الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرلاجئون منسيون..

لاجئون منسيون..

هاشناغ-نضال الخضري

مسألة اللاجئين في لبنان أو تركيا أو الأردن تسابق كل مساحات البحث عن صورة جديدة، ليس لسوريا فقط بل أيضا لمشهد يشوه الزمن القادم.

لكن ما لم أتوقع سماعه أن اللاجئين في لبنان “يحولون” المال لأهلهم في سوريا، وهذه المسألة “أخلاقية”
بامتياز لأنها تحمل بانوراما تاريخية لسوريا، ابتداء من اللجوء الفلسطيني وانتهاء بمأساة العراق التي دفعت بأعداد كبيرة باتجاه سوريا والأردن.

شرقي المتوسط مساحة على ما يبدو يجب أن تكون مفتوحة، أو هكذا كانت الصورة منذ بدأت الحدود
السياسية تظهر للوجود مع بداية القرن الماضي، وتلك المساحة المفتوحة التي تشكل حركات لجوء مختلفة ظهرت مع الحدود على ما يبدو، فقبل هذا التاريخ كان اللجوء أبعد من شرقي المتوسط؛ أرمني أو شركسي أو غيره من الحالات التي بدت وكأنها شكل اعتيادي، ولكنها تأخذ اليوم موضعا لا يمكن فهمه بالنسبة لمن اعتاد اعتبار جغرافيته بقعة أمان، فكلمة “شام شريف” التي يطلقها الأتراك على سوريا لم تأت من فراغ، بل جاءت من رؤية تعتبر أن “الشام” أرض يمكن البقاء فيها دون إحساس بالغربة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

ما الذي حصل بعد ذلك؟

هو سؤال السياسة التي ألغت الثقافة التي اعتاد عليها السوريون؛ لنصل إلى زمن يجعلنا نشعر بأن تلك الأرض لم تعد تحمل إي إحساس بالسكينة، وأن لبنان ليست خاصرة سوريا أو سوريا امتداد لبنان، بل منطقة حظر أقسى من قانون قيصر.

وإذا كان الخوف من حالات اللجوء الكثيفة مفهوماً، إلا أن القفز باتجاه إعطاء طابع اقتصادي للاجئين تجاه بلادهم فهو أمر يمتزج في الأسى بالسخرية، وربما توحي مناطق تواجد السوريين في لبنان أو غيرها بأن الحياة ربما لم تزر تلك المناطق.

اللجوء سيستمر مادامت تلك الحدود تفرض أشكال التناقض، وهي حدود نفسية وليست سياسية، فسيادة الدول على ما يبدو فرضت رهاب دول الجوار، وخلقت تصورات من طيف رمادي، فأحلامي بدأت باختزان الصور لمدن الصفيح، ولرجال الأمن العام وهم يحكمون على العابرين بأنهم أشخاص فاقدو الهوية، أو تائهون في مساحة الوطن المرتجى.

في سنوات الأزمة هناك ذاكرة قاسية للوطن، وأخرى متشابكة مع “جوار” ظهر وكأنه يحاول التشفي من
سنوات كان مواطنو هذا الجوار يعبرون سوريا أو يتسوقون منها أو حتى يقيمون في مساحة “شام
شريف” دون أي شعور بالغربة، واليوم يمكن كتابة ملحمة للجوء الذي اخترقنا فجأة، وجعلنا نتلمس
الأرض التي تحتوينا وكأنها إثم يرافقنا في تجوالنا في محيط ظهر فجأةً ودون سابق إنذار مثل “جدار النار”.

في سوريا قسوة حياة غير مسبوقة بالنسبة للأجيال التي عاشت تحولات مختلفة، لكن هذه القسوة لها
جانب آخر لثقافة النزوح التي امتصت الفئات الأكثر هشاشة، ولكنها وسمت المجتمع السوري بنمط
جديد لرؤية الآخر وهذا أصعب ما خلفته حالة اللجوء طوال السنوات العشر الماضية.

مقالات ذات صلة