الإثنين, مارس 10, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخباراحتواء سياسي لاعتداء "إسرائيل" على إيران

احتواء سياسي لاعتداء “إسرائيل” على إيران

هاشتاغ-رأي مازن بلال

مهما كانت نوع الضربات التي وجهتها “إسرائيل” لإيران فإن “الاحتواء السياسي” كان ظاهرة أقوى من الاعتداء، فالمسألة على الصعيد الإقليمي هي إثبات الردع المتبادل أكثر من كونها ذات أبعاد عسكرية متبادلة، والواضح أن الطرفين لا يقفان فقط على مساحة العداء، بل يحاولان أيضا فرض معادلة توازن للمستقبل منعا لاشتباكات أوسع تؤثر في الواقع الدولي.
عمليا بدأت الحرب في غزة وفق رقعة جغرافية محدودة، لكن التصور الأمريكي – الإسرائيلي كان أبعد من ذلك، فقبل عام كامل من الانتخابات الأمريكية حاولت الإدارة الأمريكية رسم خطوط جديدة داخل الشرق الأوسط، ولكن الحرب وفق القاعدة “الإسرائيلية” لم تحمل معها أي رؤية سياسية لمعادلة جديدة باستثناء عمليات الردع المتبادل مع إيران، فالتدمير الممنهج لغزة وبعدها سلسلة الاغتيالات في لبنان كانت في النهاية محاولة ردع لطهران بالدرجة الأولى، لكن الحرب بالمعنى الاستراتيجي انتهت أهدافها مع اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.
بعد تاريخ اغتيال نصر الله باتت العمليات العسكرية لا تملك أغراضا سياسية واضحة، فالاغتيالات التي جرت لاحقا هي استكمال لنصر “إسرائيلي” لم تضح معالمه إلا في ميزان خسائر المدنيين في الجانب الفلسطيني واللبناني، وحتى مسألة استشهاد يحيى السنوار كان مصادفة عسكرية فقط، على الرغم من أنها كانت منتظرة قبل ذلك بكثير، لكنها جاءت لتكتمل صورة إنهاء القيادات التي تشكل “عبئا” عسكريا أكثر من كونها تمهيدا لنصر كاسح.
تعود المسألة اليوم إلى نقطة التفاوض مع بقاء ردع متبادل بين إيران و “إسرائيل”، وإزاحة قيادة ورموز من حزب الله وحركة حماس لم تشكل في البعد العسكري أي تحول يمكن استثماره على الأقل في اللحظة الراهنة لصالح “إسرائيل“، وكل هذه النتائج تعقد من المشهد القادم لكنها تنطوي على أمرين أساسيين:
الأول هو طبيعة الرهانات “الإسرائيلية” والأمريكية من بداية عملية طوفان الأقصى، فليس بالضرورة أن يظهر الشرق الأوسط بالصورة الجديدة المطلقة لما تريده الإدارة الأمريكية، لكن بالتأكيد هناك “تآكل قوة” متبادل بين “إسرائيل” والمحور الإيراني، وهذا الأمر يسهل أي عمليات سياسية قادمة في المنطقة ككل.
الثاني يرتبط بطبيعة الأمن “الإسرائيلي” الذي تتم مراجعته اليوم، فهذا الأمن فقد منظوره القديم الذي وضعه بن غوريون بعد عام 1948، وخوض حرب على مدى يزي على عام يخالف قواعد الأمن “الإسرائيلي” بالكامل، وخلال مجريات المعارك اتضح التناقض الصارخ بين “عملية السلام” التي انطلقت في أوسلو قبل ثلاثة عقود، وطبيعة النخب السياسية الحاكمة في “إسرائيل”.
عالم الشرق الأوسط سيكون بالتأكيد مختلفا بعد هذه الحرب الطويلة، وهناك جملة مناوشات سياسية ستظهر في فلسطين ولبنان بعد الاغتيالات التي حدثت، لكن العودة لتوازن الردع بين إيران و “إسرائيل” هي الأساس لأنها ستبقي على الأقل خطوط توازن على الأخص في منطقة الخليج، وفي الوقت نفسه فإن الحرب بالتأكيد لا تحمل نهايات سعيدة للسلام الذي كانت تريده “إسرائيل” بكسر منظومة الردع المتبادلة، لكن ما حدث هو فتح “نافذة” مختلفة لقراءة الأمن الإقليمي بالكامل.
مقالات ذات صلة