Site icon هاشتاغ

أهداف التنمية المستدامة ولعنة البيانات

هاشتاغ – أيهم أسد

لا يُفهم الاقتصاد إلا بالمؤشرات.

قد تبدو هذه العبارة بسيطة جداً لكنها في الحقيقة تختزل الكثير من الأبعاد، فمن يريد إدراك الاقتصاد فلا بد له من تقصّي مؤشراته، ومن المعروف أن اللبنة الأساسية لبناء المؤشرات هي “البيانات”.

تقوم كل حكومات العالم والمنظمات الدولية اليوم بترجمة المسائل التنموية كلها إلى مؤشرات وذلك لعدة أسباب أهمها:

أولاً: يمكن بواسطة المؤشرات فهم تطور القضايا التنموية المحلية عبر الزمن.

ثانياً: من خلال المؤشرات يمكن إجراء مقارنة مع الاقتصادات والمجتمعات الأخرى لمعرفة مدى تطور أو تأخر الاقتصاد الوطني.

يأتي هذا الحديث اليوم في ظل بدء الحكومة السورية بإعداد التقرير الوطني الثاني للتنمية المستدامة في سوريا والذي يتطلب توافر مؤشرات حول أهداف التنمية المستدامة البالغ عددها 17 هدفاً وتضم 169 مقصداً وتحتوي تلك المقاصد على قرابة 263 مؤشراً.

يحتاج بناء تلك المؤشرات الوطنية إلى بيانات تتوافق مع أهداف ومقاصد ومؤشرات التنمية المستدامة، لكن المشكلة الحقيقية والتي يصطدم بها معدّو تقارير التنمية المستدامة الوطنية تكمن في النقاط التالية دائماً:

الأولى: هي عدم وجود بيانات عن بعض المؤشرات.

الثانية: هي وجود بيانات لكنها مشتتة وتحتاج إلى وقت طويل لجمعها وتصنيفها.

الثالثة: وجود حالة من التناقض في تلك البيانات بين الجهات العامة المسؤولة عنها.

الرابعة: وجود اقتصاد غير منظم كبير جداً لا يعرف عن بياناته أي شيء.

الخامسة: أن بعض البيانات يحتاج الحصول عليها إلى إجراء مسوحات ميدانية وإدخال ومعالجة وتحليل وهو ما لا يتوفر دائماً لدى الكثير من الجهات العامة.

بناء على ما سبق، فإن الكثير من المؤشرات تبقى غير مقاسة أو أن الكثير من المؤشرات تعاني من تأخر زمني في إعدادها، ومثال ذلك أننا اليوم في نهاية عام 2022 إلا أن الكثير من مؤشرات التنمية المستدامة لا تتاح عنها بيانات إلا عن عام 2020.

ما الحل إذاً؟

ما زلنا نقول بأن الاقتصاد السوري بحاجة إلى جهة مركزية متمكنة جداً مادياً وبشرياً وتكنولوجياً قادرة على إدارة ملف بيانات وطنية شامل لكل مكونات الاقتصاد والمجتمع، وقادرة على جمع وتصنيف وتحليل ومقارنة البيانات الوطنية طوال الوقت وفق منهجيات وطنية محددة ومتفق عليها.

ليس من أجل التقارير الدولية أبداً، بل من أجل خلق القدرة الوطنية على فهم ديناميات الاقتصاد والمجتمع وما يلزم لتغييره وتطويره وتحديد الاستراتيجيات الوطنية اللازمة له أو يمكن القول بأن تلك الجهة قد تخلصنا يوماً ما من “لعنة البيانات”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version