هاشتاغ- رأي- محمد محمود هرشو
لازلت أتفكّر بشعار الحملة الانتخابية الرئاسية للمرشح الأوفر حظاً “الأمل بالعمل”، والرسالة التي تحملها لنا كمواطنين مرتبطين بهذه البلاد على اختلاف ثقافاتنا وانتماءاتنا، وحتى أماكن تواجدنا بعد سنوات عجاف عصفت بنا، وكيف للشعار أن يكون جامعاً موحّداً بعد كل الخلافات والاختلافات التي مررنا بها .
فاذا اعتبرنا من خلال الإدارة بالأمل بالأمل أن الأمل هو شعور عاطفي يتفاءل به الإنسان ويرجو به نتائج إيجابية لحوادث الدهر وتقلباته، فهو رجاء وتمني بغض النظر عن طرق الوصول لهذا الرجاء، لكنه بالطبع نقيض الشق الآخر للشعار وهو “العمل” .
أما العمل فكتب عنه الكثير؛ سواء في كتب التاريخ والأديان، وهو الهوية الحقيقية للشخصيات العامة التي عاصرناها وتلك التي سبقتنا، فالكثير منا لم يجالس أو يعرف عن قرب شخصيات قيادية، لكنه يُكوّن الصورة الذهنية عنهم من خلال “عملهم” وهذا ينطبق على السياسيين والقادة والمشاهير والأنبياء ..
صاحب الشعار انتهجه وعمل به خلال حياته السياسية قبل عقود من الآن، واستمر به حتى من خلال حملته الانتخابية، فلم نلاحظ مظاهر انتخابية صاخبة، ولا برامج أكثر من التي نهجها وعمل بها سابقاً، فهو أوصل رسالة الشعار “العمل” واستمر بعمله الذي من الطبيعي أن يطرأ عليه تغيير بالمخططات أو الوعود، لأنه لا يخضع لأي قواعد ثابتة وإنما لقواعد المعركة . لكنه أوصل رسالته التي شق طريقه السياسي من خلالها واستمر “بالعمل” وفق الأمل الذي ربما يرى نتائجه نصب عينيه كمخطّط وسالك لطريق وفق مهامه كرُبان .
لكن على النقيض، نشاهد مظاهر عايشناها كثيراً منذ عقود، وهي الظواهر التي تظلُّ عِبئاً على “العمل” وهي مظاهر “الطبالين” الذين كثيراً ما يصدرون أصوات الضجيج والجعجعة دون طحن، ليقولوا لأصحاب الأمل والعمل نحن منكم وإليكم ومعكم في مظاهر باتت مقززة ومكشوفة وتشكّل عبئاً على أصحاب “العمل” وقد تؤخر بلوغ “الأمل” .
صاحب الشعار عمل بصمت لعقود حتى ظننا أنه لا يعلم أو حتى لا يعمل، لكن للقادة مسبباتهم في اتخاذ القرارات أو الأدوات وليسوا مضطرين لشرحها، وكل ما علينا فعله هو انتظار النتائج المرضية وفق المعطيات التي بين أيديهم، والتي لا نعلم عنها إلا القليل أو بعض ما ظهر للعلن .
تذكرني حالة الامتعاض الشعبي من “الحاشية” بدرسٍ تعلمته من الحياة العملية على يد معلمي الأول (والدي) وهو موقف شبيه لما نشعر به، لكنه على مستوى مصغر جداً حيث طُبق ضمن شركة عائلية صغيرة نسبياً .
حيث كان يعتمد على شخص مقرب منه في الكثير من الأعمال، وكان لهذا الشخص صلاحيات واسعة، فهو كان ينقل رسائل للموظفين الآخرين ويراقب تطبيق التعليمات ويتخذ الكثير من القرارات وكأنه صاحب الأمر رغم سمعته السيئة وصيته بالفساد الذي ذاع بين الموظفين الآخرين على اختلاف مهامهم .
