هاشتاغ_باسم المحمد
يترقب العالم ويتابع أي كلمة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمعرفة توجهاته الاقتصادية وبناء الخطط والاستراتيجيات بناء على أي رقم.
تتأثر الأسواق الدولية عندما تصدرها البنوك المركزية العالمية للدول الكبرى إفصاحاً “اقتصادياً” بما فيها روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وكورية الجنوبية، وهذا التأثر يمتد للاستجابة لأي رقم اقتصادي قد يصدر عن معدلات البطالة والتوظيف والتضخم ومستويات الإنتاج للسلع والنفط، وكذلك البيانات والخطط التي تعلن عنها كبريات الشركات العالمية.
وسرعة الاستجابة لمثل هذا النوع من التصريحات والبيانات غير مرتبطة بالقوة الاقتصادية أو العسكرية للدولة أو الشركة، لكنها ترتبط بمدى المصداقية والدقة والشفافية التي تترسخ عبر الزمن في ذهن المتلقين، فتصبح عنصراً أساسياً من عمليات اتخاذ القرارات الاستثمارية، لأن الزمن والتاريخ هو من يثبت دقة الأرقام والتصريحات الصادرة وينشئ السمعة الحسنة بأنه يمكن الاعتماد عليها في الحياة الاقتصادية للدول والشركات والمنظمات.
أما عندنا، فقد تراجعت الثقة في تصريحات وزاراتنا وجهاتنا المشرفة على جميع القطاعات بسبب عدم صحة أو دقة ما تصدره من بيانات ومعلومات ومحاولة الاختباء خلف الغربال في كثير من المواقف الواضحة التي تبين أن الحقيقة عكس ما قيل، وهذا ما جعل المواطن في أغلب الأحيان يشكك في صحة ما يصدر عن هذه الجهات ويتوقع بشكل مباشر أن الواقع معاكس تماماً لما صدر ليتخذ التدابير الاحتياطية لما قد يحصل.
والأمثلة في هذا الصدد كثيرة فعندما تصدر تصريحات عن وزارة التجارة الداخلية بأن المخازين لمادة معينة كبيرة وأنها ستقوم بضخها في الأسواق للحد من ارتفاع أسعارها تعود وبعد أيام قليلة لترفع سعرها ضمن نشراتها التموينية، مثبتة أنها إما كانت لا تقول الحقيقة أو أنها لم تكن تملك البيانات اللازمة عندما تفوهت بكلماتها.
وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة النفط حول ما توزعه من مشتقات، ووزارة الكهرباء عن وضع الشبكة، والمحافظات عن وضع قطاع النقل.
يشيع استخدام “الكذبة البيضاء” لإخفاء أمر معين لا يحبذ قوله، لكن استمرار ذلك سيجعل الأمر مكشوفاً حتى أمام الأطفال الذين سيربطون وبشكل تلقائي بين هذا النوع من القول و قصة الراعي الكذاب، لكن أن يصبح الأمر من أدوات الجهات العامة الأساسية في يومياتها فهذا أمر خطير جعل المواطن يعتقد أن معظم المسؤولين يذهبون إلى أعمالهم ليقوموا بتوقيع البريد ومن ثم يراقبون من شرفات مكاتبهم حركة السيارات والأسواق وعندما يلحظون استمرار الحياة يعودون لاتخاذ قرارات جديدة برفع الأسعار، لأنه يتبين أن الشعب ” لسا عايش” ولديه نفس يمكنه من متابعة الحياة؟!
المصداقية التي فقدت خلال سنوات الأزمة ستبقى مترسخة في ذهن المواطن لعقود وتحتاج لكثير من العمل لإعادتها وترميمها فهل هذا ممكن؟.