الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرإدارة الأزمة.. سوريا

إدارة الأزمة.. سوريا

هاشتاغ-مازن بلال

عكست وسائل التواصل الاجتماعي السورية حالة اعتيادية من ردود الفعل تجاه رفع سعر البنزين، وهذه التعليقات غالبا ما تأتي ضمن صيغة “التهكم”، لكن المسألة أخذت شكلا مختلفا ينقل شكلا من الإحباط.

فمادة البنزين التي خضعت خلال الأشهر القليلة الماضية لتعديلات متتالية تعكس سياسات عامة، وليس زيادة فقط في سعر مادة واحدة من المحروقات، وإدارة الأزمة في سوريا حملت معها خلال عام واحد تحولات توحي بأن الدعم يتم رفعه تدريجيا، بينما تبقى موارد المواطن محكومة بظرف اقتصادي لا يتيح التعامل مع نسب تضخم مرتفعة.

المسألة هنا لا تطال الإجراءات الاقتصادية بقدر كونها عدم القدرة على تصور أبعاد “الأزمة السورية” عموما، فسياسيا هناك سلسلة قد تطول من التحركات الدبلوماسية التي تتوقف أو تسير وفق الظرف الدولي، ولكن على المستوى الداخلي يبدو الأمر أكثر تعقيدا لأنه يرتبط بـ”التماسك العام” الذي يدعم سير العملية السياسية، وهذا الموضوع يتطلب تصورا لنوعية الصعوبات ليس على مستوى الحكومة بل بداية على مستوى المجتمع؛ لأن قدرة المجتمع على الإنتاج هي التي تضمن التماسك في ظروف الصعوبات التي تواجه الجميع.

هناك بالتأكيد ترابط في كافة سويات الأزمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فالتصور العام في البداية أساسيا لإدارة الأزمة ككل، والملاحظ هنا أمرين أساسيين:

الأول أن الملف السياسي رغم العديد من المؤتمرات وقرار أممي، إضافة لسلسلة لقاءات في أستانة وغيرها من عواصم الشرق، لكن تحديدات الحل السياسي مرتبطة بالتداعيات الإقليمية والدولية، وليس برؤية يتم إسناد كافة المبادرات إليها.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

المسألة هنا لا تتعلق بالثوابت التي يتم طرحها دائما حول ماهية الأزمة السورية على الصعيد الرسمي، أو حتى من خلال اللقاءات الدولية وبيانات المعارضة في الخارج، إنما بممكنات الحل التي تضمن “التماسك العام” وهو بدوره سيوفر البنزين الأساسيين في كل اللقاءات الدولية في الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا، فبدون هذا التماسك تخسر سوريا فعالية الكتلة البشرية التي تحمي السيادة ووحدة الأرض، والمفارقة هنا أن ممكنات الحل لا يمكن أن تبدأ إلا من الداخل السوري، بينما يتم انعقاد كافة المؤتمرات في الخارج، فرسم الممكنات هو وظيفة داخلية على المستوى الثقافي العام، وليست مهمة حكومية أو آلية دولية.

الثاني أن الملف الاقتصادي لا يحتاج فقط إلى جدية في رسم التصورات، بل إلى موثوقية تجاه السياسات العامة التي تنتهجها الحكومة، وهذه السياسات مرتبطة بالملفين الاقتصادي والسياسي، فعندما يبدأ البحث في ممكنات الحل على مستوى الثقافة العامة في سوريا، عندها يمكن أن تظهر الموثوقية تجاه السياسات العامة بما فيها مسألة رفع الدعم.

نحن أمام مجتمع ليس مرهقا فقط من سنوات الحرب، بل أيضا من عدم القدرة على رؤية آفاق جديدة، فهناك زمن متوقف عند حدود بداية الأزمة وواقع تجاوز عمليا القدرة على خلق إنتاج يتيح ممكنات جديدة، فالأزمة تبدو وكأنها تتشابك لكنها لا ترسم ملمحا لخطوة غير اعتيادية، والموثوقية بين المجتمع والسياسات العامة لا ترتبط برفع الأسعار، إنما بعدم تقديم تصور يستطيع وضع خارطة طريق واضحة.

مقالات ذات صلة