سادت حالة من القلق الأوساط الاقتصادية في إسرائيل، وذلك في أعقاب الإعلان عن اكتشاف غاز مهم في مصر وتأثيره المحتمل على خطط تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر.
ذكر تقرير لموقع “bizportal” الاقتصادي الإسرائيلي، تحت عنوان: “اكتشاف غاز جديد في مصر، شراكات الغاز لا داعي للقلق في الوقت الحالي”، أن الاكتشاف الضخم لحقل غاز جديد قبالة سواحل مصر لن يجعلها تتخلى عن الغاز الإسرائيلي، خاصة مع زيادة نمو استهلاكها للغاز.
وكانت شركة الطاقة العالمية “إكسون موبيل” قد أعلنت عن اكتشاف كبير للغاز في البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل مصر. تم تحقيق هذا الاكتشاف في بئر “نفرتاري-1” في قطاع مراقيا الشمالي، على بعد 8 كيلومترات فقط من الساحل الشمالي لمصر.
وأشار بيان صادر عن الشركة إلى أنهم “عثروا على احتياطيات غاز وسيواصلون تقييم النتائج”.
وأوضح التقرير الإسرائيلي أن هذا الاكتشاف قد يمثل بداية لتعاون جديد بين مصر وبريطانيا، خاصة مع تحول الطاقة المتجددة إلى نقطة تحول في صناعة الطاقة المصرية، التي شهدت ركودا في السنوات الأخيرة رغم إمكاناتها الاقتصادية الكبيرة.
وأشار التقرير إلى أن صناعة الغاز في مصر شهدت تقلبات عديدة خلال العقد الماضي، فحقل الغاز “ظهر”، الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015، يُعد اكتشافا تاريخيا ويُصنف كواحد من أكبر حقول الغاز في العالم، حيث تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 850 مليار متر مكعب من الغاز.
وقد أدى هذا الاكتشاف في البداية إلى ازدهار اقتصادي، لكن أزمة الدولار في السنوات الأخيرة وانخفاض إنتاج الغاز ألحقا أضرارا كبيرة بالصناعة.
وتابع التقرير: في السنوات الأخيرة، اضطرت مصر، بعد تراجع الإنتاج، إلى زيادة وارداتها من الغاز المسال، مما أدى إلى زيادة نفقات النقد الأجنبي وتفاقم الوضع الاقتصادي. وقد يُغير اكتشاف مكمن نفرتاري-1 هذا الاتجاه ويعيد مصر إلى مسار تصدير الغاز، وهو الهدف الذي حددته الحكومة بحلول نهاية عام 2027.
وعن الوضع في إسرائيل، أشار التقرير إلى أن شراكات الغاز المحلية التي تمتلك حقل ‘ليفيثان” تقوم بتصدير الغاز إلى مصر، ورغم أن الاكتشاف الجديد قد يخفض الطلب على الغاز الإسرائيلي، إلا أن الطلب على الغاز في مصر ينمو بشكل كبير سنويا، ويتم تصدير جزء منه بأرباح كبيرة.
وأضاف التقرير أن المصريين يشترون الغاز الإسرائيلي ويبيعونه إلى أوروبا بأرباح عالية، وبالتالي لن يرغبوا في التخلي عن هذا المورد المربح.
كما أن تحويل الاكتشاف الجديد إلى خزان منتج سيستغرق سنوات عديدة، وبالتالي لا يُتوقع أن يتضرر حقل “ليفيثان” والشراكات المرتبطة به في المستقبل القريب.
وأشار التقرير أيضا إلى أن شرق البحر الأبيض المتوسط أصبح مركزا عالميا لاكتشافات الغاز في السنوات الأخيرة، مع اكتشاف حقول كبيرة في إسرائيل وقبرص.
وفي إسرائيل، أدى اكتشاف حقلي “تمار” و”ليفيثان” في عامي 2009 و2010 إلى تغيير التوازن المحلي في مجال الطاقة، وتحويل البلاد إلى دولة مصدرة للغاز. كما اكتشفت قبرص حقولا مثل “أفروديت”، مما عزز الإمكانات الإقليمية.
وأضاف أن القرب الجغرافي للمنطقة من أسواق الطاقة في أوروبا والشرق الأوسط، التي تحتاج إلى إمدادات مستقرة من الغاز، يمنح الاكتشافات في مصر ميزة استراتيجية.
ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي والمخاطر الجيوسياسية في المنطقة تجعل تحقيق الإمكانات الكاملة أمرا صعبا.
وأشار التقرير إلى أن المنطقة التي تم فيها الاكتشاف الأخير في مصر تقع تحت سيطرة شركة “إكسون موبيل” منذ عام 2019، ومنذ عام 2022 تمتلك شركة “قطر للطاقة” 40% منها.
ويأتي الاكتشاف في وقت تحاول فيه مصر تأهيل صناعة الغاز لديها واستعادة ثقة المستثمرين الأجانب، بعد الأزمات التي تسببت في تأخير السداد وتراجع الاستثمارات.
وأطلقت الحكومة المصرية مؤخرا خطة لسداد مستحقات شركات الطاقة الأجنبية، بهدف تشجيع الاستثمارات الجديدة وتأهيل صناعة الطاقة.
وقد يمثل اكتشاف خزان “نفرتاري-1” ليس فقط مصدرا محتملا للدخل لمصر، بل أيضا فرصة لجذب لاعبين دوليين إضافيين إلى الصناعة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه بالإضافة إلى حقل “ظهر”، تم اكتشاف حقول أصغر في مصر في السنوات الأخيرة، لكن إمكاناتها الاقتصادية لم تتحقق بسبب التأخيرات التنظيمية ونقص البنية التحتية. والآن، مع الاكتشاف الجديد، تسعى مصر للعودة إلى كونها لاعبا رئيسيا على خريطة الطاقة الإقليمية، مدعومة بحقول الغاز المخطط لها من قبل شركات مثل “بي.بي”، بالإضافة إلى برامج زيادة الإنتاج في حقل “زهر”.