دفعني حماسي ذاك الوقت لأنقل امتعاض العاملين والمقربين والمتابعين إلى صاحب العمل، وأناقشه في استهجاني والآخرين من وجود هذا الشخص بقربه، وهو الأكثر ضرراً لمصالحه وفق آراء الكثيرين، لكنه كعادته كان يسمعني للآخر دون حصولي على أي ردة فعل أو تبرير، إلى أن أتى اليوم الذي قرر تعليمي درساً مهماً في الحياة العملية فسألني فور المباشرة بالنقاش: ما هو حجم الفساد المكتشف بحق الشخص المذكور وفق المعلومات التي حصلت عليها طيلة الفترة الماضية ؟ فأجبته وفق المعطيات وكان بالتزامن مع ذلك يقوم بفتح ملف أحضره سابقاً لأشاهد حجم الإنجازات التي قدمها هذا الشخص وأسباب وجوده، وكيف زاد حجم الربح على حجم الخسائر أو الفساد، لأتعلم الآلية التي اعتمدت في اتخاذ القرار
في العودة إلى “العمل” فإن لدى صاحب الشعار الكثير من الأعمال الشاقة بدأت عشية توليه السلطة ولم تنتهي، ولا يمكن إدراك حجمها إلا بعد مضي فترة من الزمن، فتلك هي أساليب التعامل مع القادة أو المخططين الاستراتيجيين في علم علم الإدارة، والآن ظهر لنا عزمه منذ عقود على “الثورة” ضد عقليات بالية وخطابات خشبية، وانفتاح البلاد على أعمال ومؤسسات غير تقليدية، فاستبدلت فعالية الشِعب الحزبية بمؤسسات فاعلة أهلية، وتبدلت دروس العسكرة بالتنمية البشرية، ونمت مؤسسات ومصارف وأعمال بعد أن كانت احتكارية .
أما عن العمل فهو لا يُقاد بشعارات أو مؤسسات تقليدية، بالتأكيد هي بحاجة إلى فرق عمل قد لا نراها أو نسمع عنها تخوض حروباً عسكرية، وحققت إنجازات سياسية وتتحايل على عقوبات اقتصادية .
الأمل بالعمل هو أمل الواثق المؤمن بالطريق الذي سيصل إليه . كلنا يستطيع أن يتسلح بالأمل، وكلنا يجب أن يبدأ “بالعمل” كلٌ منا يعمل من مكانه ومهامه لإنقاذ البلد، لا أن نجلس متأملين غير متعلمين، منظرين غير آبهين.
فلنتذكر وندرك أننا في مركب واحد أينما كنا وأياً كان الرُبان، فالأمل فقط بمن سيوصل هذا المركب إلى بر الأمان، ولن نصل إلى ذلك دون الأمل بالعمل .. لذا : “حيّوا على خير العمل”.
زجل
أترك بصمة بتنور عن الطبلة لا تدور
جدل
الأمل بالعمل تعني أن العمل هو الملاذ الآمن والوحيد لإنقاذ البلاد، لكن الأمل يحتاج الى مؤمنين ومتنورين، يحتاج إلى عارفين، ساعين، مفكرين، غير منظرين، فهل سنجد مؤسسات ولاّدة لهؤلاء الأشخاص ليصبح الشعار وثيقة وطن، أم أننا كعادتنا سنصطدم بمؤسسات تفرغ الشعارات أو تفصلها وفق الأهواء ؟!
غزل
خير من يطبق العمل بالأمل الأنثى، فهي إن قالت (في أمل ) سخرت إمكاناتها وقدراتها وفطانتها نحو الهدف، وستحصل بلا شك على ما تريد، بالمقابل لن تتحرك باتجاه الهدف إلا إذا أدركت أنه بالفعل (في أمل ) وهي فقط من يحدد الأمل وإلا تحول الى “ألم”.