هاشتاغ – أيهم أسد
اعتاد العقل الاقتصادي، وكنوع من إجراءات التحليل والقياس والمقارنة، أن يقوم بتركيب المؤشرات التنموية وأن يقوم بإعادة النظر فيها كل فترة تماشياً مع ما تظهره الحياة الاجتماعية بمفهومها الواسع من تقدم.
وكان نصيب التنمية هذه المرة من التعديل، حيث طال ذلك التعديل تركيب مؤشر التنمية من أجل إدراج متغيرات جديدة تعكس أبعاداً تنموية بات من الضرورة الالتفات إليها وقياسها ومعرفة مدى تطور الدول فيها.
وانطلق التحليل الجديد لتركيب التنمية من تصويب المنظور التحليلي للتنمية البشرية، فقد تم تعديل قياس التنمية من ثلاثة جوانب.
يشتمل الجانب الأول على دمج عامل الجودة في إطار قياس دليل التنمية البشرية من خلال الانتقال نحو مؤشرات جديدة هي كما يلي:
أولاً: الانتقال من مؤشر إنجازات الدخل إلى مؤشر إنجازات الدخل المعدل حسب التوزيع (أي الأخذ بعين الاعتبار توزيع الدخل الوطني).
ثانياً: الانتقال من مؤشر سنوات الدراسة إلى مؤشر سنوات الدراسة المعدلة حسب جودة التعليم (مؤشرات جودة التعليم من مدرسين مدربين وتجهيزات وانترنت).
ثالثاً: الانتقال من مؤشر العمر المتوقع عند الولادة إلى مؤشر جودة الصحة (العمر الصحي المتوقع، أي عدد السنوات التي يتمتع فيها الفرد بحالة صحية جيدة، وعدد الأطباء والأسرة لكل 10 آلاف شخص).
وينطوي الجانب الثاني من التعديل على إضافة بُعد الحوكمة الرشيدة (حكم القانون والوصول إلى العدالة والمساءلة والمشاركة وتقديم الخدمات العامة).
ويشمل الجانب الثالث من التعديل على إضافة بُعد الاستدامة البيئية (تغير المناخ وكفاءة استخدام الطاقة وجودة الهواء وإدارة النفايات ومرافق الصرف الصحي والمعادن الثقيلة).
ونلاحظ من تلك التعديلات الجديدة بأن النظرة إلى التنمية باتت مثقّلة بعوامل جودة الحياة أكثر مما هي مثقّلة بأرقام مجردة فقط، وأنها أخذت متغيرات جديدة في القياس لم تكن مأخوذة في الحسبان سابقاً.
وأصبح الآن بالإمكان أن نقيس التحديات التي تواجها التنمية لا أن نقيس الإنجازات التي حققتها التنمية، وبات بالإمكان أن نرتب دول العالم بناء على ما تواجه من تحديات، وهو الوجه الآخر تماماً لما قامت به من إنجازات.
ولكن من المؤسف تماماً أن نقول إنه بموجب منظور تحديات التنمية أن أي بلد عربي لا يصنف ضمن مجموعات البلدان التي تواجه مستوى منخفضاً أو منخفضاً جداً من تحديات التنمية بل عل العكس فإن كل البلدان العربية تقع ضمن فئة البلدان ذات التحديات المرتفعة جداً للتنمية.
أي؛ باختصار فإن سجل البلدان العربية التنموي مازال ضعيفاً رغم كل التطورات التنموية المحيطة به في العالم ورغم كل الموارد التي تمتلكها.