هاشتاغ – نور قاسم
مازال موضوع الأسمدة وارتفاع أسعارها وتعطش السوق السوري إلى هذه المادة حديث الشارع السوري، في بلد يعيش الملايين من سكانه على الزراعة.
الكثير من الوعود الحكومية تم إطلاقها، وفحواها السعي لتأمين المادة للفلاحين، ناهيك عن الخطط التي صُرح عنها سابقاً لحل هذه المعضلة من دون أن تُبصر النور إلى الآن .
وكان من ضمن الحلول المُقترَحة من قِبل وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا خلال تصريح سابق لـ”هاشتاغ”، إجراء مفاوضات للمقايضة على بعض ا لقاء الأسمدة، ووصف هذا الإجراء آنذاك بالحل الأنسب لتوفيره للفلاحين .
تهرب من الإجابة
بعد مرور نحو شهرين على هذا التصريح ،”هاشتاغ” سأل في وزارة الزراعة عما إذا تم تنفيذ ما تحدث عنه الوزير خلال تصريحاته حول الأسمدة، إلا أن الوزارة آثرت الصمت وعدم الإجابة عن هذا السؤال لترمي الكرة في ملعب المصرف الزراعي السوري ، على أساس أنه هو المعني المباشر بكل ما يخص الأسمدة للفلاحين .
المدير العام للمصرف الزراعي أحمد الزهري قال في تصريح لـ”هاشتاغ” إنه لا يَعلَم أي شيء حول تصريحات الوزير السابقة بخصوص وجود مقايضة على بعض المحاصيل الزراعية السورية لقاء توفير الأسمدة للفلاحين، مبيناً أن السعي من قِبل المصرف الزراعي ينصب باتجاه إبرام العقود لاستيراد السماد الآزوتي من الدول الصديقة وتأمينه للفلاحين، وذكر الزهري بأن الحكومة في كامل الاستنفار والسعي لتأمين السماد للفلاحين .
في الطرف المقابل، ومن خلال المعلومات التي حصل عليها “هاشتاغ” يبدو أنه يوجد أيدٍ خَفية تسعى لأن تكون وحدها في سوق الأسمدة السورية، وخصوصاً أن الحاجة كبيرة جداً وماسة والسوق وفي حالة عطش دائم لها .
تطبيق المقايضة إنجاز
خبير الاقتصاد الزراعي وائل حبيب قال لـ”هاشتاغ” إنه في حال طُبقت المقايضة فسيكون هذا الأمر بمثابة الإنجاز الكبير و الحل الأنجع للفلاح، مشيراً إلى وجود العديد من المحاصيل الزراعية الفائضة التي يمكن الاستفادة منها في التصدير العَيني والحصول على السماد من روسيا على سبيل المثال .
ولفت حبيب إلى أن إيجاد الحلول الجذرية لمشكلة الأسمدة سيؤدي إلى تعاظم الخيرات في الإنتاج الزراعي، لأن الأسمدة هي سبب الثورة الخضراء أو الثورة الزراعية، وبدونها لا يمكن النهوض بالقطاع الزراعي، ولا بد من الحصول عليها سواء بإنتاجها محليا أو باستيرادها، مبيناً أن رفع سعرها يؤدي لرفع السعر على المستهلك بالضرورة، وما ينتج عنه من الإرهاق للفلاح مادياً والتأثير سلباً على أرباحه التي تصبح ضمن الحدود الدنيا .
امتعاض الفلاحين
ومن جهة أُخرى ثمة امتعاض كبير من قِبَل المنتجين الزراعيين بسبب رفع سعر الأسمدة من قِبل المصرف الزراعي بشكل كبير، وهو ما أدى إلى تعقيد الأمر على الفلاح أكثر من ذي قبل. وقال عدد من المنتجين الزراعيين لـ”هاشتاغ” إنهم تضرروا كثيراً بسبب هذه القرارات الأخيرة من رفع الأسعار .
المزارع أحمد زيدان من ريف دمشق، قال لـ”هاشتاغ” إنه اضطر لإيقاف استخدام الأسمدة الكيميائية واللجوء إلى السماد العضوي، لافتاً إلى أن السماد العضوي لا يكفي لوحده، فالأرض لكي تنتج بالشكل الأمثل تحتاج إلى سماد اليوريا و السوبر فوسفات، وبدونهما يمكن أن تنخفض إنتاجية الأرض إلى أكثر من النصف، وأما الاسمدة العضوية على اختلاف أنواعها فهي تستخدم على نطاق ضيق ومساحات صغيرة.
وأما المنتج الزراعي فايز زرزور فقد بيّن أنه يضطر في كثير من الأحيان للقروض أو للاستدانة بالفائدة لكي يحصل على السماد لأرضه ويتمكن من زراعتها للاستفادة من منتجات أرضه.
وكان رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف قال في تصريح سابق إن قرار رفع سعر الأسمدة عاد بالسلب على كافة الفلاحين وسيكون له تبعاته غير المحمودة سواء على الإنتاج الزراعي أو الحياة الاجتماعية للفلاحين، مضيفا أن الفلاح لم يعد يرغب بالتوسع بالزراعة في أراضيه.
