هاشتاغ-عـلام العـبد
أكد الناطق الرسمي باسم لجان المصالحة الوطنية السورية، عمر رحمون، أن إغلاق تركيا للمعابر غير الشرعية مع سورية دفع الناس الراغبين بالعودة إلى مناطق سيطرة الدولة للجوء إلى التهريب، بهدف الخروج من حالة الجحيم التي يعيشونها في المناطق التي تسيطر عليها “جبهة النصرة”.
تكاليف باهظة
وكشف عمر رحمون في تصريحات خاصة بـ”هاشتاغ” أن هذا الهروب يكلف الناس مبالغ طائلة، فمنهم من يدفع للمهرب 400 دولار ومنهم من يدفع 500، وقد يصل الرقم إلى ألف دولار وأحيانا أكثر .
أضاف رحمون أن هؤلاء الناس يتعرضون للكثير من التعب والتهديد والنصب والاحتيال أثناء سلوكهم طرق التهريب، وأحياناً يتعرضون للخطف وأحيانا للموت بالألغام والمتفجرات الموجودة على الحدود بين الطرفين.
المتابع لواقع المعابر في الشمال السوري وشرق الفرات يلاحظ كيف قيَّدت “قسد” و”جبهة النصرة” الحركة على المعابر، حيث انخفض عدد المسموح لهم بالعبور عبر هذا المعبر أو ذاك، ويُسمح لفئات محددة بالعبور، كالحالات المرضية والعاملين في مجال الإغاثة، وذلك منذ آذار 2015 تاريخ سقوط محافظة إدلب بيد التنظيمات الإرهابية التي شددت القوانين المتعلقة بالعبور عبر المعابر التي قامت بإنشائها.
جرح نازف
يقول رحمون إن معابر الشمال السوري وشرق الفرات، ما زالت حتى اللحظة تشكل الجرح النازف للسوريين من النازحين والمهجرين، حيث يوجد آلاف الحالات الإنسانية في الشمال السوري وشرق الفرات تعاني بسبب إغلاق هذا المعبر أوذاك، وهي بحاجة ماسة إلى السفر العاجل وبالعكس، وكان أهالي تلك المناطق يعلقون آمالاً كبيرة على تحرير إدلب من المجموعات المسلحة.
ويأمل رحمون أن تخرج عملية فتح المعابر عن حالة الصخب الإعلامي والمسكنات، إلى التعاطي بشكل إيجابي وإنساني مع الواقع الصعب والمرير الذي خلًفه خروج مناطق الشمال السوري وشرق الفرات من سيطرة الدولة .
محاولات باءت بالفشل
في العودة قليلاً للوراء يمكن الحديث عن اجتماع أمني عقد أواخر الشهر الماضي في حلب، وحضرة عدد من رؤساء العشائر في ريف المحافظة ويومها، طالبوا اللجنة الأمنية العليا بالسعي من أجل فتح معبري “التايهة وأبو الزندين” والسماح بإدخال المواشي والآليات الزراعية بدون ترسيم. حينها أكدت اللجنة على تقديم كل التسهيلات اللازمة لعودة المزارعين والأهالي والمهجرين، ولكن المجموعات المسلحة في الشمال وشرق الفرات رفضت بشكل قاطع فتح المعابر في الشمال السوري، وخاصة عندما أقدمت على منع طلاب الشهادتين في “مناطق خفض التصعيد” من الوصول إلى مناطق سيطرة الدولة السورية.
مضى أكثر من عشر سنوات من عمر المعابر الجائرة في الشمال السوري وشرق الفرات المفروضة على السوريين هناك، حيث حول الحصار حياة السوريين في الشمال إلى جحيم لا يطاق, وانعكس بشكل سلبي وكارثي على كل مناحي الحياة.
يقول رحمون إن تركيا أغلقت المعابر حتى لا تخسر ورقة النازحين والمخيمات التي تستخدمها كآخر ورقة بيدها، لافتاً إلى أن هذا هو السبب الرئيس وراء إغلاقها لكل المعابر الشرعية وغيرها، رغم خسائرها الاقتصادية من ذلك.
وبين رحمون أن الحدود بين سورية وتركيا تصل إلى 822 كيلومتر وتمتد عبر الجزيرة الفراتية حوالي 400 كم، وتمر عبر نهر الفرات وصولاً إلى نهر دجلة في أقصى الشرق، وتضم هذه الحدود الطويلة تسعة معابر شرعية لا تسيطر الدولة السورية إلا على معبر واحد منها وهو معبر كسب في محافظة اللاذقية، فيما تقع بقية المعابر تحت سيطرة ثلاث قوى وهي (جبهة النصرة و”الجيش الوطني” التابع لتركيا، ومليشيا قسد)، منوهاً إلى أن هذه القوى الثلاثة تسيطر على المعابر غير الشرعية التي تفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية والمناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال الأمريكي والتركي وأتباعهما؛ ثلاثة معابر بين مناطق سيطرة الدولة ومناطق سيطرة “جبهة النصرة” وهي (معبر ترنبة في سراقب ومعبر معارة النعسان ومعبر أبو الزندين بمنطقة الباب ريف حلب الشرقي) ، وبقية المعابر غير الشرعية تقع بين مناطق سيطرة الدولة ومناطق سيطرة “قسد”.
ورقة للاستثمار
من جهته، وصف المحلل السياسي السوري محمد هويدي المتخصص بالشؤون التركية، واقع المعابر غير الشرعية في الشمال السوري بالمأساوي وأشار خلال اتصال مع “هاشتاغ” إلى أن التنظيمات المسلحة المسيطرة على المعابر تفشِل محاولات عبور النازحين واللاجئين الراغبين بالعودة إلى حضن الدولة السورية “وما أكثر الراغبين بالعودة إلى مناطق الدولة”.
وبين أنه لا يسمح لهم بالعبور لاستخدامهم كرهائن، ويتم المقايضة عليهم مع الدولة السورية لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، بالإضافة إلى استثمار وجودهم خارجياً وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
ويرى هويدي أن المستفيد من عرقلة عودة السوريين إلى مدنهم وقراهم هما تركيا والولايات المتحدة اللتان تعملان على عرقلة جميع الجهود المبذولة من قبل الدولة السورية لإعادة الاستقرار وتحقيق الأمن،
ويلفت هويدي إلى أنه “شاهدنا هذا واضحاً من خلال مسرحية سجن الصناعة في حي غويران التي كان الغاية منها ضرب قطار المصالحات وافشال التسويات وخلط الأوراق وإعادة بعث تنظيم داعش الإرهابي”،
ولذلك -كما يقول- فإن الأمريكي والتركي هما المستفيدان من عرقلة عودة السوريين، لأنها الورقة الأخيرة التي يتم توجيهها سياسيا كورقة ضغط في مجلس الأمن، وأيضاً تتخذها أمريكا ذريعة لتبرير جرائمها وسرقتها للنفط والغاز والقمح والقطن، وستفعل كل ما في وسعها لمنع عودة السوريين لأنها قد تكون آخر الأوراق التي تمتلكها بجانب العقوبات الاقتصادية غير الشرعية وغير القانونية بعد الفشل العسكري.