Site icon هاشتاغ

كيف سيؤثر فوز ترامب على السياسة الخارجية الأمريكية؟

كيف سيؤثر فوز ترامب على السياسة الخارجية الأمريكية؟

كيف سيؤثر فوز ترامب على السياسة الخارجية الأمريكية؟

هاشتاغ – عبد الرحيم أحمد

قدم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية وعوداً كبيرة سواء على مستوى السياسات الداخلية أم على مستوى السياسة الخارجية والملفات والأزمات التي تعصف بالعالم وتشكل واشنطن أحد لاعبيها الأساسيين، لكن ماذا يمكن أن يتوقع العالم من ترامب في ولايته الثانية وهو الرجل القوي صاحب المواقف الإشكالية.

وعد ترامب قبيل أسبوعين من الانتخابات بأنه سيعيد “العصر الذهبي الجديد” للولايات المتحدة من خلال إعادة “قوتها وهيمنتها وازدهارها”، لكن خصومه المحليين يعتقدون أنه سيقوض الديمقراطية في البلاد وهو الذي شجع مناصريه لاقتحام الكونغرس الأمريكي لتعطيل جلسة إعلان فوز منافسه جو بايدن بالانتخابات الرئاسية قبل 4 أعوام.

ويرجح معظم خبراء السياسة الدولية أن يغيّر ترامب الطريقة التي تمارس فيها الولايات المتحدة نفوذها في جميع أنحاء العالم في ظل شعوره بالانتصار الكبير وعودته إلى البيت الأبيض رغم محاولات إقصائه عن الحياة السياسية من قبل إدارة سلفه بايدن، وإعلانه عدم رضاه عن تعاطي تلك الإدارة مع العديد من الملفات الحساسة في العالم.

الصراع في الشرق الأوسط

يعتبر الصراع في الشرق الأوسط وخصوصاً حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ عام ونيف إضافة إلى تمدد الحرب إلى لبنان وكذلك الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، من أعقد القضايا العالمية التي تواجه ترامب في ولايته الثانية وتنتظر منه مواقف حاسمة لوقف شلال الدماء وحرب الإبادة التي توشك أن تتحول إلى حرب إقليمية شاملة.

وبالرغم من حديث ترامب خلال حملته الانتخابية عن “ضرورة إنهاء الحرب”  في غزة و”وقف القتل”، لكنه دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إكمال المهمة بسرعة في إشارة إلى أنه قد يمنح الكيان مهلة لاستكمال الحرب.

ظهر ترامب في ولايته الأولى من أكثر الداعمين “لاسرائيل” خصوصاً أنه اتخذ قرارات تجنبت جميع الإدارات السابقة القيام بها، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وخفض التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(اونروا)، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.

أضف إلى ذلك أن ترامب كان أول من أطلق مخطط اتفاقيات أبراهام التطبيعية بين بعض دول الخليج وكيان الاحتلال الإسرائيلي.

لكن اليوم يتوجه ترامب إلى البيت الأبيض في وقت اندلعت فيه اشتباكات مباشرة للمرة الأولى بين “إسرائيل” وإيران، الأمر الذي يزيد من تعقيد الصراع وصعوبة حله. وقد عرف عن ترامب تشجيعه لنتنياهو لضرب المنشآت النووية الإيرانية حيث قال في أكتوبر/تشرين الأول إن “إسرائيل” يجب أن “تضرب المنشآت النووية أولاً وتقلق بشأن الباقي لاحقاً”.

كما اتسمت ولاية ترامب الأولى بالصرامة في التعامل مع إيران حيث انسحبت إدارته من الاتفاق النووي ومارست سياسة “الضغط الأقصى” على طهران، واغتالت قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في غارة جوية في بغداد كانون الثاني/ يناير 2020.

رغم ذلك فقد أبدى ترامب في حديث للصحفيين في أيلول/سبتمبر الماضي، انفتاحه على إبرام صفقة جديدة مع إيران لمنعها من تطوير سلاح نووي. وقال: “يتعين علينا إبرام صفقة، لأن العواقب مستحيلة”.

الحرب في أوكرانيا

خلال حملته الانتخابية أعلن ترامب أنه “يستطيع إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا خلال 24 ساعة” لكنه لم يكشف كيف. غير أن أستاذ العلوم السياسية في كلية بوسطن الأمريكية، بيتر سكيري قال لموقع “راديو فاردا” الأمريكي أنه يتوقع أن “يدفع ترامب نحو نوع من التسوية” بين موسكو وكييف والتي ستفضي إلى “تنازلات كبيرة من جانب أوكرانيا”.

وبحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية فإن ترامب الذي انتقد التمويل الأمريكي الكبير للحرب في أوكرانيا، قد يقلص الدعم الأمريكي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وصفه بأنه “أعظم بائع على وجه الأرض” بسبب حجم الأموال التي حصل عليها من إدارة بايدن.

وتنطلق مواقف ترامب من شكوكه بقدرة أوكرانيا على إلحاق الهزيمة بروسيا، ومن هنا أعلن أنه سيعمل على إنهاء الحرب بالتفاوض بين البلدين.

وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز يوليو/تموز 2023، أعلن ترامب أنه سيجبر زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات عبر ممارسة الضغوط على الطرفين من خلال التهديد بالمساعدات العسكرية الأمريكية لكييف.

ورغم أن ترامب لم يفصح عن شكل التسوية التفاوضية إلاّ أن نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس رجّح أن تتضمن اتفاقية السلام “إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول خطوط المعركة الحالية، مما يسمح لأوكرانيا بالاحتفاظ بسيادتها مع إجبارها على التخلي عن بعض أراضيها التي تقع حالياً في أيدي موسكو، فضلاً عن ضمان بقاء أوكرانيا محايدة – مما يعني أنها لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي.

ولاحظ المحللون أن هذه التسوية تشبه إلى حد كبير الشروط التي وضعها بوتين لوقف إطلاق النار، والتي رفضتها سابقاً أوكرانيا والعديد من حلفائها ــ بما في ذلك الولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا.

ومن المنظور الروسي، قد تمهد رئاسة ترامب الثانية الطريق لعلاقات أكثر ودية بين واشنطن وموسكو، حيث فضّل الكرملين منذ فترة طويلة الزعيم الجمهوري على خصومه الديمقراطيين.

الصين وتايوان

يرجح الخبراء أن يواصل ترامب في ولايته الثانية اعتبار الصين “التحدي الأمني ​​القومي” الأبرز للولايات المتحدة، لكنه قد يميل إلى تغيير كبير في أسلوب تعاطي الإدارة الأمريكية مع المنافس الاقتصادي الأكبر لواشنطن.

ففي ولايته الأولى وضع ترامب نصب عينيه التجارة في المقام الأول، وبدأ حربه التجارية مع بكين ففرض تعريفات جمركية عالية على الواردات من الصين. وكشف ترامب في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن أولويته الأكثر وضوحاً حيال الصين هي إعادة إطلاق الحرب التجارية التي بدأها عام 2018.

وبالرغم أن إدارة بايدن حافظت على التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب وأضافت عليها، لكن ترامب يستعد للذهاب أبعد من ذلك بكثير. ومع التعهد الجديد بفرض تعريفات جمركية تبلغ 60٪ على الأقل على جميع الواردات من الصين، سيقترب ترامب من فك الارتباط الكامل بين أكبر اقتصادين في العالم.

وبحسب مجلة فورين بوليسي فإن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم العلاقات الثنائية المتوترة أصلاً وتكلّف الأسر الأمريكية آلاف الدولارات سنوياً وخسارة المصدرين الأمريكيين أحد أكبر أسواقهم التجارية.

لكن التأثيرات غير المباشرة لسياسة تجارية عدوانية كهذه تجاه الصين من شأنها أن تؤدي أيضاً إلى إضعاف أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة.

وفي السياسة، حيث تشكل “قضية تايوان” المعضلة السياسية الخلافية بين بكين وواشنطن، يتوقع أن يعيد ترامب فرض سياسة “التحصيل المالي مقابل الدعم السياسي” التي فرضها على العديد من الدول ومنها ستكون جزيرة تايوان.

وفي مقابلة مع وكالة “بلومبيرغ بيزنس ويك” أعلن ترامب أنه “يجب على تايوان أن تدفع لنا مقابل الدفاع” مضيفاً أن واشنطن “لا تختلف عن شركات التأمين… تايوان لا تعطينا أي شيء”.

القارة الأفريقية

بحسب فورين بوليسي، لم تحظ سياسة الولايات المتحدة تجاه أفريقيا باهتمام كبير في الحملة الانتخابية هذا العام، حيث لم يقدم ترامب ولا المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس الكثير من التفاصيل حول خططهما تجاه القارة. لكن ولاية ترامب الأولى تقدم بعض الأدلة حول الشكل الذي قد يبدو عليه نهجه المستقبلي.

ركزت مبادرة ترامب الإقليمية المميزة، المعروفة باسم “ازدهار أفريقيا”، على تعزيز التجارة وتعميق العلاقات التجارية للشركات الأمريكية في القارة. ومع ذلك، غالباً ما تحدث تجاه أفريقيا بطريقة رافضة وحتى عنصرية، وربما أشهرها عندما انتقد ما أسماه “الدول القذرة” في أفريقيا – كل ذلك بينما لم تطأ قدمه القارة ولو مرة واحدة.

وما يزيد الأمور تعقيداً هو أن ترامب صاغ باستمرار سياسة الولايات المتحدة تجاه أفريقيا في سياق المنافسة الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، مما أحبط القادة الأفارقة الذين سئموا من التعامل معهم باعتبارهم فكرة ثانوية في دوائر السياسة الأمريكية.

قال كاميرون هدسون، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، إن ترامب “أطر بشكل كبير مصلحة الولايات المتحدة في أفريقيا كمنافسة مع الصين، وبدرجة أقل روسيا”.

وأضاف هدسون أن أحد الأسئلة الكبرى المطروحة في المستقبل هو ما إذا كان ترامب سيتمكن من البقاء على نفس الرسالة ومقاومة الإدلاء بمثل هذه التعليقات المهينة حول إفريقيا التي أدلى بها خلال ولايته الأولى، والتي أدت إلى تفاقم التوترات وإعاقة الدبلوماسية.

Exit mobile version