الإدارة بـ”العيون” هاشتاغ- رأي- محمد محمود هرشو
يستغرب البعض من اختيار مصطلح “العيون” للإدارة، وهو الأقرب كما يظنون إلى المشاعر أو العواطف التي تتناسب طرداً مع الإدارة أو القيادة أو السياسية، ويصححون اللفظ بشكل تلقائي إلى “عوايني” بدل عيون ظناً منهم أنه الأنسب للإدارة ،هي عقليتنا الشرقية الأقرب الى نظرية “المؤامرة”، لكنني مدرك تماماً معنى المصطلح وضرورة النهج الذي سأبرهن نجاحه فيما يلي مع المفارقة بينه وبين المصطلح الآخر، لا ضير فيما نفكر، فالذنب ليس ذنبنا إذا تحدث الكثير من شعرائنا عن لغة العيون وتغزلوا بها ونحن لم نُسقِط ما نقرأ من الشعر إلاَّ على النساء، وكذلك لم نحدّث معلوماتِنا وعلومنا منذ تلك العصور .
يستخدم بعض مسؤولي بلادي “العيون” للمراقبة، ويعتبرون ذلك الخطوة الأهم في إنجاح إداراتهم من باب الاستشعار المسبق بما يحاك لهم من مؤامرات ومكائد، لكن الذريعة الظاهرة لذلك هي مراقبة حسن سير العمل، كيف لا وهم من يعنونون قراراتهم ( بناءاً على مقتضيات المصلحة العامة ) وكأن المصلحة العامة نابعة من بين تلافيف أدمغتهم دون غيرهم .
تتفاوت “العيون” بين مسؤولي بلادي كلٌ حسب حجمه ومكانته الوظيفية، ومن المعروف عملياً أنه كلما ارتقى المسؤول بالمناصب كلما ازدادت عيونه بشكل تلقائي، وتوازياً مع ذلك يكون اهتمامه بهذا النوع من “العيون”، وتكون هيكلتها وتنظيمها لديه أكبر، فهي تتدرج بين “عيون” لمدير دائرة صغيرة في قرية نائية إلى أجهزة مختصة يصرف عليها ميزانيات مالية لتقوم بتلك المهام .
تتدرج ميزات “العيون” وتتفاوت امتيازاتها، لكنها غالباً ما تكون مهمات وظيفية وإدارية تمكن أصحابها ليكونوا مقررين لمصير البلاد والعباد، كيف لا وهم الأحرص على المصلحة العامة، والأفهم فيما تقتضيه، لكن بالتأكيد المطلق أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الشخص الأصدق والأعرف والأجدر كونه بالطبع سيكون (ملكي أكثر من الملك ) فلتكن يا مرسل العيون أنت الملك، وهنا يكمن جوهر الفكرة وفق الوصفة التالية:
أثبت علم النفس أنه لا يوجد أصدق من العيون، فهي نافذة العقل وما يدور به، حتى بات لها لغة كاملة أسموها لغة العيون، لكن علينا أن نجيد قراءتها، وأعتقد جازماً أن المقوم الأساس لقراءتها هو الصدق الداخلي لقارئ العيون .
أعشق النظر في عيون الناس والتحديق بها بعيداً عن رابط العلاقة فيما بيننا، محاولاً فهم لغة العيون، فتعلمت أنها أجمل اللغات وأساسها وأقلها تعقيداً، لكنها بحاجة إلى تمكن وصمت داخليين، فالناظر إلى العيون لا يمكنه أن يبدأ قراءة عيون الآخرين بالواسطة أو بعد تكوين فكرة مسبقة عن صاحبها، لذلك علينا ترك “العيون” غير الحقيقية جانباً والإنصات إلى عيوننا، عندها فقط سندرك الكثير ونعرف بشكل أسرع .
لا ضير في استخدام تلك العيون في الإدارة، وهي ضرورية، ومن غير ذلك نكون سذج، لكن من البديهي أن تكون رديفاً وليس بديلاً عن أسس الضبط والمراقبة الإداريين وفق ما ورد في علوم الإدارة التقليدية، كالتقييم الدائم للعمل، لكن بعيداً عن الإدارات “البالية” التي تعتمد على “العيون” المصطنعة والبعيدة كل البعد عن نقل الحقيقة، فهل كل ناظر للعيون يدرك معنى لغة العيون ؟!
زجل
يا ناظراً بعيون الناس ما لك بالنظر من غير إحساس
جدل
إذا كنا مصرين على الإدارة التقليدية “بالعيون” فلنعلم أنه حتى العيون تطورت ودخلت التكنولوجيا إلى هذا العالم وأصبح بإمكاننا بمبالغ بسيطة المراقبة عبر عيون أكثر صدقاً وناقل موضوعي وتحتفظ بالبراهين، وهي لا تكذب، وكل ذلك بتكاليف زهيدة دون تخريب الإدارات ببعض العيون، وهي الكاميرات.
غزل
تستطيع المرأة التصنّع بكل شيئ إلا العيون، فهي ما يفضحها بكل المواقف، ولا يرتبط جمال عيونها بصدقها أو دفئها .
لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام :https://t.me/hashtagsy