هاشتاغ – نور قاسم
كمعظم مواسم صدور النتائج الامتحانية في سوريا، شهد الموسم الأخير انتقادات واسعة، وسط استياء آلاف الطلبة وذويهم، نتيجة صدور نتائج امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية وما رافقها من أخطاء وصفها البعض بـ”الكارثية”، لدرجة أن طلاباً متفوقين تفاجأوا بنيلهم علامة الصفر.
ويرى الكثيرون في العاصمة دمشق أن عمليات تصحيح الأوراق كانت الأسوأ مقارنة مع السنوات السابقة.
ولأجل ذلك يقترح مدرسون ضرورة التفكير “جدّياً من قِبل وزارة التربية لأتمتة عمليتي التصحيح والتنتيج، أو التوجه إلى أتمتة عملية التنتيج فقط لأن هذا سيساعد بشكلٍ كبير في التخفيف من الأخطاء”.
وقال معاون وزير التربية عبد الحكيم الحماد في مقابلة حصرية لـ”هاشتاغ” إن عدد الذين تقدموا للاعتراض “تجاوز سبعين ألف طالب وطالبة، في حين لم تصل الأخطاء الفعلية إلى ألف خطأً”.
وأشار معاون وزير التربية إلى أن عدد الذين تقدموا إلى امتحانات المرحلة الأولى في الثانوية المهنية والفرعين العلمي والأدبي والثانوية الشرعية بلغ مئتان وأربعون ألف طالب وطالبة، بمعدل وسطي عشرة مواد لكل طالب، أي وصل عدد القسائم الامتحانية إلى مليونين وأربعمائة وخمسون ألف قسيمة.
وأوضح الحماد أنّ الخطأ البشري أو التقني لأسباب فنية أثناء عملية التنتيج هي أمور واردة ولكن “بحدوده المعقولة”.
متفوقون ينالون الصفر
ومن اللاتي تسببت الأخطاء بنيلها درجة الصفر كانت الطالبة سيدرا العلي، وهي من المتفوقات في مدرستها حيث فوجئت بنيلها علامة الصفر في غالبية المواد، بالرغم من أنها صحّحت بنفسها إجاباتها وفقاً لسلم التصحيح وتوقعت علامات ممتازة.
لكن سيدرا لم تكن الوحيدة فقد شاطرها المشكلة المئات من بينهم الطالبة آية صطوف والتي تلقت خبر حصولها على علامة الصفر في مادة اللغة الفرنسية بالرغم من علاماتها شبه التامة في باقي المواد.
وقالت صحيفة “الوطن” المحلية في تقرير إنه مقارنةً مع باقي المحافظات السورية حازت دمشق المرتبة الأولى في عدد طلبات الاعتراض التي بلغت عشرة آلاف طلب، أما محافظة حلب 6752 ، ومحافظة طرطوس أكثر من أربعة آلاف، وفي ريف دمشق 3500 اعتراضاً.
نسيان تدوين البيانات
وفي تصريح سابق من وزير التربية لصحيفة “الوطن” تحدث الدكتور دارم الطباع عن وجود مئة حالة من مختلف المحافظات البعض منها لم يكتب الطالب اسمه أو رقمه.
وتم وضع هذه الحالات جانباً حتى لا تؤخر صدور النتائج العامة، وفي اليوم التالي دققت الوزارة فيها وتأكدت من الأسماء والأرقام الامتحانية وتثبيت نتيجتها لكل طالب.
وقالت المُدّرسة هناء خليفة في حديث لـ”هاشتاغ” إنه لا يمكن محاسَبة الطالب عند وقوع مثل هذه الحالات.. وعبرت عن استغرابها من وجودها وخاصةً في المرحلة الثانوية.
وتساءَلت: “هل يعقَل لطالب بكالوريا نسيان كتابة بياناته؟، وأين المسؤولين عن المراقبة ورؤساء القاعات خلال الفترة الامتحانية؟ فمن ضمن مهامهم أيضاً التأكد من تدوين الطلاب لكافة بياناتهم على القسائم الامتحانية كما أن اللوم لا يقع على الطلاب”.
وعن آلية التعامل مع تلك الأوراق الامتحانية قال معاون وزير التربية عبد الحكيم الحماد لـ”هاشتاغ” إن عدد الكوادر المكلَّفة بالتدقيق في القسائم الامتحانية “يفوق مئة شخص لمرحلة الإدخال الأول. ثم ترحّل بعدها إلى مجموعة أخرى للإدخال للمرة الثانية”.
