هاشتاغ- أسامة المصلح
من “أبو الميز “و “رمزية” في “كسر الخواطر” إضافة لمشوار طويل من الشراكة المهنية والأسرية، قدم كل من عبد المنعم عمايري وأمل عرفة أدواراً استثنائية بارعة، جعلتهما من الركائز التي تقوم عليها الدراما السورية، جنح فيها الطليقان في كوكب الأعمال الدرامية، من خلال ما يقرب من ١٤٦ عملا قدمها صاحب ال٥٤ عاماً.
وضع علامته التجارية التي لا تقبل التزوير والطعن، من الأداء الرصين والتعابير الحادة التي تعشقها الكاميرا إلى الشخصية الفذة والتكنيك الأكاديمي الموغل في البراعة، ما خوله أن يكون “سلطان زمانه”، بالإضافة إلى تبادل خبراته مع والدة طفلتيه، التي هي أيضاً شمّولية بالقدرات الفنية، بعقليتها وجسدها المرن وصوتها الذي تم صقله عند معلمها الأول والدها الموسيقار سهيل عرفة، وجميع الأدوات التي تخدم حاجة نجمة من العيار الثقيل .
بعد ما يقارب ال١١ عاما من تعاونهما في مسلسل “الزعيم” (إخراج مؤمن الملا ، تأليف الراحل وفيق الزعيم)، عادت كاميرا المخرج لتجدد هذا التعاون من بوابة أوّل مسلسل سوري خالص يجنح باتجاه موضوع حساس ويطرح معالجة معينة في قضية إنسانية.
“أغمض عينيك” (كتابة لؤي النوري وأحمد الملّا ) الذي حقق في أول حلقاته تشويقاً استهلالياً، جعل منه المسلسل الذي دخل قلب المشاهد منذ البداية، على اعتبار أن حكايته تدور حول “جود” الطفل المصاب بطيف التوّحد، الذي يعاني صعوبات حسية في التواصل والكلام.
يعيش مع والدته” حياة” وحيداً بعدما هجرهما والده. تضطر الأم لتركه بمفرده في وجه هذا العالم الموحش.
تقع هذه المهمة الشاقة على عاتق “مؤنس” الرجل الخمسيني الذي يعمل أستاذ رياضيات تتّسم سلوكياته باللطافة والمسالمة والودّ نحو الجميع، وقد صار وحيداً بعد فقدانه زوجته وابنه الصغير في حادث سيارة.
يتشكّل بين جود ومؤنس رابط قوي غير مفهوم، لكن الثاني سيصطدم بالكثير من التحديات لإبقاء الطفل في أيد أمينة.
من هنا تبدأ رحلة جود ومعه مؤنس في مواجهة التحديات المضنية لاستمرار الحياة. يكبر جود بعيداً من والدته ويستطيع أن يصل إلى الدراسة في الجامعة بعد نضال طويل.
تختلف الصراعات وتتغير العلاقات بطريقة مفاجئة مع ظهور أشخاص جدد في حياة جود وعودة والدته وتطوّر الأحداث وسط أسئلة عميقة.
يشارك عبد المنعم بشخصية “مؤنس” أستاذ الرياضيات الصارم، الذي طغت عليه خبرته التربوية في التعامل مع الجميع، لكن بنفس الوقت يعيش وحدة كبيرة وألم بعد أن فقد زوجته و ابنه الصغير في حادث سير، يلتقي بحياة والدة جود أثناء عملها كممرضة في المستشفى في ليلة الحادث،
فيتحول لمحور حياة مؤنس، ليصبح كل منهما ضرورة حقيقية في حياة الآخر، الأم “حياة” تجسد شخصيتها أمل عرفة، التي هربت من منزل والديها للزواج بوالد جود لكنه هجرها عندما كان ابنهما في الثالثة من عمره، و تحب طفلها جود كثيرا و تتقبله باختلافه، فتواجه الحياة و اضطراب طفلها وتكافح لحمايته وحيدة .
يساند “مؤنس” في مرحلة رعاية الطفل “جود” صديق عمره “زوربا” _ الرجل الحالم و الجامح الذي يعشق حريته، محب و مقبل على الحياة، لذلك تم تلقيبه بزوربا _ فاختار أن يعيش حياته كما يحلو له متمرداً على المجتمع ، معتزلا معظم الناس إلا القليل ممن يتقبلون اختلافه، هذا الشيء جعله شبيهاً بجود بطريقة أو بأخرى .
قدم شخصية “جود” كلاً من زيد بيروتي_ورد عجيب ، وأدى القديران منى واصف وفايز قزق دور جديه من أمه، بالإضافة لحلا رجب التي أدت شخصية مختصة بعلاج الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، والتي وقع على عاتقها علاج جود بحكم صداقتها القديمة مع والدته.