السبت, فبراير 22, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالانتخابات.. صورة للمرأة

الانتخابات.. صورة للمرأة

نضال الخضري

حملت الانتخابات التشريعية الأخيرة “انهياراً” لتمثيل المرأة، وعلى الرغم من أن الحدث بأكمله لا يحتل موقعاً في هموم المواطن السوري، ولا يتجاوز متابعة الصور التي ظهرت في الشوارع، لكن مسألة التمثيل تطرح مؤشرات أساسية لإجراءات حدثت سابقاً وأدت اليوم إلى مثل هذا الانهيار، وبصرف النظر عن الترتيبات الانتخابية التي تتيح فرصاً أوسع لتحالف الجبهة الوطنية، فإن مسألة النساء تعبر عن تدهور واضح في النظر إلى القضايا الاجتماعية عموماً.

ما حدث كان من إحدى التداعيات الأساسية لحل “الاتحاد النسائي” الذي تبرز نتائجه اليوم، فهذه المؤسسة التي ظهرت بعد عام 1963 كانت على الأقل حالة ضاغطة حتى عند رسم المسار الخاص للانتخابات، والاتهامات كلها التي وجهت إليها في السنوات لا تعني أنها بوصفها منظمة نسوية لم تحتل مكانة ضمن الدور الاجتماعي العام ولو بالحدود الدنيا، ففي النهاية حجزت هذه المنظمة مساحة تمثيل ضمن دوائر اتخاذ القرار السياسي، وتمثيلاً دفع المؤسسات الأخرى جميعها للأخذ بعين الاعتبار حجز موقع للمرأة في الأنشطة العامة كافة.

ربما لم يتطور الاتحاد النسائي تطورا فعالا، أو أنه بقي في نظر البعض بوصفه جزءا من الجهاز السياسي لحزب البعث، لكن حله خلق فراغاً في مساحة العمل النسائي لم تعوضه الأنشطة والمبادرات كلها التي ظهرت خصوصاً بعد عام 2011، فهو بالتأكيد كان مدعوماً من أجهزة الدولة كافة؛ في الوقت الذي لم تنل به المبادرات اللاحقة بمثل هذا الرعاية، وفي المقابل فإن هناك عدداً من الإجراءات التي كان بإمكانها دعم دور المرأة دعما أفضل من دون اللجوء إلى حل الاتحاد النسائي.

ما ينطبق على هذا الاتحاد يمكن سحبه إلى عدد من المنظمات التي بقي تمثيلها ثابتاً بحكم الدستور، مثل الفلاحين والعمال على سبيل المثال، ولسنا بصدد تقييم التجربة النقابية، لكن الحياة العامة في سوريا وبناء تماسك استناداً إلى مصالح الشرائح الاجتماعية، بما فيها النساء، يحتاج إلى قراءة جديدة وعدم النظر إلى المؤسسات القديمة على أنها غير ضرورية، فهي بالتأكيد تحتاج إلى تصور جديد، لكن إلغاءها دون وجود بدائل سيؤدي إلى تراجع في القضايا العامة مثل حقوق المرأة وغيرها.

التمثيل النسائي لا يقدم فقط صورة عن حقوق المرأة، أو حتى التزاماً بالمواثيق الدولية التي أكدت هذا الأمر، فبالدرجة الأولى هو حالة توازن اجتماعي تعبر عن حالة مواطنة قادرة على التفاعل والإنتاج، وعلى الرغم من أن النساء في قوانين العمل السورية لا تختلف حقوقهن عن “الذكور”، لكن هذا الأمر كان بقوة قانون متكامل محميا بسلسلة من الفعاليات التي رعتها الدولة، ومن الممكن لهذا الأمر أن يزول تدريجيا مع عدم النظر إلى مسألة تكامل عملية التمثيل مع التشريعات ووجود مؤسسات حتى ولو مدعومة من الدولة تحافظ على هذا التوازن الاجتماعي.

سننتظر أربع سنوات أخرى لنراقب ماذا ستكون التحولات، فمجلس الشعب هو ليس انتخابات بل مؤشر أيضاً لشكل الحياة العامة في سوريا.

مقالات ذات صلة