هاشتاغ-رأي-سامر ضاحي
لم يعتد السوريون، أو قسماً منهم، على ربط شهر آذار بفصل الربيع وتفتح الأزهار فقط، فهذا الاعتبار هو أحد الاعتبارات الاجتماعية التي يمكن اعتبارها نموذجاً للاختلاف، على الأقل من ناحية الأولويات.
كان للسوريين في التاريخ القديم نظرتهم الخاصة لهذا الشهر وهي النظرة المرتبطة بقدوم الربيع بعد الشتاء، فأنتجت حضاراتهم المختلفة احتفالاتها وأعيادها الخاصة التي تليق بأهمية آذار بالنسبة لهم. هذه الاحتفالات وغيرها من مناسبات جرى الضغط عليها بسبب الحاجة إلى الوحدة في زمن كل الحضارات اللاحقة بما فيها عندما انتشرت الحضارة الإسلامية، وتكرر الأمر عند بناء الدولة السورية، فأولوية وحدة الكيان كانت طاغية.
يعرف العنف الاجتماعي بأنه أحد أشكال العنف التي يمارسها المجتمع على أفراده للقبول بمنظومته الفكرية، من هنا يمكن الانتباه إلى أن محاولات فرض منظومة الدولة طغت على بعض الاعتبارات الاجتماعية، بدل أن تبني شرعيتها عليها.
جاءت منظومة الدولة لتضيف في مرحلة ما اعتبارات عيد المعلم وعيد الأم إلى آذار، وبعد ذلك أضافت عيد ثورة الثامن من آذار 1963 الذي امتد حتى التعديل الدستوري في 2012 الذي أنهى العمل به، إلا أنه لا يزال من الاعتبارات الاجتماعية لدى الكثير من المؤسسات الرسمية (ولو من الناحية الشكلية).
هذا النمط من التحول ساهم بإقصاء بعض الاعتبارات التي كانت سائدة في السابق، ولم يكن بالإمكان اعتباره عنفاً اجتماعياً إلا عندما عبر قسم من المجتمع عن رفضه. بالنسبة للبعض جاءت أحداث 2011 لتعبر عن شكل من أشكال الرفض لكثير من الاعتبارات السابقة.
في كثير من الحالات غالباً ما يندلع عنف مضاد كنمط من أنماط ردود الفعل على العنف الاجتماعي، فنكون أمام دوامة عنفية يختلف قطرها الزمني حسب كل مشكة.
تحولات 2011 العنفية وما بعدها في سوريا، أعاد من خلالها البعض جزءاً من الاعتبارات التي جرى القفز عليها، مثل عيد نوروز عند الكرد وأعياد الساحل. من جهة أخرى فرضت التطورات اعتبارات جديدة لمعارضي السلطة مثلاً باجتماعهم على ذكرى 15 آذار 2011 لانطلاق ما يسمونه “الثورة”.
اليوم يعبر آذار عن ذكرى ثورة البعث، وعيد المعلم، وعيد الأم، وعيد نوروز، وعيد المرأة، وعيد “ثورة “2011، لذلك فهو أكثر الاشهر التي تفرق بين السوريين، فهل يمكن مستقبلاً أن يكون شهراً لجمعهم وتكون أولويتهم جعله شهراً لنبذ العنف؟