عندما يطغى مفهوم “الولاءات” تغيب الرؤية الاستراتيجية للإدارة، ويصبح ميزان التقييم شخصياً بحتاً يتغير بتغيّر الولاءات أو ثقل الأشخاص المرتبط بهم الولاء، لا مكان هنا “للولاء” لعمل أو وطن أو حتى للمنظمة التي يتم العمل بها، هنا تطغى المصالح الشخصية على أي اعتبار ويحكم المزاج أي عملية اختيار.
هاشتاغ -رأي محمد هرشو
تكرّس مفهوم “الولاءات” في إداراتنا منذ عقود، وسط غياب تام لمعايير التقييم الإدارية الحقيقية، وفي طغيان تام لشخصنة الاختيار وفق “الولاءات” وقوة النفوذ والمنافع الشخصية، وهذا ما قضى بشكل شبه تام على المعايير البنّاءة الوطنية، وساهم في إبعاد الكثير من الخبرات أو أصحاب الكفاءة عن إداراتنا، بل أدى إلى ملاحقتهم وإقصائهم، في مشهد مقيت بات واضحاً للعيان دون الاعتراف به أو محاولة حله، بالرغم من كثرة الأحاديث عن ضرورة اعتماد معايير تقييم إدارية .
وبينما أكتب هذه السطور أستذكر وزيرة بدّلت “ولاءاتها” بما لا يقل عن ثلاثة مرات منذ أن بدأت رحلتها الحكومية، حتى فازت بأن أصبحت (ماما تيريزا الوزراء) وأمسكت زمام أمور العمل الحكومي بفضل قدرتها على تبديل “الانتماء” تبعاً للظروف الزمانية !
في غياب “الانتماء” الحقيقي الذي يكون عادةً لوطن أو مجموعة قيم ومبادئ قد تكون فلسفية أو دينية يصبح أي “انتماء” مشروعاً، علماً أن أي “انتماء” متغير لا يسمى “انتماء”، وإنما هو مجموعة من المتحولات بعيدة عن الثوابت تزول بزوال المصلحة، والتمسك بها أساساً يكون من قبل أشخاص انتهازيين وصوليين يتمسكون بهذا “الانتماء” الضيق طلباً لتحقيق مصالح ضيقة نتجت عن فراغهم وعدم تمكنهم من أدوات عملهم أو علمهم ،وهذا ما هو ملموس في أروقة إداراتنا على مختلف مستوياتها.
لطالما تساءلت عقب تعيين الكثير من المسؤولين أو حتى طموح الكثيرين غير الكفؤين في الوصول إلى مناصب هامة قد تصل الى رأس هرم مؤسسات حكومية؛ ما هو المعيار الذي استند إليه هذا الشخص بالوصول إلى هذا المركز، أو ما يملكه الطامح كعلامة تنافسية عن المرشحين الآخرين لإشغال هذا المنصب ؟!
إنه “الانتماء” لأشخاص قادرين على تبني آخرين، وفرضهم على إداراتنا بغض النظر عن مقوماتهم، لكنهم قادرون فور التأكد من “انتمائهم” على ترشيحهم أو حتى طرحهم بغض النظر عن مؤهلاتهم سوى معيار “الانتماء” الذي يتكرس فور وصول هذا “الانتهازي الفارغ”إلى المنصب مستذكراً المعيار الذي أوصله إلى منصبه، فيلهث لتكريسه أو تبديله وفقاً لقواعد اللعبة وحجم المنصب وسقف الطموح.
تدور حولنا دوائر لا تعد ولا تحصى من “الانتماءات”، حيث نعيش وسط إدارات تشكلت نتيجة “انتماءات”، وودّعنا غيرها الكثير لأسباب “انتمائية”.
المؤكد في الأمر أن كل من حولنا، وكل من يطمح ليكون حولنا هو ناتج “انتماء” لأشخاص، فلنفتش في طيات الإصلاح عن “انتماء” حقيقي لوطن، أو فكر بناء، بعيداً عن تيارات وتجاذبات أتت بجماعة (أبو فلان ) أو أطاحت بتيار (علان) وهم يحيطون بنا منذ عقود.
زجل
أبعد ولاءك عن الأشخاص تربح
مو بالولاء الشخصي تنجح
جدل
من سخرية القدر أن يترأس إداراتنا في هذه الظروف العصيبة أشخاص كانوا يدينون بالولاء لأشخاص هم حالياً أعداء لبلادنا ،بنفس الوقت لطالما تم استبعاد كفاءات من قبل هؤلاء ،وها هي الدائرة تدور بتغير الأشخاص والأزمان.
غزل
ولاء الأنثى مرتبط بعوامل إن زالت زال ،لكنه مطلق إن وجد وإن فقد.