هاشتاغ_يارا صقر
التداوي بالأعشاب أو طب الأعشاب أو العلاج النباتي، هو أحد مواضيع علم النبات ويشتمل على استخدام ماهو مخصص من النباتات لأغراض طبية أو كمكمل غذائي.
تقول الدكتورة الصيدلانية ريم سلامة (اختصاص كيمياء العقاقير) في حديثها مع “هاشتاغ” إن الطب البديل أو الطب العشبي أو طب الأعشاب جزء هام من الرعاية الصحية، وهو موجود في كل أنحاء العالم، ويستعمل على نطاق واسع في معظم البلدان، ويتزايد الإقبال عليه وتقبله بشكل مضطرد في بلدان جديدة مع الوقت.
وتضيف سلامة “المعطيات تشير إلى انتعاش هذا السوق وغناه، وقيمة الإنتاج الدوائي في الدول الكبيرة مرتفعة للغاية، فمثلا في الصين عام 2012 حققت إيرادات 83 مليار دولار أميركي، وحققت كوريا الجنوبية عام 2009 ٧،٤ مليار دولار أميركي، وفي أميركا ١٤،٨ مليار دولار في عام ٢٠٠٨، وهذه الأرقام تدل على أهمية وتعاظم دور الطب العشبي والنباتي”.
وتلفت سلامة إلى أن الاستطباب قديم جدا عبر التاريخ، عندما لم يكن الإنسان يملك سوى الأعشاب والمصادر الطبيعية التي حوله، وتطور مع تطور الانسان.
وتتابع “أي تطور علمي كان ينعكس على هذا الجانب ويدل وجود مخطوطات البردي الموجودة في قبور الفراعنة والمخطوطات التي ما زالت محفوظة في بلاد الرافدين والآثار التي تركتها الحضارة الصينية على أهمية هذا الطب، وأيضا موروثات تحتوي على آلاف الوصفات المكونة من أعشاب متنوعة والمساعدة بأمراض متنوعة.
وتوضح سلامة أنه بعد اكتشاف الطباعة بالقرن 15ميلادي بدأت تظهر المؤلفات عن التداوي بالأعشاب. ولكن نسبيا التداوي بالأعشاب لغاية هذا التاريخ معتمد على التجربة والنتيجة فقط، دون الاهتمام بالبحث العلمي، أي لم يستطيعوا البحث في الأعشاب للبحث عن مواد فعالة وكيف تؤثر على الجسم أو يستخلصوا المواد الفعالة الموجودة داخلها. حسب الاختصاصية سلامة.
ووفقاً لسلامة، كان الأطباء هم من يمارسون طب الأعشاب والبحث عن الأعشاب ويسخلصوا المادة الفعالة منها لمعالجة المريض.
واستمر هذا الوضع تقريبا للقرن 13 ميلادي، عندما افتتحت أول صيدلية للأعشاب في إيطاليا وسنّت القوانين ومراسيم بحصر مهنة تحضير الأدوية من الأعشاب على الصيادلة، ومهمة الطبيب تحديد المرض وتحديد العلاجات اللازمة أما الصيدلي مهمته تحضير الدواء اللازم.
وتقول سلامه “إن القفزة الثانية التي حققها طب الأعشاب ببداية القرن 18 الميلادي، فقد بدأت تزدهر علوم الكيمياء، وانعكس هذا بشكل طبيعي على الأعشاب فبدأوا يعرفون ما بداخل الأعشاب من مواد فعالة واستخلاص المواد الفعالة والتعرف على بنيتها، وبنفس الوقت تطورت طرق استخلاص هذه المواد بشكل كيميائي في المخابر وبدأت صناعة الأدوية الكيميائية(الأدوية المصنعة) على الرغم أن الأدوية المصنعة 25% على الأقل منها مشتقة من أدوية نباتية.
وتوضح سلامة أنه بدأ إهمال التداوي بالأعشاب وبدأت تتناقص أهميته وبدأ الناس بفضلون التداوي بالأدوية العادية كأدوية السكري، الضغط، السرطان، المضادات الحيوية، وكانت ثورة في عالم الطب ونقلة نوعية.
كما تراجع الاستطباب بالأعشاب بالنسبة للمجتمعات المتحضرة التي تستطيع الحصول على الأدوية الكيميائية، أما المجتمعات الأقل تطورا فاستمرت ومازالت الأدوية بالأعشاب المصدر الوحيد نظرا لتوفرها وانخفاض ثمنها.
وتقول منظمة الصحة العالمية، إنه لحد الآن، هناك حوالي 80% من سكان الكرة الأرضية يلجأ للتداوي بالأدوية النباتية، كخطوة أولى نظرا لأنه نتاج الأرض.
وتشرح سلامة، أنه في بداية القرن العشرين انخفض التوجه للعلاجات النباتية خصوصا في المجتمعات المتحضرة واتجهت إلى الأدوية الكيميائية، حيث أصبح هناك أدوية لكل الحالات المرضية، مشيرة إلى أنها أعطت نتائج ممتازة، و رغم ذلك بعد فترة من الزمن انتبهوا للآثار الجانبية لهذه الأدوية من مشاكل سمية متنوعة، مقاومة الصادات الحيوية، وإلى ما هنالك، وهنا بدأنا بالعودة الى الأعشاب ولكن بأسلوب علمي أكثر.
طبعا كل شيء يأتي من الطبيعة يرتبط باللاوعي عند الإنسان بحالة الأمان، والأدوية النباتية كونها نباتات طبيعية في المحصلة تعطي الإنسان الثقة بالمنفعة وبعدم وجود الضرر، وطبعا هذه الفكرة مغلوطة نوعا ما وفقاً للاختصاصية.
وتشير سلامة إلى أنه في مجتمعنا العربي؛ للأسف، أدى عدم قيام الصيدلي بدوره لسبب أو لآخر ، (عدم اهتمام، القوانين غير مساعدة، وما إلى هنالك ) لتواجد أشخاص آخرين بمسميات عديدة ، طب أعشاب، طب نبوي، طب بديل وهذا الأمر تسبب بدمار معالم الطب والصيدلة بالخزعبلات والخرافات، كما أدى لضرر الناس معنويا وماديا وفكريا أيضا.
في حين أصبح أغلب الأطباء والصيادلة غير مؤمنين تماما بالأعشاب ويشككون بأي شيء مصدره عشبي، مع العلم – تؤكد سلامة – أن هناك نباتات وأعشاب مفيدة جدا إذا تناولها الشخص للمرض المناسب وبجرعة مناسبة وفي التوقيت المناسب.
وتوضح اختصاصية كيمياء العقاقير، أنه في المجتمعات المتحضرة أصبح هناك اهتمام كبير بطب الأعشاب على المستوى العالمي، وأنشئت مؤسسات تهتم بالمعالجة بالأعشاب، مثلا في بريطانيا هناك المؤسسة الوطنية للمعالجة بالأعشاب، يدرس فيها الشخص لعدة سنوات كل ما يتعلق بالنباتات وفوائدها ويصبح مؤهلا بشكل جيد لقيام بمهة العلاج بشكل جيد.
وتختم سلامة، أن هذا الطب مجاله واسع جدا ولا غنى عنه، ولكل نبات أو عشبة موجودة في الطبيعة فوائد محددة لمرض ما، ويجب استعمالها بالشكل الصحيح بعد استشارة المختصين، لأن ما هو نافع لحالة مرضية يمكن أن يكون مضر جدا لحالة أخرى.