تشهد “إسرائيل” هجرة غير مسبوقة، خاصة بين الفئات العمرية الشابة والأكثر تعليماً، وهو ما يشير إلى تحديات اجتماعية واقتصادية متزايدة في ظل الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزة.
ورغم عودة بعض الإسرائيليين بعد فترات طويلة في الخارج، فإن الفجوة الكبيرة بين المغادرين والعائدين تشكل تهديداً لاستقرار القوى العاملة والنمو الاقتصادي في “إسرائيل”، وفقاً لمصادر إعلامية.
أعداد هائلة
كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أن 40,600 شخص إسرائيلي غادر خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، بمعدل 2200 شخص أكثر شهرياً مقارنة ً بعام 2023.
ويغادر هؤلاء الإسرائيليون ومعهم أموالهم وشهاداتهم الأكاديمية ومهاراتهم المهنية، مما يعكس أزمة أعمق تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في “إسرائيل”.
زيادة ملحوظة
وفقاً للصحيفة، فإن هذه الأرقام تُظهر الضرر طويل الأمد الذي تتسبب فيه الهجرة “لإسرائيل”، حتى في المناطق التي تعتبر بعيدة عن بؤر الصراع في الشمال والجنوب.
وأفاد تقرير الصحيفة أن الهجرة أصبحت مسألة مقلقة نظراً لتزايد معدلاتها، حيث وصل عدد المهاجرين في عام 2023 إلى 55,400 شخص، وهو رقم قياسي مقارنة بالمتوسط السنوي البالغ 37,100 شخص خلال العقد الماضي.
وفي المقابل، عاد 27,800 إسرائيلي بعد فترات طويلة من العيش في الخارج، مما يمثل زيادة عن المتوسط السنوي البالغ 23,800 شخص خلال العقد الماضي.
إلا أن هذه الأرقام تشير إلى وجود فجوة كبيرة بين عدد المغادرين والعائدين، بحسب تقرير الصحيفة.
أسباب الهجرة وتوزيع المهاجرين
أظهرت البيانات أن 39% من المهاجرين في عام 2023 كانوا من المناطق الأكثر ثراءً في “إسرائيل”، بما في ذلك تل أبيب والمنطقة الوسطى.
كما غادر 28% من المهاجرين من مناطق حيفا والشمال، في حين جاء 15% منهم من الجنوب.
حتى القدس، التي تتمتع بأهمية دينية وسياسية، ساهمت بنسبة 13% من مجموع المهاجرين.
أما من مناطق “يهودا والسامرة” (الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية)، فقد كانت نسبة المهاجرين 5%.
وارتفعت معدلات الهجرة بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف، حيث غادر 5200 شخص في المتوسط شهرياً خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، بينما ارتفع العدد إلى 7300 شخص في شهري حزيران/ يونيو وتموز/يوليو.
وفي آب/ أغسطس، عاد حوالي 20,500 إسرائيلي ممن يقيمون عادة في الخارج للزيارة فقط.
التأثير على القوى العاملة
بلغ متوسط أعمار المهاجرين من الرجال في عام 2023 حوالي 31.6 عاماً، بينما بلغ متوسط أعمار النساء 32.5 عاماً.
ويُظهر التقرير أن الأشخاص في العشرينيات والثلاثينيات من العمر شكلوا 40% من المهاجرين، رغم أنهم يمثلون 27% فقط من إجمالي السكان.
ويعني هذا أن “إسرائيل” تفقد نسبة كبيرة من قواها العاملة في مرحلة حاسمة من حياتهم المهنية، حيث يدخل العديد منهم سوق العمل أو يتابعون دراساتهم الأكاديمية في الخارج.
وأظهرت الإحصائيات أن 48% من الرجال المهاجرين و45% من النساء كانوا عزاباً.
كما هاجر حوالي 41% منهم مع شريك حياتهم، مما يعزز الانطباع بأن الكثيرين يخططون لمغادرة “إسرائيل” بشكل نهائي.
المكونات الديموغرافية للهجرة
لفت التقرير إلى أن المسيحيين غير العرب، الذين قدموا إلى “إسرائيل” من الاتحاد السوفيتي السابق، شكلوا 32.4% من المهاجرين في عام 2023، رغم أنهم يمثلون 4.9% فقط من عموم السكان.
في المقابل، ساهم المسلمون والمسيحيون العرب بنسبة أقل في موجة الهجرة، إذ لم يمثلوا سوى 6.2% من المهاجرين، على الرغم من أنهم يشكلون 21.3% من سكان “إسرائيل”.