الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالهجوم الإيراني والتصورات المتشابكة

الهجوم الإيراني والتصورات المتشابكة

هاشتاغ-رأي-مازن بلال

فور انتهاء الهجوم الإيراني على “إسرائيل” بدأ صراع “السرديات”، وانتشرت روايتين تُظهر الطرفين بموقع المنتصر، ولكن التوازن الإقليمي ومهما كانت النتائج العسكرية بدا بشكل مختلف.

فالعمل العسكري الإيراني لم يكن يطمح إلى تدمير “إسرائيل”، وهو في نفس الوقت حدث وفق حسابات خاصة بطهران تحديدا، وليس بأي طرف إقليمي خاص، وكان أيضا اختبارا لنوعية التحالفات الدولية التي تجتمع في مساحة “الشرق الأوسط”.

مسألة “الهجوم” فتحت مساحة التكهنات عن نوع المغامرة التي تقوم بها “إسرائيل“، فـ”سرديتها” عن تدمير 99% من الصواريخ ربما تكون صحيحة.

ولكنها لا تعني الكثير بالنسبة لإيران التي قدمت صورة للقوة الإقليمية التي تتصرف بشكل مستقل، ووفق حسابات مرتبطة بالدفاع عن دورها الإقليمي، فما قامت به طهران لا يقاس سوى بمعيارين:

الواقعية السياسية التي جرى في إطارها العمل العسكري، فهو محسوب بدقة وفق معطيات التوازن القائم في ظل الحرب على غزة، ويراعي حساسية المساحة المتاحة لأي تحرك، واهتمام إيران كان محصورا في رسم مساحة قوة ضمن “الإقليم المضطرب”.

 

بالتأكيد فإن طهران كانت تعرف أن حدود التعامل العسكري مع “إسرائيل” مرهون بتحالفات وتجمعات عسكرية موجودة في “الشرق الأوسط”، لذلك فحسابتها ارتبطت فقط باستخدام “حق الرد” وليس في الدخول بحرب طويلة، وما حدث هو استعراض قوة إن صح التعبير، واختبار لموقع إيران الإقليمي فقط.

 

الواقع الجيوستراتيجي لإيران لأن الهجوم الذي وقع من مكان بعيد جغرافيا يطرح الدائرة التي تضعها طهران لموازين القوى في “الخليج” وليس على سواحل المتوسط، فالهم الاستراتيجي الإيراني هو في المنافذ البحرية الخاصة بها أكثر من الخطوط المتجهة نحو أوروبا.

 

بالتأكيد فإن إيران مهتمة بالنفاذ نحو المتوسط عبر أنابيب الغاز أو حتى عبر خطوط التجارة والتحالفات السياسية والعسكرية، ولكن هذا الموضوع يستند إلى قدرتها في منطقة “الخليج” خصوصا بعد تجربة الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينات، وهجومها العسكري على “إسرائيل” هو في النهاية تكريس لقدرتها في أمن الخليج بالدرجة الأولى.

 

قراءة التصرف الإيراني لا يمكن أن تنطلق من مسألة الصراع العربي – الإسرائيلي، فرغم موقف طهران المعادي لـ”إسرائيل” لكن صدامها اليوم كان مختلفا تماما لأنه دفاعا عن دورها الإقليمي بعد اعتداء مباشر على سيادتها، وهو مختلف أيضا عن ردها إثر اغتيال قاسم سليماني، حيث تعاملت مع “مناطق نفوذ” وليس مع السيادة أو دورها الإقليمي.

 

سؤال الهجوم الإيراني لا يبدأ بهل تأذت “إسرائيل” إنما بطبيعة ردود الفعل الأمريكية على ما حدث، ومحاولة وضع العمل العسكري ضمن إطار إقليمي واضح، والأهم أن الإدارة الأمريكية كانت على يقين من أن طهران ستتصرف عسكريا.

وهي مسألة لا تنظر إليها واشنطن إلا في التعامل مع التوازنات الدولية الخطرة، وفي محصلة العمل العسكري كان هناك مواجهة جادة بين تحالف عسكري ربما هو الأقوى على المستوى الدولي.

لكنه في المقابل سعى لإبقاء الوضع ضمن حدود واضحة؛ ليس خوفا من القوة العسكرية الإيرانية وإنما اعترافا بدورها الإقليمي.

مقالات ذات صلة