الإدارة بـ”الانتماء”:
يُعرّف مفهوم “الانتماء” بأنه الشعور بالاندماج في منظومة أكبر، بحيث يرى الإنسان نفسه جزءاً لا يتجزأ منها وتشكل هويته ونظرته لنفسه .
هاشتاغ-رأي- محمد محمود هرشو
ولطالما فشلنا في ترسيخ هذا الشعور بدءاً من منظومة التعليم، مروراً بالإدارات العامة والموارد البشرية، وليس انتهاءاً بمنظومة التقاعد، لأن ثمّة مفهوم سائد لدينا مفاده “أننا لا نستطيع أن نملك حتى قبراً في بلادنا !”.
من هنا، يبدو أن “الانتماء” صار خيبة إضافية لكل خيباتنا كسوريين، خيبة استمرت معنا منذ نشأتنا حتى اليوم، ولأسباب كثيرة فشلنا في ترسيخه كرمى لعيون بعض “الانتماءات” النقيضة تماماً “للانتماء” الوطني الذي هو العنوان العريض لما نخطه الآن، ومفتاح الفرج للكثير من المشكلات والحروب، والدرع الحصين من أي فتنة أو دمار .
سابقاً، تحدث عالم النفس “ابراهام ماسلو” في ورقته البحثية “نظرية الدافع البشري” التي ناقشت ترتيب حاجات الإنسان، فوصف الدوافع التي تحركه عن “الانتماء” عندما رسم هرماً لتلك الحاجات لا يستطيع الإنسان إشباع أي احتياج نفسي إلا بعد إشباع الاحتياج الذي يدنوه في الترتيب الهرمي للاحتياجات الأساسية، حيث رتب تلك الاحتياجات من الأدنى للأعلى : الاحتياجات الفسيولوجية، احتياجات الأمان، الاحتياجات الاجتماعية، الحاجة للتقدير، ثم الحاجة لتحقيق الذات .
مؤدى ذلك أنه أتى على الاحتياجات الاجتماعية، والتي يندرج ضمنها “الانتماء” بعد الحاجات الفسيولوجية وهي التنفس والطعام والماء … وكذلك بعد حاجات الأمان كالسلامة الجسدية من العنف والأمن الوظيفي وأمن الإيرادات والموارد …
أستطيع أن أدّعي أن نظرية ماسلو أعطتنا الجواب الشافي على أسباب فشل “الانتماء” أو انحراف مساره، بما أنه لا يمكن أن يصل الإنسان لـ”الانتماء” قبل بلوغ الاحتياجات التي سبقته؛ وهي الطعام والشراب، ثم الأمان، وفقاً لنظرية ماسلو.
في بلادي؛ استطاعت فئات قليلة جذب أشخاص محددين نحو مفهوم “الانتماء” ليتفوق مفهومهم على “الانتماء الوطني”، فعملوا جاهدين من خلال قراراتهم وتصريحاتهم ومخططاتهم على ما أوصلنا في النتيجة إلى عجز الوطن عن تقديم المقومات التي سبقت “الانتماء” ثم أشبعوا حاجات الناس بمصالح شخصية ضيقة أوصلت هؤلاء الناس الى “انتماءات” ضيقة بُنيت على هرم المصالح الفردية وشكلت تلالاً وتكتلات ادعوا أنها “انتماءات”.
لكن الأمر كان أشبه بتربية حيوان، ثم إشباع حاجاته من قبل مربّيه، وبما لا يشبه أبداً “الانتماء”، فأصبح لدينا على مر عقود سلسلة من “الانتماءات” التي تشبع حاجات الإنسان وتعطيه مكاسب كبيرة على حساب الانتماء للوطن، فـ”الانتماء” للعشيرة بات أفضل بنظر البعض، كذلك “الانتماء” لطائفة دون غيرها، أو لحزب، أو حتى لبعض النافذين (جماعة أبو فلان) حيث بات الإنسان يرى أن أي “انتماء” من “الانتماءات” الصغيرة الضيقة الهدّامة المذكورة يحقق الذات أكثر من “الانتماء” للوطن !
مقالة ذات صلة: الإدارة بالمزاج
أستطيع أن أجزم أنه ليس لدينا “انتماء” حقيقي سوى بعض “الانتماءات” التي ذكرت، بالإضافة إلى إمكانية وصول أي مشكك “بالانتماء” إلى جرم “إضعاف الشعور بالانتماء القومي والوطني” اللذان باتا من أربح “الانتماءات” كونه لا يسبقهما في التسلسل الهرمي للوصول إليهما سوى حفظ بعض الشعارات، وتوزيع العلامات بالوطنية .
زجل
ليس بالولاءات تعمر مصالحك.. الانتماء للوطن يصب في صالحي وصالحك..
جدل
نحن أمة تتمسك بقشور كل شيء، لكننا في الحقيقة لا شيء، كم تكلمنا عن الوطنية والانتماء والشعور القومي، وفي أول مطب واحتياج لهم وجدنا أن كل ما يصرف على ذلك كان وهما، واستمرينا بالوهم .
غزل
انتماء الأنثى لقلب الرجل، فيصبح لها “وطن” لا ظلام فيه ولا فقر .. فقط بالأمان حين تشعر، إن “انتمت” وٓفٓت .