هاشتاغ-نضال الخضري
اختفت الدهشة في آخر يوم من المدرسة رغم أن كتب الطلاب تكدست في بعض أطراف الشوارع، واكتسح “التلاميذ” حدائق المدينة ضمن مشهد ربما اعتدنا تكراره كل عام، لكنه يكسر هذه السنة نمطية “التمرد”، حيث تقف العملية التربوية على مساحة خطرة بعد “ثورة” الذكاء الصُنعي، فما الذي يمكن أن تقدمه المعارف أمام قدرة موقع مثل wolfram alpha القادر على حل معضلات رياضية وفيزيائية، أو حتى موقع مثل Hemingway القادر على تحويل نصوص يكتبها الذكاء الصنعي إلى نصوص غير قابلة للكشف من قبل الأساتذة، وفي العملية التربوية لم يعد التعلم محصورا بقدرة الأستاذ، لأن الذكاء الصنعي يجمع خبرات الأساتذة في إعطاء الدرس، ويستطيع الطالب تحديد أسلوب التعليم.
المعضلة التربوية ليست شأنا سورياً، فهي قلق يجتاح العالم اليوم، ويحتاج إلى تصورات مختلفة لأن إيقاف ثورة الذكاء الصنعي مستحيلة بعد أن غدت أمرا واقعا، ويكتسب هذا الأمر سمة خاصة في دول أصبح التعليم فيها هشّا لأبعد الحدود، فمنهجية التعليم مازالت تقف عند حدود عمليات التلقين، والبحث عن نتائج الامتحان فقط، فيما ثورة الذكاء الصنعي ممتعة وخطرة في آن ضمن مجتمعات لا تستطيع رسم ملامح تفكير مختلف لكل وظائف الحياة.
في مساحة العلم أصبح من الصعب البحث في الحاضر، لأن الدقائق تلهث نحو المستقبل، وربما لا يكفي ظهور نماذج لاهتمامات معاصرة مثل مسابقات “الروبوت” أو غيرها، لأننا نحتاج لمجتمع يواجه تبعات ما سيخلفه الذكاء الصنعي على “الشخصية الاجتماعية” ككل، ففي بداية القرن الماضي كان “حامل الشهادة العلمية” شخصا متفردا ويتمحور الاهتمام حوله، واليوم فإن من يحمل العلم هو مساحة افتراضية وعملية طويلة من جمع البيانات التي أدت في النهاية لظهور خوارزميات تحرر العالم من عقدة المعرفة، أو تقيدهم بنمطية التعلم وسط فورة المعلومات التي يعالجها الذكاء الصنعي.
سيتقبل العالم ما يحدثة الذكاء الصنعي وسيواجهه رغم احتمال الأزمات، والعملية التعليمية هي التحدي الأكثر خطورة، لأن مرجعية المعرفة بدأت تخرج من يد “الجهات الاعتبارية” إلى “المنصات الافتراضية”، والتنبؤ بشكل مدارس المستقبل هو محط دراسات مستمرة، في المقابل فإن اللغة العربية، وهي لغة التعليم؛ تواجه خطرا معرفيا بعد أن أصبح الذكاء الصنعي بعيدا عنها، وبالتأكيد هناك العديد من المنصات التي تقدم خدمات باللغة العربية، لكن المهم أن كل المعالجات المنطقية هي خارج ثقافتنا ولغتنا.
كيف سنتحرر من معضلة المستقبل؟ إنه سؤال تلخصه تصرفات التلاميذ بتباين مستوياتهم من المجتهد إلى المهمل، فمن يمزق الكتب يقابله طالب آخر يرى من المدرسة “نتائج” امتحانية فقط، وعلى مقلب التعليم يقف الأساتذة أمام مستقبل آخر، فبغض النظر عن هموم الحياة القاتلة هناك دور متفوق يقوم به الذكاء الصُنعي لا يحتل دورهم، بل يهدد البيئة التعليمية التي اعتادوا عليها، ومعضلة المستقبل مستمرة ما لم يظهر الفضول لحلها من خارج “الشكل الرسمي” وربما من الأجيال التي ما زالت تتسمر خلف مقاعد الدراسة لتسمع سردا شفويا غير تفاعلي، فالمستقبل لن يحتمل بيئة التعليم النمطي، والبحث في التحديات التربوية القادمة أصبح ضرورة.