وبيّن أن الاتحاد العام للفلاحين لم يكن لديه أي علم برفع السعر من المصرف الزراعي وصدر القرار بشكل مفاجئ للاتحاد، و أن مندوب الاتحاد لم يحضر اجتماع مجلس الإدارة العامة للمصرف الزراعي عندما صدر القرار برفع سعر السماد.
مدير المصرف الزراعي أحمد الزهري قال لـ”هاشتاغ” إن التسعير تم بناءً على التوصية من اللجنة الاقتصادية التي كلفت بدورها المصرف الزراعي للتسعير بناءً على ضوء التكاليف وإضافة هامش ربح بنسبة 2 بالمئة، مبيناً أن اللجنة الاقتصادية لم تطلب من المصرف الزراعي التنسيق مع اتحاد الفلاحين أو أي شخص آخر ، وتالياً المصرف الزراعي عندما رفع الأسعار دون الرجوع إلى اتحاد الفلاحين ما هو إلى تقيد بتوصيات اللجنة الاقتصادية .
أين إنتاج معمل السماد؟
الزهري يلفت إلى أنه في حال باشرت معامل الأسمدة الموجودة في محافظة حمص بالإنتاج فسيتم تسليم الكميات المنتجة إلى المصرف، مبيناً أنه متوقف عن العمل منذ فترة، علما أنه مستثمَر من قِبَل شركة روسية ، وأن آلات المعمل قديمة جداً ويحتاج إلى إعادة عمرة .
وأشار إلى وجود متابعة لهذه المعامل، و في حال إعادة الإنتاج سيتم تسليم السماد إلى المصرف الذي بدوره سيوزعه على الفلاحين نظراً للحاجة الماسة إلى السماد .
ولكن؛ في الطرف المقابل تُبين المعلومات التي حصل عليها “هاشتاغ” فإن المعامل الموجودة في حمص ما زالت تعمل وتنتِج سماد اليوريا و السوبر فوسفات باستخدام غاز اليوريا من مصفاة النفط، إضافةً إلى الفوسفات الموجود في حمص، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أين يذهب إنتاج السماد الذي يحتاجه الفلاح ؟
عدد من المنتجين الزراعيين اشتكوا من غياب أي داعم أو مدافع في الحكومة عن حقهم بالحصول على السماد الآزوتي، وتساءلوا هل كل ما تحدثت عنه الحكومة لحل معاناتهم سيتحقق على الأرض، لأنهم إلى الآن لم يحصلوا سوى على الوعود، ولم تُطبَّق على أرض الواقع أي من التسهيلات الواجبة لهم أو الالتزام بحقوقهم على أقل تقدير ، وقال أحدهم “عندما نستمع إلى مسؤولي حكومتنا أثناء المؤتمرات بما يخص الشأن الزراعي نشعر أن الزراعة بسوريا بخير وكل شيء على ما يرام ولكن الواقع عكس ذلك تماماً.”
خلق المنافسة
عضو مجلس غرفة زراعة دمشق ومجلس اتحاد الغرف الزراعية مجد أيوب قال لـ”هاشتاغ” إن الحل يكمن بالسماح لأكثر من مستورد في القطاع الخاص باستيراد السماد أيضاً، لخلق المنافسة التي تساهم بحد ذاتها في تخفيض الأسعار .
وأضاف أيوب أنه ثمة حل آخر أيضاً وهو السماح للشركات الخاصة التي تمتلك معامل أسمدة للتصنيع محلياً، مبيناً وجود أكثر من معمل في كل من دمشق وحمص وحلب، وأنهم لكي يستطيعوا إنتاج السماد فيحتاجون إلى المواد الأولية اللازمة مثل غاز اليوريا التي تنتجه مصافي النفط على سبيل المثال .
وقالت مصادر لـ”هاشتاغ” إن أصحاب هذه المعامل طالبوا الحكومة بتأمين المواد الأولية لهم، وعبروا عن استعدادهم لشراء هذه المواد لكي يتمكنوا من تصنيع السماد، ولكن كانت مطالبهم دون جدوى.
نوعيات رديئة
الخبير الاقتصادي الزراعي وائل حبيب يلفت إلى نقطة أخرى، فيقول إن ثمة أسمدة دخلت إلى الأسواق السورية بنوعيات رديئة مقارنةً بأنواع الأسمدة التي كانت تنتج محلياً المعروفة بجودتها العالية.
ولفت إلى أن هذه الأسمدة الموجودة في الأسواق ربما تكون مهربة، وبالرغم مما يدوَّن عليها من مواصفات بأنها مرتفعة الجودة ولكن عند تجربتها على أرض الواقع يظهر أن فاعليتها أقل من المستوى المطلوب.
وبين حبيب أن أغلب هذه النوعيات الرديئة مصدرها الهند والصين، وهي ذات استخدام تجاري فقط، وأنه من الضروري تفعيل عمل المخابر بشكل أكبر للتحقق من جودة السماد الذي يدخل إلى سوريا.