الإثنين, نوفمبر 18, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالدرس "الإسرائيلي" القاسي

الدرس “الإسرائيلي” القاسي

هاشتاغ-رأي-مازن بلال 

ما فعلته “إسرائيل” في مخيم النصيرات من أجل تحرير أربعة من أسراها ليس جديدا، فشقيق رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو قتل في عملية مماثلة قبل أربعين عاما لتحرير محتجزين في مطار عنتيبي في أوغندا، وبالتأكيد فإن أشكال الوحشية المستخدمة اليوم اختلفت كليا، لكن الدرس القاسي الذي تقدمه العمليتان مرتبط بالغطاء الإقليمي والدولي لـ “إسرائيل“.

 

بعد أربعة عقود تحولت الأدوار العربية من تأمين شرعية المقاومة إلى دور الوساطة لدى النظام الدولي لوقف الحرب، وأصبحت مواقف النظام العربي عموما رهانات “إسرائيلية” من أجل إعادة رسم العلاقات الإقليمية، وعلى الرغم من أن الحديث عن عملية طوفان الأقصى يتطلب الخروج عن الإطار التقليدي في مسألة تحليل أساليب المقاومة، فإن اللافت هنا أمران أساسيان:

الأول أن العملية ظهرت ضمن إطار إعلامي “احتفالي” قبل أن يتحول الوضع في غزة لمأساة لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، فالتدمير الممنهج والإبادة الجماعية كانت إشارة إلى مرحلة “إسرائيلية” مختلفة.

تعاملت “إسرائيل” في حربها الحالية مع غطاء دولي ظهر منذ الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى، وبنت معاركها على قاعدة عدم وجود أي قوة سياسية قادرة على تأمين “المقاومة” ووضعها في موقع الأفضلية ضمن الحل السياسي، فـ “إسرائيل” أرادت منع تجربتها التاريخية عندما استطاعت المقاومة الفلسطينية أن توصل ياسر عرفات لإلقاء كلمة له على منبر الأمم المتحدة عام 1974، التي جاءت بعد موقف سياسي واضح من النظام العربي خلال حرب تشرين 1973.

 

المرحلة “الإسرائيلية” الحالية هي في الرهان على الخيارات الإقليمية الهشة، خصوصا بعد أن “استهلك” الربيع العربي المواقف والتحديات وجعل شرق المتوسط ساحة صراع دولي بإتاحة الجامعة العربية للهيئات الأممية تقرير سيادة الدول العربية.

 

الأمر الثاني مرتبط بطبيعة التعاطي مع مسألة “إسرائيل” من قبل النظام العربي منذ عام 1981، عندما بدأت مبادرات السلام العربية بمزاحمة الأدوار السياسية لدول “الطوق” التي كانت بحالة حرب مع “إسرائيل”.

 

عمليا فإن تاريخ حركات المقاومة لا يحمل ترجيحا عسكريا لها، فهي تقمع في الغالب ولكنها تترك أثرا سياسيا يدفع نحو تحقيق أهدافها، هذه الصورة لم تكن غائبة في حرب غزة الحالية فقط، بل أيضا في معظم مراحل الصراع العربي – الإسرائيلي، وكانت الاعتداءات “الإسرائيلية” تترافق مع خطط سلام عربية من خارج سياق الحدث العام، وفي الذاكرة قمة بيروت عام 2002 التي طرحت مبادرتها في وقت كان مقر الرئيس الفلسطيني محاصرا في رام الله.

 

طوفان الأقصى تشكل حالة غير مسبوقة من تناقضات الأمن الإقليمية، فـ”إسرائيل” تمارس وحشيتها في اختبار لطاقة النظام الإقليمي على التعامل مع التهديد الوجودي، إذ تطرح قوة مفرطة تريد إعلام الجميع بصعوبة تجاوزها، وهذا يرسم مساحة علاقات مختلفة على مستوى المنطقة ككل.

 

ربما كانت خسارة الغزاويين أمرا غير مسبوقا في تاريخ الصراع مع “إسرائيل”، لكنه في الوقت نفسه يطرح مفهوم القوة من زاوية مختلفة مرتبطة بالقدرة على استيعاب أن القوة السياسية هي من تقرر مصير المعارك العسكرية، وما تحاول “إسرائيل” التعامل معه هو الرهان على المنطقة التي لا تملك من هذه القوة سوى دور “الوسيط”.

مقالات ذات صلة