لا يوجد أحد في العالم حتى الآن يبدو واثقاً تماماً مما سيكون عليه شكل الميتافيرس النهائي في قادم الأيام، ولكن لا يوجد شيء يمكن أن يوقف ميتافيرس الذي سيعيد تشكيل عالم الإنترنت.
يحذّر خبراء تقنيون من المخاطر التي سيتعرض لها رواد عالم الميتافيرس المستقبلي
ويأتي ذلك في الوقت الذي تستثمر فيه شركة “ميتا” مليارات الدولارات لتطوير تقنيات من نظارات وخدمات وتجارب افتراضية داخل العالم.
ووفق الخبراء، فإن هذه المخاطر تتمحور حول مستوى أمان الرواد وخصوصية بياناتهم، وصولاً إلى احتمالية انتهاك بصمات أجسامهم الحيوية مثل بصمة العين والوجه.
وبالعودة إلى أصل الميتافيرس، المصطلح نفسه خرج من صفحات رواية “تحطيم الثلج”، الصادرة في 1992، والتي حاول مؤلفها “نيل ستيفينسون” أن يكسر روتين الحياة اليومية بالدخول إلى عالم افتراضي متكامل يتمكّن بداخله بطل الرواية من الاستمتاع ببعض التجارب، والتي أيضاً لم تخلُ أبدا من المخاطر.
وفيما يلي 5 من أبرز المخاطر التي ستترتب على دخول الميتافيرس :
بيانات حساسة
سيتضمّن تفاعل المستخدمين عبر نظاراتهم الذكية مع عالم الميتافيرس كماً ضخماً من البيانات الناتجة عن أي حركة من رأس أو يد أو حتى عين المستخدم داخل العالم الرقمي الجديد، وذلك هو حال العوالم الرقمية.
ويلجأ مطورو التطبيقات والخدمات والتجارب الافتراضية إلى عدد كبير من الأكواد البرمجية لدراسة وتحليل طريقة استخدام الجمهور، وذلك كالعادة سيتم الاعتماد عليه لتطوير تلك الخدمات وجعلها أكثر راحة وملائمة لتفضيلات المستخدمين المختلفة.
إلى جانب أن المطورين الكبار مثل “ميتا” وغيرهم من الرواد الأوائل لسوق الميتافيرس سيحاولون تحقيق أقصى ربحية ممكنة من بيانات المستخدمين، من خلال عرض إعلانات مباشرة داخل التطبيقات والعوالم الافتراضية في الميتافيرس.
واعترفت “ميتا” مؤخراً، بشكل صريح بأنها من الممكن أن تقوم بجمع بيانات من حركة عيني مستخدمي نظاراتها الذكية ميتا كويست بهدف التعرف على ما إذا كان المستخدم يتفاعل مع الإعلانات المعروضة أمامه في الميتافيرس أم لا.
أزمة الهوية الرقمية
أشار جيناي مارينكوفيتش، مؤسس شركة Tiro Security للأمن المعلوماتي، إلى أن مقدم كل خدمة وعالم افتراضي سيستخدم نظاماً مختلفاً لتأكيد الهوية وإدارة الهويات الرقمية للمستخدمين.
وقال “مارينكوفيتش” إنه في حال لم تكن تلك الأنظمة المختلفة متوافقة للعمل معاً، سيضطر المستخدم إلى تأكيد هويته في كل مرة يحاول التنقل خلالها بين الخدمات.
لذلك يُرجّح بعض الخبراء أن تكون الطريقة الرئيسية لتعريف هوية رواد الميتافيرس هي متغيراتهم الحيوية مثل بصمة العين أو الوجه، ليسهل إثبات هويتهم عند التنقل بين مختلف العوالم والتطبيقات الرقمية في الميتافيرس.
مجهولية الهوية
شهد العالم على مدار السنوات الماضية مدى تأثير انتشار الحسابات المزيفة والروبوتية على الشبكات الاجتماعية على سلامة تجربة المستخدمين، فالعناصر التخريبية تعتمد على استخدام الملايين من تلك الحسابات، لترويج الشائعات ونشر خطاب الكراهية، ولكن بتطبيق هذا المثال على الميتافيرس، سيكون التأثير مدمراً.
وفي حال كان المستخدمون يحضّرون حفلاً ترفيهياً أو مؤتمراً هاماً داخل الميتافيرس، ودخلت مجموعة من الشخصيات الافتراضية، التي يتحكم فيهاها حسابات مزيفة أو روبوتية مجهولة الهوية، وبدأت في مضايقة المشاركين عبر إنشاء حالة من الازدحام الشديد التي تعيق شخصيات المستخدمين الافتراضية عن التجول والحركة، أو كذلك قاموا بالتأثير سلباً على طبيعة البيئة الافتراضية لإقامة الفعالية الرقمية.
ويتسبب ذلك في إزعاج المستخدمين بشكل كبير، أقرب إلى الأذى المادي، نظراً لتواجدهم في هيئة بشرية حتى إن كان ذلك في الميتافيرس.
التحرش والمحتوى المسيء
قبل حتى أن يصل إلى مرحلة الرواج الكامل كالشبكات الاجتماعية حالياً، بدأ المستخدمون الأوائل في الميتافيرس بالتعرض إلى مواقف مزعجة مثل التحرش الإلكتروني.
وسجّل عالم “ميتا” الرقمي “هوريزون وورلدز” العديد من حالات التحرش خلال الأشهر الماضية، وذلك كان وقعه مؤلماً على بعض الضحايا، والذين كانوا جميعاً من السيدات، لدرجة أن إحداهن قالت إنها شعرت وكأنها تعرضت للتحرش بشكل مادي ملموس.
وقد حاولت “ميتا” التعامل مع تلك المشكلة عبر إطلاق ميزة (منطقة آمنة)، التي تجعل المستخدم يضمن تواجد مساحة آمنة من حوله، تحول دون وصول أي شخص إليه بشكل مباشر.
إلى جانب ذلك، طرح بعض الخبراء إشكالية انتشار المحتوى المسيء والمحرض على العنف والعنصرية داخل الميتافيرس، فلابد من أن تضعه الشركات المساهمة في صناعة هذا العالم الرقمي نصب أعينها لوضع حلول رقمية استباقية لمواجهة مخرجاته.
ولكن مشكلة المحتوى المخالف بحسب أندرو بوزورث، مدير “ميتا” التقني، ستكون مشكلة صعبة للغاية أمام الشركات العاملة داخل الميتافيرس، وحلها قد يكون مستحيلاً.
تأمين البيانات
يعد الاختراق الإلكتروني أو تسريب بيانات المستخدمين من المنصات والتطبيقات الإلكترونية تهديداً كبيراً لأمن المستخدمين الإلكتروني خاصةً مع وقوعهم عرضة لوصول بيانات حساباتهم، من كلمات مرور وعناوين بريد إلكتروني وصور وفيديوهات وغيرها من بيانات، لأيدي المخترقين، ولكن حدوث ذلك في الميتافيرس سيكون كارثياً، لأن البيانات المسرّبة قد تتضمن بصمات وجوه وعيون الضحايا.
ويعد تأمين البيانات أحد أهم العوامل الرئيسية لبناء الميتافيرس وتهيئته ليكون عالماً افتراضياً آمناً للمستخدمين، ولكن ذلك غير مضمون أبداً، خاصة مع تأخر التحديث في القطاع القانوني والتشريعي لدى الحكومات، التي مازالت تحاول مواكبة عالم السوشال ميديا ، وبعض الدول لم تصل إلى تلك المرحلة بعد من الأساس.