كرة القدم .. اللعبة الأكثر شعبيةً في العالم
إحدى المسلّمات في عالم الرياضة هو كون كرة القدم اللعبة الأكثر انتشاراً من حول العالم، وذلك نتيجة العديد من الأسباب التي جعلت منها تعتلي قمة هرم أكثر الرياضات شعبيةً منذ قرنٍ من الزمن وحتى اليوم.
و تؤكد جميع الدراسات والاستفتاءات هذه الحقيقة عن كرة القدم
حيث لن ترى احد لم يسمع عنها أو لا يعرف ولو جزئية صغيرة جداً عن هذه الرياضة، وقد بلغ عدد متابعي الساحرة المستديرة 4 مليار شخص حول العالم، ويصل عدد المهتمين بها بشكل مستمر أكثر من ملياري شخص، وفقاً لموقع “worlddatlas” المختص بالإحصائيات.
بدايات الانتشار
وتعتبر كرة القدم من بين أوائل الألعاب التي انتشرت بسرعة منذ بداية ظهورها في المجتمعات الفقيرة والبلدان النامية ومجتمعات طبقة العمال، مما جعلها تكتسب شعبيةً كبيرة ساعدتها على جذب الفئات العمرية الصغيرة لتعلمها وإتقانها.
الانتشار الكبير الذي حققته كرة القدم في بدايات القرن العشرين جعل منها تتفوق على العديد من الرياضات ذات الشعبية الكبيرة، وفي مقدمتها المصارعة والرياضات الفردية بشكل عام، التي كانت قد احتلت مكانةً كبيرة في عقول الناس طوال عقود.
ولم تمر فترة طويلة على اكتشافها حتى اعتُمدت تلك اللعبة بشكلٍ رسمي في عشرات البلدان، التي أسس بعضها اتحادات خاصة بها ارتبطت فيما بعد بالاتحاد الدولي لكرة القدم الذي تأسس لتنظيم هذه اللعبة ووضع قوانينها ومواكبتها.
أسباب الشعبية والانتشار
ولعل سهولة القوانين التي تتبعها كرة القدم كان السبب الأساسي في شعبيتها الكبيرة، حيث أنها لاقت إقبالاً كبيراً لدى جميع الفئات العمرية ومختلف أنواع البشر بكافة أعراقهم وأجناسهم ومستوى تفكيرهم،
باعتبارها لا تتطلب وقتاً كبيراً لتعلم قوانينها وفهم كيف تجري مبارياتها داخل الميدان.
وساهم في اتساع انتشار كرة قدم وقت مبارياتها القصير الذي لا بتجاوز الساعتين فقط، إضافةً لتوفرها على المستوى المحلي والعالمي وإمكانية مشاهدتها عبر عديد الوسائل،
التي كانت وما تزال متوفرة عند غالبية الجمهور، في حين أن العديد من الناس يجدون صعوبة في متابعة باقي الرياضات الغير متوفرة محلياً.
وبخلاف غالبية الألعاب الرياضية، لا تعتمد كرة القدم على القوة العضلية، ولا تشترط أن يكون لاعبيها من ذوي الأجساد الضخمة والعضلات المفتولة، إنما عنصر التفوق فيها يعتمد على مهارة اللاعب وقدرته على المراوغة والتحكم بالكرة، وهذا أحد مميزاتها وأحد أسرار متعتها، التي تجذب إليها أنظار الملايين.
ولا تقتصر المتعة التي تحققها كرة القدم على ما يدور داخل أرضية الملعب، بل تسبق وتلي مبارياتها، حيث أنها تدار وفق استراتيجيات وخطط معينة، يعتمد خلالها كل فريق على مواطن قوته مستغلاً مواطن ضعف منافسه،
ما يجعل المشاهد طوال الوقت يُعمِل عقله ويفكر ويحلل ويتوقع إجراءات المدراء الفنيين، الأمر تفتقده الرياضات الأخرى.
التعمّق في كرة القدم
ومثلما تحتاج السياسية إلى محللين وباحثين، فإن كرة القديم أيضاً توسعت في هذا المجال عن طريق هواة المتابعة، الذين يتبارون في تحليل المباريات ويعددون أسباب الفوز ويحددون الأخطاء التي أدت بالفريق إلى الهزيمة، مما يخلق حالة من التفاعل بين المشاهد وأحداث المباريات، وهو مما يجعله سبباً آخر لتميز كرة القدم.
ولم يكن إطلاق لقب الساحرة المستديرة على كرة القدم آتياً من فراغ، إنما لأنها لا تعترف بأسماء النجوم ولا بتاريخ الأندية، ففيها ليس هناك مستحيل وكل شيء وارد الحدوث، ومن الممكن أن تنقلب مجريات المباراة بأي لحظة، مما يزيد من متعتها ويشعل المنافسة ببطولاتها، حيث أن الملل يبدأ بالتسلل حين يمكن للإنسان توقع الأحداث الآتية، وهذا هو ما لا يمكن حدوثه مع هذه اللعبة.
كسر النمطية
وشهد أسلوب لعب كرة القدم تطورات عديدة ولازال يشهد رغم ثبات القوانين على مر العقود، وهذا ما يميز أيضاً كرة القدم عن غيرها من الألعاب الرياضية ويزيد من شعبيتها، ففي بعض الألعاب الكروية الأخرى ككرة السلة مثلاً تكون طريقة اللعب تقريباً ثابتة، وتسجيل الأهداف يتم بأسلوب واحد نمطي ومتكرر، أما كرة القدم فهي على نقيض ذلك تماماً.
وتختلف أساليب لعب كرة القدم بين فريق وآخر، كذلك لا يوجد أسلوب محدد يتبعه الفريق لإحراز الأهداف، وهو ما ينفي عن كرة القدم صفتي النمطية والتكرار، مما يصعب من توقع أحداث مبارياتها ويزيدها إمتاعاً للجماهير، التي تتفاعل مع تعدد أساليب تسجيل الأهداف وتميزها.
قوّة ناعمة
ونتيجةً لكونها جمعت عشرات الآلاف من المتابعين على المدرجات وعشرات الملايين من خلف الشاشات، فقد حولت بعض الأنظمة والحكومات لعبة كرة القدم إلى أداةٍ سياسية استطاعت استغلالها بأفضل شكل، لتنفيذ خططٍ وتمرير رسائل وتحقيق نفوذٍ اقتصادي كبير نتيجة العديد من العوامل، مما جعل منها قوة ناعمة تمتلكها تلك الأنظمة وتتفوق بها على عشرات البلدان.
المصادر: كتاب أكبر مما يعتقدون الجزء الثاني / موقع goal / موقع 360 score