، فضلاً عن التعاون مع الغرب والأمم المتحدة”.
وإلى جانب الدعم السياسي، سوف تكون هناك حاجة إلى الدعم المالي أيضاً حتى يتمكن أي نموذج من هذا القبيل من البقاء اقتصادياً.
وبحسب الخبير فإن مثل هذا النموذج سيوفر للفلسطينيين آفاقاً أفضل، وسيعني أيضاً المزيد من الأمن لإسرائيل.
ويختتم، لسوء الحظ، فإن الصراع المستمر الحالي يعني أنه من غير الواضح ما إذا كانت الدول العربية الأخرى، حتى تلك التي لديها اتصالات دبلوماسية مع “إسرائيل”، ستكون على استعداد لاستثمار رأس مالها السياسي في مثل هذه الخطة.
ويقول الخبراء إن مثل هذا النموذج لن يكون ممكناً إلا على المدى المتوسط.
المصدر: دويتشه فيله