وعند ملاحظة أي خطأ سواء في جمع الدرجات أو عند رفع المجموع إلى مربعه فتسلَّم إلى الاختصاصيين بمديرية الامتحانات للتواصل مع مديريات التربية المعنية بالقسائم التي لوحظ فيها أي إشكالية ومن ثم مطابقة النتيجة الجديدة على هذه القسيمة قبل إدخالها إلى الحاسب، على حد قول الحماد.
وأضاف: “من ثم ترسَل كافة القسائم بعد تدقيقها إلى مركز الحاسب لإتمام عملية الأرشفة”.
ولفت “الحمّاد” إلى أنه وأثناء تقديم الطلاب للاعتراض يعتقدون بإمكانية إعادة التصحيح، علماً أنه لا إمكانية لذلك في المرحلة الأولى وإنما يتاح إعادة التصحيح لمادة واحدة فقط في الدورة التكميلية.
مطالب بتثبيت مراكز التصحيح
ويعاني عدد من المصححين من عدم الثبات في مركز التصحيح، فسنوياً يُنقَلون من مركز إلى آخر.
واقترح المصحح أحمد الظاهر في مقابلة لـ”هاشتاغ” تثبيت المراكز وتزويدها بالخدمات الملائمة كالمراوح لتكون إلى حدٍّ ما بيئة مناسبة لأجواء التصحيح.
لكن معاون وزير التربية يرى أنه لا إمكانية لتحديد مكان ثابت محدد لإجراء عمليات التصحيح، لأن المراكز هي مدارس وربما تكون ضمن المدارس التي سيتم صيانتها، وفي هذه الحالة لا بد من نقل مركز التصحيح من مدرسة إلى أُخرى.
وأضاف: “كافة مديريات التربية تقوم بتأمين طلبات جميع المصححين وتقديم الخدمات التي في متناول اليد”.
لكن المصحح أحمد الظاهر، طالب أيضاً بضرورة توفير وسائط نقل كافية في المواسم الامتحانية المقبلة، لأن “تخصيص باصين فقط بدمشق لنقل المدرسين من وإلى مركز التصحيح غير كاف، وأن عدد من المدرسين تكلفوا أعباءً مادية إضافية للمواصلات”.
من جهته قال عبد الحكيم الحمّاد إن “مديريات التربية في كافة المحافظات تواصلت مع المجتمعات المحلية والمحافظين لتأمين المحروقات ووسائط النقل لكوادر التصحيح”.
مبيناً أن إنجاز العملية الامتحانية يتعلق بعدة جهات وليس فقط وزارة التربية، فوزارة الإدارة المحلية والبيئة معنية أيضاً وكل محافِظ على مستوى محافظته يؤمّن المحروقات ووسائط النقل والمساهمة بتوجيه الجهات المعنية لحماية العملية الامتحانية.
وأوضح: “وتشارك فيها أيضاً وزارتي الداخلية والدفاع بنقل أوراق الإجابة جواً على سبيل المثال من الحسكة إلى دمشق أو العكس، ووزارة الاتصالات أيضا لها دورها، وأيضاً وزارة الصحة معنية بتعقيم المدارس وفرز الكوادر لحماية الطلاب أثناء العملية الامتحانية على اعتبارها امتحانات على مستوى الوطن”
ماذا عن الأجور؟
في هذا الإطار يطالب مصححون بتحسين أجورهم في الموسم القادم، “فالتصحيح متعب جداً وأحياناً يضطرون للبقاء في المركز لساعات متأخرة ” بحسب المصححة هناء خليفة.
وأضافت: “يتقاضون فيما بعد أجوراً دون مئة ألف ليرة، ونستغرب نسبة ضرائب المالية على أجور التصحيح أيضاً”.
وقال معاون وزير التربية عبد الحكيم الحمّاد إن الوزارة تحاول ما بوسعها لتحسين وضع المدرّسين، “لدينا محاولات للتواصل مع وزارة المالية لتحسين الواقع التعليمي وخصوصاً المصححين”.
ولفت إلى أنه تترتب أعباء مالية كبيرة على سير العملية الامتحانية التصحيح، فورقة الاجابة لوحدها تكلف ما يقارب ألف ليرة، وكل طالب لديه عشرة أوراق للكتابة عليها فقط وتالياً يوجد عبء على منظومة التعليم من الناحية المالية.