هاشتاغ – أيهم أسد
منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2023 للأميركية “كلوديا غولدين” عن أعمالها حول مكانة المرأة في سوق العمل، وقالت الأكاديمية إن “كلوديا غولدن” قد نقبت في بيانات الولايات المتحدة الممتدة لمائتي عام الأمر الذي سمح لها بإظهار كيف ولماذا تطورت الاختلافات في معدلات الدخل والتوظيف بين الرجال والنساء مع مرور الوقت.
وبمعنى آخر، فإن الأبحاث التي قامت بها “غولدن” إنما تنتمي إلى حقل اقتصاديات النوع الاجتماعي، ذلك الحقل الذي يوفر لنا تحليلاً مقارباً عن مدى انحياز الاقتصاد للرجال أو النساء في مجالات توزيع فرص العمل والأجور والثروة والملكية، ويكشف لنا عن أسباب التفاوت بين الرجال والنساء في الاقتصاد تبعاً للمؤشرات السابقة.
تلك الأدبيات الاقتصادية التي منحت عليها الاقتصادية الأمريكية جائزة نوبل (والتي لا نعرف عن محتواها شيء حتى الآن وبانتظار ترجمتها ونشرها) سوف تدعم التحليل الجندري للاقتصاد من خلال ما قد تتضمنه من مؤشرات تحليلية، وطرق قياس ورؤية اقتصادية خاصة بالباحثة قد لا يمكن إسقاطها وتعميمها على المجتمعات كافة لاختلاف الظروف جوهرياً، وهذا أمر صحيح ويجب عدم الوقوع فيه، لكن بالطبع يمكن الاستفادة من منهجيات التحليل المستخدمة من قبلها وتطويعها محلياً.
أقرأ المزيد: يعرفون ويطالبون.. هذه سياستهم
في دراسات سابقة ضمن الاقتصاد السوري حول موضوعات اقتصاديات النوع الاجتماعي، أو الاقتصاد الجندري، وفيما يتعلق بسوق عمل المرأة، وضمن بيانات تاريخية محدودة جداً عن ذلك السوق أو عدم توفرها لفترات تاريخية سابقة، كان تحليل المؤشرات للبيانات المتاحة يشير دائماً إلى ما يلي:
أولاً: المرأة في الاقتصاد السوري هي الأكثر بطالة
ثانياً: المرأة في الاقتصاد السوري هي الاكثر فقراً
ثالثاً: المرأة في الاقتصاد السوري هي الأقل ملكية
رابعاً: المرأة في الاقتصاد في السوري هي الأقل أجراً
خامساً: المرأة في الاقتصاد السوري هي الأكثر عمالة هشة
والنتيجة النهائية لتلك التحليلات أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد منحاز جندرياً للرجال على حساب النساء بشكل كامل تقريباً.
أقرأ المزيد: ثروات الـ(1%) عندهم وعندنا!
وفي التحليلات الأولية لتك الظواهر السابقة كان يتبين أن التفاعل بين البنية الاقتصادية والبنية الاجتماعية هي التي كانت تفرز تلك النتائج الاقتصادية الخاصة بالنوع الاجتماعي.
فالعادات والتقاليد والتفكير النمطي حول عمل المرأة وسيطرة الاقتصاد الريفي واستغلال القطاع الخاص لعمل المرأة وضعف تطبيق التشريعات من الجهات ذات الصلة بالعمل وضعف التمثيل السياسي للمرأة وضعف التمثيل النقابي لها كلها من العوامل التي أدت عبر الزمن إلى إحداث فروقات جندرية كبيرة في سوق العمل، وبالمقابل فقد عقدت ظروف الحرب سياق الحالة الاقتصادية للمرأة بشكل عام ووفق كل ما يبق من مؤشرات.
نحن مازلنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات والأبحاث المعمقة عن الاقتصاد الجندري لمعرف كيف ولماذا تنشأ وتتطور تلك التفاوتات الجندرية.