كشفت وسائل إعلامية بالعاصمة الليبية طرابلس، أن صفقة تمت بين تركيا والميليشيات التي تسيطر على معسكرات المهاجرين غير الشرعيين في غرب ليبيا، تكون أنقرة بمقتضاها المسيطر الأول على هذه المعسكرات والمشرف على احتجاز المهاجرين.
وتكرر أنقرة بذلك تجربتها في استغلال ورقة اللاجئين السوريين والأفغان المقيمين على أراضيها في ابتزاز الدول الأوروبية والحصول على الأموال، ولكن هذه المرة تسعى لاستغلال المهاجرين واللاجئين حتى في غير أراضيها.
وأكدت المصادر أن في الفترة الماضية زارت طرابلس قيادات عسكرية تركية رفيعة المستوى، التقت بقادة الميليشيات المسيطرة على مراكز احتجاز المهاجرين، واتفقا مبدئيا على وضع 4 معسكرات احتجاز تحت سيطرة أنقرة.
وأوضحت المصادر أن المعسكرات المتفق تسليمها لتركيا منها ما يحوي أكثر من 30 ألف محتجز، جميعهم تم إعادتهم من البحر الأبيض قبل الوصول إلى أوروبا، وأغلب المتواجدين بداخلهم نساء وأطفال.
كما تم الاتفاق على إمداد الميليشيات بأسلحة متوسطة وثقيلة متطورة مقابل هذه الصفقة، فضلا عن تدريب عناصرها ومقابل مالي كبير حسبما وصفت المصادر ذاتها.
هذا، وكشفت مصادر أمنية لـ”سكاي نيوز عربية” أن هدف تركيا من هذه الصفقة فتح جبهة جديدة على أوروبا تستخدمها أنقرة كورقة ضغط للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، وإجبار دول أوروبا المطلة على البحر الأبيض على الجلوس في مفاوضات مباشرة معها.
وهذا هو السلاح ذانه الذي تستخدمه تركيا منذ 2011 باستغلال ورقة اللاجئين السوريين في المخيمات المقامة على أراضيها.
وفي هذا، لفتت المصادر إلى أن تركيا ترغب في زيادة الأموال التي تحصل عليها من أوروبا بابتزازها وتهديدها بإطلاق اللاجئين على شواطئها إن لم تعطها هذه الأموال، على غرار ما حدث سنة 2015 عندما فتحت حدودها مع اليونان، وأغرقت أوروبا باللاجئين، وحصلت وقتها على دعم مالي كبير من أوروبا (وصل إلى 6 مليار يورو تسلمتها في كانون الأول/ ديسمبر 2020)، إضافة للسكوت عن ملفات وجرائم أخرى متورطة فيها أنقرة.
وتلوِّح تركيا بورقة ضعف الوحدات البحرية الليبية في السيطرة على الشواطئ كحجة أمام أوروبا لاستمرار تواجد الجيش التركي في ليبيا، وتقديم نفسها كـ”منقذ” لأوروبا من طوفان المهاجرين.
ولهذا، فإن المعسكرات التي تخطط تركيا للاستيلاء عليها جميعها مطلة على البحر.
كما أن تركيا لجأت في الفترة الأخيرة لاستغلال ورقة اللاجئين الأفغان لديها، خاصة مع فرار أعداد كبيرة من أفغانستان عقب انتعاش حركة “طالبان وداعش” مع بدء الانسحاب الأميركي من البلاد، ووصولهم إلى تركيا طمعا في أنها ستسهل لهم اقتحام السواحل الأوروبية.
وقبل أيام قال الأميرال فابيو أجوستيني، قائد قوة “إيريني” الأوروبية البحرية المكلفة بمراقبة حظر وصول الأسلحة إلى ليبيا، كما تحمي سواحل أوروبا من المهاجرين، إنه لم يستطع الحصول على تأشيرة دخول للعاصمة الليبية طرابلس دون إبداء أي أسباب.
وبحسب أجوستيني، فإن الجانب المسيطر على طرابلس لم يوضح سبب منعه، لكن المصادر أكدت أن تركيا قد تكون وراء هذا الموضوع رغبة منها في أن تكون هي المسيطر الأول على ملف الهجرة داخل ليبيا.
وتحدثت المصادر ذاتها عن أن المهاجرين في مراكز الاحتجاز يتعرضون لأسوأ عمليات التعذيب، كالاستغلال الجنسي وتجارة الأعضاء البشرية، وأنه بمجرد وصولهم إلى هذه المراكز، يجري فحصهم وفرزهم لتحديد كيف يمكن الاستفادة منهم.
وفي عملية الفرز، فإن أصحاب الحرف المهرة التي تحتاجها أوروبا يجري إرسالهم إلى شواطئ أوروبا مرة أخرى، أما البقية فيُستغلون في الميليشيات وتجارة الأعضاء وغيرها، بحسب هذه المصادر.
وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة يوجد في ليبيا أكثر من 669 ألف مهاجر، محذرة من عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي التي يتعرضون لها.
ويتنوع هؤلاء المهاجرون بين قادمين من البلاد الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى وبنغال وسوريين وغيرهم.