هاشتاغ سوريا- مادلين جليس
استنفار حكومي “فيما يخص قطاع الدواء” جاء بعد فقدان أنواع عديدة من الأدوية وارتفاع أسعارها في الصيدليات، وشكوى المواطنين من ذلك.
ولعلّ الشرارة الأولى لكل ذلك كانت تصريحات عضو مجلس الشعب وضاح مراد حول إغلاق جميع معامل الأدوية بسبب انتهاء موادها الأولية، خلال أسبوع، على حد قوله، التصريح الذي كان ذو أثر خطير على الحكومة وعلى الشعب معاً.
حيث قال موجّهاً كلامه للحكومة: ” الدواء والغذاء خط أحمر وخطير على الشعب، وأنتم فشلتم حتى الآن في الغذاء، وماضون بطريقكم لغلق مصانع الأدوية السورية التي كانت تغطي احتياجات السوق المحلية، وبأرخص الأسعار، وتصدّر إنتاجها إلى أكثر من ثمان وخمسين دولة”.
هل سنوات الحرب التسع أرهقت الصناعات الدوائية، وأدت إلى اختفاء العديد من الأصناف من رفوف الصيدليات؟!!
المعامل في ازدياد
قبل أن تبدأ الحرب في سورية كان قطاع الدواء ينمو بخطى متسارعة، كان عدد الأصناف الدوائية المصنّعة محلياً 5756 صنفاً في العام 2010، وارتفعت في العام 2011 إلى 6216 صنفاً.
كل ذلك كان ينتج من 70 معملاً كانت قادرة على تغطية أكثر من 90% من إجمالي الأدوية، في عام 2010 أيضاً، ليرتفع الرقم وخلال سنوات الأزمة في عام 2013 إلى 94% تزامناً مع ارتفاع عدد معامل الأدوية إلى 96 معملاً.
وعلى الرغم من أن عدد معامل الأدوية بقي كما هو في العام 2014 مقارنة بالعام السابق إلا أن نسبة تغطية الأدوية المحلية من إجمالي الدواء في سورية انخفض إلى 80% بعد أن كان 94%، رغم ارتفاع الأصناف المصنّعة محلياً إلى 6904 صنفاً، لكن الفارق هو في أعداد أصناف الأدوية الوطنية المصدرة الذي انخفض من 53 صنفاً عام 2010 إلى 4 أصناف في العام 2014، وحتى مع ارتفاعه خلال عامي 2017 و 2018 إلا أنه لم يتجاوز 16% خلال العام 2018 لتعود نسبة التغطية من الأدوية المحلية للارتفاع وتصل إلى 90% مع 8393 صنفاً.
إذاً تظهر هذه الأشكال البيانية وهي بيانات رسمية، أن قطاع الدواء قد تعافى بشكل ملموس حيث زادت عدد المعامل 22 معمل في العام 2018 مقارنة بما قبل الأزمة الذي كان 70 معمل فقط، ونسبة التغطية قاربت ما كانت عليه في سنوات ما قبل الأزمة حيث وصلت نسبة التغطية 90% في العام 2018.
لماذا اختفت الأصناف الدوائية من الصيدليات السورية؟ ولماذا ترتفع الأسعار في ظل المنافسة بين 90 معمل دوائي؟!
فشل حكومي في إدارة ملف الدواء
تعتقد الحكومة أنها استشعرت الخطر القادم وقرّرت استداركه قبل فوات الأوان، حيث أقرت في آخر اجتماع لها تمويل المستوردات عن طريق المصرف المركزي للمواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية بأسعار تفضيلية تبلغ /700/ ليرة سورية للدولار لتأمين كامل حاجة السوق المحلية من جميع الأصناف. ووجهت إلى ضرورة ضبط أية مخالفات من قبل بعض مستودعات الأدوية والصيدليات، والاستمرار بتصدير الدواء بما لا يؤثر على تأمين حاجة السوق المحلية وتوفيره بالسعر المحدد من قبل وزارة الصحة في المستودعات والصيدليات.
وهو ما يعطي دلالة أن مشكلة الدواء في سورية سببها الحكومة، وفقاً لمراد عندما قال ” أنتم فشلتم حتى الآن في الغذاء، وماضون بطريقكم لغلق مصانع الأدوية السورية….”.
الدواء متوفر لكن ….
ورغم استطلاع آراء العديد من المواطنين الذين أكدوا لـ هاشتاغ- سوريا انقطاع الأدوية وخلو رفوف الصيدليات من العديد من الأصناف الدوائية وارتفاع أسعارها، خاصة الأدوية المزمنة، غير أن وزير الصحة نفى ذلك خلال مؤتمر صحفي، وأكد عدم انقطاع لمادة دوائية، معزياً ذلك إلى انقطاع أسماء تجارية لكن يوجد لها بدائل، فالوزارة بحسب تصريحه ترخّص الصنف الدوائي الواحد لعدة معامل.
ما قاله المواطنون جاء متوافقاً مع الصيادلة، حيث أكدت أنه يمكن تأمين الأدوية من المعامل والمستودعات لكن الارتفاع كان مفاجئاً، وقد أغلقت الكثير من الصيدليات لأنها لم تعد قادرة على تأمين الأدوية بالأسعار الجديدة، وعدم قدرتها على البيع بسعر مرتفع مخالف لتسعيرة وزارة الصحة وهو ما يرهق المريض.