اكتشف البشر البطاطا في أمريكا الجنوبية قبل آلاف السنين، وأصبحت مصدراً غذائياً هاماً للشعوب الأصلية هناك.
ويعتقد العلماء أن أول زراعة للبطاطا في أمريكا الجنوبية كانت في منطقة بحيرة تيتيكاكا، الواقعة بين بيرو وبوليفيا.. والتي ترتفع عن سطح البحر 3812 متراً.
ويقدر أن ذلك كان قبل أكثر من 9000 عام، ومن هناك انتشرت البطاطا في مختلف أنحاء القارة الأمريكية.. وتنوعت أنواعها وألوانها وأشكالها.
لكن البطاطا التي نعرفها اليوم ليست مثل تلك التي عثر عليها الأجداد، فالأنواع القديمة كانت غير صالحة للأكل في الغالب، ومرة الطعم.. وبعضها كان ساماً بسبب احتوائه على مادة السولانين.
ولهذا كان السكان الأصليون يستخدمون طرقاً مختلفة لتحلية البطاطا وتخليصها من السموم، مثل تجفيفها أو تنقيعها في الماء أو تعريضها للصقيع.
ولم تكن البطاطا مجرد طعام بالنسبة للشعوب الأمريكية القديمة، بل كانت تمثل إلها يجب أن يعبد ويقدم له القرابين.
وقد بنيت معابد خاصة بالبطاطا في بعض المناطق.. واحتفلت بعيد وطني للبطاطا في بيرو في 30 أيار/ مايو من كل عام.
ووصلت البطاطا إلى أوروبا في القرن السادس عشر على يد المستكشفين الإسبان، الذين رأوا فيها فرصة للتغلب على المجاعات التي كانت تضرب القارة.
أقرأ المزيد: دراسة تغيّر المفاهيم الشائعة عن البطاطا
ومن أوائل من وصفوا البطاطا وأكلوها كان المؤرخ الإسباني خوان دي كاستيلانوس في عام 1535. ولكن لم تستقبل البطاطا بحماسة في البداية في العالم القديم، فبعض الناس كانوا يرون فيها طعاما فقيراً ومملاً، وبعضهم كان يخشى منها لأنها تنتمي إلى عائلة الباذنجان والطماطم، التي كانت تعتبر سامة.
ومن هنا بدأت القصص والأساطير حول من اكتشف البطاطا ونشرها في أوروبا، وتنافست في ذلك الدول الأوروبية الكبرى مثل إسبانيا وبريطانيا.
ومن بين الشخصيات التي نسب إليها فضل نشر البطاطا كان القرصان الإنجليزي فرانسيس دريك، والمستكشف الإنجليزي والتر رالي، والعالم الإنجليزي توماس هيريوت. لكن كل هذه الروايات لم تثبت صحتها بالأدلة القاطعة، وظلت البطاطا محل جدل وخلاف بين العلماء والمؤرخين.
ومع مرور الزمن، اكتسبت البطاطا شهرة واسعة في العالم، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من المطبخ العالمي.
وتعددت طرق تحضيرها وتناولها، واختلفت الأذواق والمذاقات، ولم تعد البطاطا طعاما للفقراء فقط، بل أصبحت مأكولاً يحبه الجميع.