الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرإعادة الهيكلة.. السياسة التي دوَّخت (8) حكومات خلال (16) عاماً

إعادة الهيكلة.. السياسة التي دوَّخت (8) حكومات خلال (16) عاماً

رأي – أيهم أسد

عندما قدمت الحكومة السورية الخطة الخمسية العاشرة للأعوام (2006 – 2010) على أنها خطة حكومية لا مركزية من أجل إدارة الاقتصاد بعقلية جديدة، قدمت ضمنها ما سمته في حينه سياسة “إعادة هيكلة الاقتصاد”، وكان القصد منه وفق توجهات الخطة المكتوبة هو تعديل بنية الاقتصاد من أجل تجاوز مشكلاته التي كانت تعرقل نموه وتطوره حسبما أوردت الخطة.

انتهت الخطة الخمسية العاشرة ولم تتم إعادة هيكلة الاقتصاد كما أرادت، لا بل إن أياً من الأهداف التي وضعتها لم تتحقق فعلياُ باستثناء ما ورد فيها عن ضرورة رفع الدعم تدريجياً والذي اتخذت أولى قراراته المفاجئة في صيف عام 2008 عندما تم رفع سعر المحروقات ثلاثة أضعاف مرة واحدة دون الأخذ بعين الاعتبار نتائج ما سيحدث للاقتصاد والمواطن جراء ذلك.

وخلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة تم طرح مصطلح سياسة “إعادة هيكلة الإنفاق العام”، والذي تم طرحه وتداوله بقوة كبيرة من أجل إعادة ضخ المال العام في الاقتصاد بشكل أكثر فعالية، وبشكل يحقق الأولويات المالية للحكومة ولم تشرح الحكومة كيف ستتم إعادة هيكلة الإنفاق تلك.

والنتيجة أن المال العام لم تتم إعادة هيكلته، وأن الفساد والهدر في الإنفاق العام استمر، وأن كمية الإنفاق العام باتت تزداد ظاهرياً عاماً بعد عام دون أن يعرف أحد إن كان تأثير تلك الزيادة ايجابياً أم سلبياً، وأن عجز الموازنة العامة للدولة لم يتوقف، وأن بنية الموازنة العامة للدولة بقيت على حالها، وأن إعادة هيكلة المال العام وفق الرؤية الحكومية لم يقابلها إعادة هيكلة الإيرادات العامة.

ولم ييأس الخطاب الاقتصادي الحكومي من إخفاقاته السابقة، فعاد مجدداً هذه المرة لطرح مصطلح جديد في إعادة الهيكلة هو مصطلح سياسة “إعادة هيكلة الدعم”، فقد أثقل الإنفاق على الدعم الاجتماعي من وقود ومواد تموينية وكهرباء كاهل الموازنة العامة للدولة ولم يعد بالإمكان الاستمرار بتحمل ذلك العبء المالي وفق الخطاب الحكومي التبريري، وبات من الضروري أن يتم اختزال وتقليص ذلك الدعم تمهيداً لطيّه نهائياً.

لكن إعادة هيكلة الدعم اختزلت في مراحلها الأولى إلى رفع الدعم فقط بشكل سنوي متتالٍ دون الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية واستحقاقه أو عدم استحقاقه، فاتخذت إدارة الملف شكلاً مالياً بحتاً منفصلاً عن بعده الاجتماعي، وعندما قررت الحكومة تقسيم المجتمع إلى مستحقين وغير مستحقين للدعم دخلت في فوضى المعايير وفوضى إدارة البيانات.

ثلاث حالات حول ما يسمى بسياسة “إعادة الهيكلة” لم تستطع الوزارات المعنية بها في ثمان حكومات متعاقبة خلال ستة عشر عاماً من التعامل معها بكفاءة، ولم تكن لها نتائج حقيقية في الواقع، فربما كانت تلك الوزارات هي التي تحتاج إلى إعادة هيكلة فكرية وإدارية كي تستطيع إعادة هيكلة الاقتصاد والإنفاق العام والدعم.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة