Site icon هاشتاغ

ما هي أبرز تحديات ضبط الحدود بين سوريا ولبنان؟

أبرز تحديات ضبط الحدود بين سوريا ولبنان

أبرز تحديات ضبط الحدود بين سوريا ولبنان

كشفت الاشتباكات التي اندلعت على الحدود السورية – اللبنانية، الخميس، واستمرت لساعات وانتهت في نهاية المطاف بتسليم أسرى كانوا وقعوا بيد “مطلوبين” عن تحديات تتعلق بتنفيذ مهمة يراها مراقبون “صعبة”.

تتعلق هذه المهمة على وجه الخصوص بمدى قدرة الطرفين السوري واللبناني على ضبط الحدود، وهي التي تحولت خلال السنوات الماضية في ظل حكم نظام الأسد إلى بوابة لتهريب المخدرات والبشر والأسلحة، بحسب موقع “الحرة”.

ولا يقتصر الأمر على ما سبق فحسب، بل كان لـ”حزب الله” اللبناني نوع من الهيمنة الأمنية هناك، سواء من جهة لبنان أو سوريا التي اخترق خاصرتها الغربية وتمركز فيها، بعد محطة معركة القصير في 2013.

ودارت الاشتباكات، الخميس، عندما تقدمت قوات تابعة للإدارة السورية الجديدة باتجاه بلدة “حاويك” الحدودية، وذلك في إطار حملة واسعة النطاق قالت هذه الإدارة إنها أطلقتها بهدف “إغلاق منافذ تهريب الأسلحة والممنوعات”.

ورغم أن هوية الطرف الثاني الذي انخرط في المواجهة لم تعرف بدقة، أشارت عدة مصادر إعلامية متقاطعة من سوريا ولبنان وصحفيون من هناك لموقع “الحرة” إلى أنه يتمثل بـ”عصابات تتبع لعشائر”، ومتهمة بالوقوف وراء عمليات تهريب بالشراكة مع “حزب الله”، بحسب زعمهم.

ولم يصدر أي تعليق من جانب الجيش اللبناني حتى ساعة نشر هذا التقرير.

في المقابل نشر المكتب الإعلامي في محافظة حمص بيانا قال فيه إن الحملة التي أطلقها على الحدود مع لبنان من جهة القصير أسفرت عن توقيف عدد من المطلوبين المتورطين في عمليات تهريب غير مشروعة، بالإضافة إلى ضبط كميات من الأسلحة والممنوعات التي كانت بحوزتهم.

وجاء في البيان، الجمعة، أنه و”خلال تنفيذ الحملة، وقعت اشتباكات بين قوات أمن الحدود وعدد من المطلوبين، مما أسفر عن اختطاف عنصرين من قواتنا”. وقد أفرج عن العنصرين في وقت متأخر من ليل الخميس الجمعة.

هل من السهل ضبط الحدود؟

وكانت الحدود السورية – اللبنانية في عهد نظام الأسد قد تحولت إلى أرض “مشاع” استخدمها “حزب الله” لتهريب الأسلحة والذخائر وحبوب “الكبتاغون”، بحسب تقرير “الحرة”.

ولم يكن أن يتم ذلك خلال السنوات الماضية إلا بموجب سياسة “هادئة” يعتبر خبراء ومراقبون أنها ما تزال مستمرة حتى الآن.

تستند هذه السياسة على المعابر غير الشرعية من جهة.

ومن جهة أخرى تقوم على عمل العصابات التي استخدمها “حزب الله” كواجهات لتمرير أعماله المتعلقة بالتهريب، ولتثبيت أسس “الاقتصاد الموازي” المرتبط به.

ويرى الخبير العسكري اللبناني العميد، ناجي ملاعب، أنه “من الصعب القول إن نفوذ حزب الله انتهى على طول الحدود السورية – اللبنانية”.

وقال: “المناطق الحدودية هي عمليا بيد حزب الله.. وفي السابق كان هناك نوع من التعاضد بين الأخير والعشائر على صعيد بناء الاقتصاد الموازي القائم على تهريب الكبتاغون”.

لا يزال هذا “التعاضد” قائما حتى الآن، بحسب الخبير العسكري، ويضيف: “من الصعب أن ينتهي مباشرة”.

قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011 كانت القرى والبلدات الواقعة على حدود سوريا ولبنان متداخلة، على صعيد العائلات والعشائر، كما يشير الباحث السوري في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، نوار شعبان.

وبعد عام 2013 تحولت تلك المناطق “لكتلة واحدة صلبة” استخدمها “حزب الله” لوجستيا وأمنيا، لتأمين نفسه وكأرض لتمرير السلاح والمخدرات.

وأشار شعبان إلى أن “الطرف الأول لهذه الكتلة هو حزب الله والثاني العصابات المشكلة من بعض العوائل والعشائر هناك”.

وحتى الآن لا تبدو أي ملامح واضحة من الجانب اللبناني من أجل تأمين الحدود مع سوريا بشكل كامل، أو على صعيد تغيير الاستراتيجية القائمة هناك بعد سقوط نظام الأسد.

