في إطار حملتها الانتخابية، ركزت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس وفريقها على توجيه رسالة للنساء الجمهوريات اللاتي يشعرن بعدم الارتياح لدعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إذ تم التشديد على أن “التصويت سرِّي، ولا أحد سيعرف كيف صوتِّ”.
هذه الرسالة التي ظهرت في إعلانات سياسية وخطابات، تحاول طمأنة الناخبات الجمهوريات بأن بإمكانهن التصويت لهاريس دون الإفصاح عن ذلك لأفراد أسرهن أو محيطهن، وهو ما كشفه تقرير على موقع “راديو إن بي آر” الأميركي.
رسالة طمأنة للناخبات.. تصويتكِ سري وخاص
تحدثت النائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين خلال تجمع انتخابي في ولاية ميشيغان، مؤكدةً على أهمية سرية التصويت.
وقالت: “لا أحد يعرف كيف ستصوتين، ولا أحد يحق له التحقق من ذلك”.
جاءت هذه التصريحات للتأكيد على خصوصية الصوت الانتخابي للناخبات، وإبعاد أي مخاوف لديهن بشأن إطلاع الآخرين على خياراتهن السياسية.
واستهدفت هذه الرسالة بالخصوص النساء الجمهوريات المعتدلات اللاتي قد يترددن في التصويت لمرشحة ديمقراطية، لكنهن يشعرن بالنفور من ترامب وسياسته.
الصمت حول دعم هاريس.. تجارب نساء يخفين خياراتهن
تشير قصص نساء مثل “تي” و”كي” إلى تجارب بعض الناخبات الجمهوريات اللاتي قررن التصويت لهاريس سرًا. فقد اعتادت “تي” التصويت للجمهوريين طوال حياتها، لكنها وصفت ترامب منذ ترشحه في عام 2016 بأنه “معادٍ للمرأة” و”مهرج”، وهو ما دفعها للابتعاد عنه.
أما “كي”، التي تعيش في ولاية حمراء بالميدويست، فتكشف أنها لم تخبر معظم أفراد عائلتها، حتى زوجها، بقرارها التصويت لهاريس، إذ يفترضون أنها ستصوت للجمهوريين كما جرت العادة.
وتقول جاكي باين، المديرة التنفيذية لمنظمة “Galvanize Action”، إن العديد من النساء في الأوساط المعتدلة يتجنبن الكشف عن آرائهن السياسية خوفاً من إثارة الخلافات الأسرية.
وتوضح أن الكثير من النساء البيض المعتدلات يتجنبن الصراع، ويميلن إلى كتم آرائهن السياسية بهدف تجنب النقاشات السياسية التي قد تسبب توترًا في المنزل.
الإعلانات الموجهة.. ستغلال التصويت السري لتشجيع دعم هاريس
أطلقت منظمات مناهضة لترامب، مثل “Lincoln Project” و”Vote Common Good”، حملات إعلانية موجهة خصيصاً للنساء الجمهوريات، بهدف تحفيزهن على التصويت سرّاً لكامالا هاريس.
وتُشجع هذه الإعلانات النساء على اعتبار خيار التصويت لهاريس شأناً شخصياً لا ضرورة لإعلانه، وهو ما يشجعهن على تجاوز الضغوط الاجتماعية والأسرية التي قد تواجههن.
لكن هذه الإعلانات لم تمر بدون ردود فعل، إذ واجهت انتقادات من المعلقين المحافظين الذين وصفوا النساء اللواتي يخفين تصويتهن بأنهن “يخن أزواجهن”.
وعتبر هؤلاء أن اختيار النساء التصويت سرّاً ضد توجهات أزواجهن ينم عن خيانة للثقة الزوجية والقيم الأسرية، ما يعكس التوترات الثقافية والاجتماعية التي تحيط بهذه الانتخابات.
الناخبون الخجولون.. ظاهرة تؤثر على الانتخابات
يقول إدواردو غامارا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فلوريدا الدولية، إن الرغبة في الاحتفاظ بالصوت الخاص ليست ظاهرة جديدة.
في الواقع، تُعرف هذه الظاهرة بـ “الناخب الخجول”، حيث يفضل الناخبون في الانتخابات المتقاربة عدم الكشف عن مرشحهم.
ويرجع غامارا ذلك إلى رغبة هؤلاء الناخبين في تجنب الجدل أو العواقب الاجتماعية التي قد تترتب على إعلان مواقفهم، لا سيما في المناطق التي يسود فيها توجه سياسي معين.
وفي هذا السياق، تروي “إيه”، البالغة من العمر 35 عاماً من ولاية إلينوي، تجربتها الشخصية، إذ قررت التصويت لهاريس بعد تردد طويل.
وقررت إخفاء قرارها عن صديقها ووالدها الجمهوري، مبررةً ذلك بأنها فكرت في مستقبل بناتها عند اتخاذ قرارها. وتعكس قصة “إيه” حرص بعض النساء على كتمان تصويتهن لدوافع شخصية وأسرية، لا سيما في ظل تأثير قضايا حقوق المرأة وحقوق الأسرة على خياراتهن الانتخابية.
فجوة النوع الاجتماعي.. تأثير النساء على النتائج
تعد “فجوة النوع الاجتماعي” ظاهرة ملحوظة في الانتخابات الأميركية، حيث تميل النساء إلى التصويت لصالح المرشحين الديمقراطيين، بينما يفضل الرجال غالباً مرشحي الحزب الجمهوري.
ويُتوقع أن تلعب هذه الفجوة دوراً محورياً في الانتخابات المقبلة، حيث تشير التوقعات إلى أن النساء المعتدلات، خاصة اللواتي يرفضن ترامب لأسباب تتعلق بسلوكياته وتصريحاته، قد يصوتن بكثافة لصالح هاريس، مما يغير من نتائج الانتخابات في الولايات المتأرجحة.
ووفقاً للخبراء، فإن العدد الفعلي للنساء اللواتي يعتزمن التصويت سرّاً لهاريس قد يكون صعب التحديد، لكنه قد يكون كبيراً بما يكفي للتأثير على نتائج الانتخابات، لا سيما في الولايات التي تشهد منافسة قوية بين المرشحين.