لكن في المقابل تشير البيانات الصادرة عن إدارة دمشق الجديدة إلى أنها بصدد مواصلة الحملات الأمنية على طول الحدود، بغرض استهداف عصابات التهريب.

علاوة على ذلك، أعلنت قوات الإدارة الجديدة في دمشق على مدى الشهرين الماضيين ضبط عدة شحنات أسلحة كانت في طريقها باتجاه الأراضي اللبنانية.

ورغم أن ذات الحالة انعكست من جانب السلطات في لبنان، إلا أنها بقيت في الإطار الطبيعي المعلن والخاص بمثل هذه الحملات.

ويوضح الباحث السوري، ضياء قدور، أن “عملية ضبط الحدود السورية اللبنانية تعتبر مهمة صعبة ومعقدة نتيجة تداخل القرى وكثرة المعابر غير الشرعية والطبيعة الجغرافية”.

ومع ذلك يقول قدور” إنها “ليست مهمة مستحيلة في نهاية المطاف”.

ويبلغ طول الحدود بين سوريا ولبنان نحو 300 كيلومتر، وتشمل مناطق متعددة تتميز بتضاريسها الصعبة والمعقدة، مما يجعل من الصعب تحديد الحدود بشكل دقيق ومنظم دون تعاون حكومي مشترك بين البلدين لإنهاء الملفات الحدودية العالقة.

بالإضافة إلى ذلك، يشير قدور إلى أن الحدود “تعد موطنا لعدة قرى وبلدات تتشارك العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، والعديد من المعابر غير الشرعية، مما يزيد من تعقيد الوضع الحالي، ويعزز التحديات في تحديد وضبط الحدود بشكل فعال”.

ويرى المحلل العسكري اللبناني، وهبي قاطيشه، أن عملية ضبط الحدود بين سوريا ولبنان “سهلة”، لكنه يربط ذلك بوجود نوايا وقرار حقيقي.

ويقول قاطيشه: “حدود سوريا ولبنان ليست طويلة. هي ليست سيبيريا والمكسيك. أنا كعسكري أرى أن ضبطها سيكون سهلا عندما تكون هناك إرادة من الجانبين”.

لكن وفي المقابل يعتقد ملاعب أن “المنطقة الحدودية بين البلدين تتطلب جهدا كبيرا”.

ومن جانب سوريا وعندما يعاد بناء الجيش هناك “سيكون بمواجهة بقايا العصابات المترسخة على الحدود”، أما فيما يتعلق بلبنان فيتابع المحلل العسكري أنه “رغم وجود أفواج حدودية للجيش اللبناني، إلا أنه كان يعاني سابقا من الالتفاف الذي كان ينفذه التجار والمهربون”.

و”كان الجيش اللبناني يغلق طرقا غير شرعية وما أن ينتهي من ذلك حتى يتفاجئ بطرق أخرى”، وفقا لحديث ملاعب.

وقبل سقوط نظام الأسد لم يكن نفوذ “حزب الله” مقتصرا على الجانب اللبناني من الحدود بل كان له امتداد واسع أيضا داخل سوريا، خاصة في القصير التي شهدت البلدة التابعة لها (حاويك) اشتباكات يوم الخميس.

وبالإضافة إلى أن الحزب كان يستمد القوة هناك من عمل العصابات والعشائر التي تشابكت مصالحه معها كان يحظى أيضا بدعم وتنسيق من “الفرقة الرابعة” التابعة لنظام الأسد، بحسب ملاعب.

ويعتبر الباحث السوري قدور أن “إيران (بعد سقوط نظام الأسد) تحاول التكيف مع الواقع الجديد في سوريا لإعادة إمداد حزب الله بالسلاح، وذلك بالنظر للتهديدات العسكرية التي يتعرض لها نظامها”.

وتسعى إيران أيضا، بحسب الباحث “لإقامة أقل قدر من العلاقات مع دمشق لتمرير مطالبها بدعم حزب الله وتبرير فشلها في سوريا، وضمان ألا تتحول سوريا لبيئة معادية تماما لمشروعها الإقليمي”.

لكن وفقا لما تسير به الأمور وتتجه إليه الأحداث، وبالنظر للتعهدات التي قدمتها الإدارة الجديدة بألا تتحول سوريا لممر لتهريب الأسلحة والمخدرات يعتقد قدور أن “المهمة الإيرانية ستكون صعبة”.

كما يقول الباحث إن ما سبق “قد يجبرها على اتباع طرق بحرية أو جوية بديلة لدعم حزب الله في وقت لاحق”.

ويلاحظ الخبير العسكري ملاعب “وجود تركيز واهتمام وجهد من الجانب السوري لضبط الحدود”، ويقول أيضا إن هذه العمليات لها فوائد مزدوجة على سوريا ولبنان.

لكنه يضيف في المقابل: “إذا بقيت الأمور على طول الحدود بيد العشائر والتجار وحزب الله سيكون المشهد معقدا وصعبا على كلا البلدين في المستقبل”.

ومن جهته يعتقد الباحث السوري شعبان أن “الحدود بحاجة لترسيم وتنسيق مباشر بين الأمن السوري واللبناني”.

Exit mobile version