هاشتاغ – يسرا ديب
توقعات بتغييرات واسعة في هيكلية “حزب البعث العربي الاشتراكي” سبقت ورافقت انعقاد اجتماعات اللجنة المركزية للحزب التي ترأسها الرئيس بشار الأسد.
وعلى رأس جدول الأعمال التحضير للانتخابات الخاصة باختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع القادم.
ووسط الجدل الذي تثيره التغييرات في القيادات الحزبية، كان الإعلان عن مؤتمر الحزب مناسبة لإعادة طرح كثير من القضايا
المتعلقة بمفاهيم الحزب والأفكار التي يتبناها، خاصة أنه يحكم البلاد منذ أكثر من 60 عاماً.
حول ذلك يقول الدبلوماسي السوري السابق أيمن علوش إنّ فكر حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ الذي تعود بداياته إلى ثلاثينات القرن الماضي وصولاً إلى انعقاد مؤتمره التأسيسيّ في عام ١٩٤٧
بحاجة إلى إعادة صياغة لفكره ومبادئه وأهدافه ودستوره ونظامه الداخلي ومنطلقاته النظريّة بما يجعله استجابة لتحدّيات الواقع الحالي.
فأهداف الحزب في الوحدة والحريّة والاشتراكيّة ارتبطت بمرحلة تاريخية كانت فيه المنطقة تعاني من الاحتلال والانتداب وسلخ لواء اسكندرون والاقطاع ومشاعر عربيّة مختلفة.
يضيف: اليوم تبدو هذه الأهداف، بالرغم من عظمتها، بعيدة المنال، فشعار الوحدة تدهور إلى تضامن ومن ثم إلى خلافات، واحترام الخلافات وقطع العلاقات وصولاً إلى تآمر دولٍ على دولٍ أخرى.
والخطاب القومي الذي كان يجمع الشعوب العربيَة بات لا يعنيها كثيراً اليوم، والاشتراكيّة التي حلمت بها الشعوب المسحوقة بات لها أعداؤها المتمكّنين بعد طفرة النفط. لقد اختلفت الأمور كثيراً.
وبات للعالم لغة جديدة وهي لغة المصالح، وتحت هذا العنوان جاءت اتفاقيات الاستسلام والتطبيع، وبنت الأنظمة العربيّة علاقاتها الجديدة بما يلائم مصالحها.
ويتابع علوش: الصمت العربي تجاه ما حصل في المنطقة من اتفاقيات مع العدو وتآمر وتدمير دول وتطبيع تُظهر أهداف الحزب وكأنّها غريبة عن هذا الواقع.
والدول والشعوب التي شاركت أو صمتت وتصمت تجاه ما حصل في العراق وسورية وليبيا وفلسطين واليمن لا يمكن أن نعوّل عليها ضمن ايديولوجيّة الحزب الحالية.
والأمة العربيّة التي فشلت في تمرير قوافل إغاثة لشعب يتعرّض للإبادة لا تعنيها قضايا الوحدة والحريّة والاشتراكيّة.. وكثير من أبناء الشعب السوري الذي شهد ما شهده خلال سنوات التآمر عليه ينظرون إلى أهداف الحزب وكأنّها ضرب من المستحيل.
الواقع الجديد يفرض، وفقا للدبلوماسي السوري، أن تبحث اللجنة المركزيّة لحزب البعث العربيّ الاشتراكي في صياغة جميع مفردات الحزب أو إعادة شرح مفاهيمه
وفق تحدّيات الحاضر بشكل عمليّ ومنطقي بما بحفظ سورية بحدودها الطبيعيّة، وبما يراعي مكوناتها الإثنيّة والعقائديّة
وفق دستور الدولة وسلطة قانون يضبط أسس الدولة الوطنيّة، وهو يتطلّب بشكل كبير تحريره من الدخلاء عليه، سواءً من قيادات فاشلة ووصوليّة أو من سياسات الكمّ لا الكيف.
ويرى أن انعقاد اللجنة المركزيّة يعطي الأمل بأن سورية ستشهد حالة إصلاح من الأعلى باتجاه القاعدة، فهذا وحده الكفيل بالوصول إلى بنية سليمة.
خاصة إذا بني ذلك عل أسس صحيّة بعيدة عن المحاصصة والمركزيّة غير الصحيّة والاستزلام، وهذا الطريق بحاجة إلى تحصين بالقيم الوطنية والأدوات الرادعة
والمحاسبة الحثيثة لضمان عدم وقوعها رهن المصالح والأهواء، ويجب أن تكون مسؤوليّة البعثي الذي يخطئ مسؤوليتان: مسؤوليّة إداريّة ومسؤولية حزبيّة.
يضيف علوش: كبعثي مؤمن بقدرة الحزب على استعادة مكانته على الساحة السوريّة، فإنني أعتقد جازماً أن إعطاء المنابر الحقيقيّة للأحزاب الأخرى.. سيكون حافزاً لكلّ بعثي لكي ينافس ويقدّم أفضل ما لديه.
وهذا من شأنه أن يعزّز من أداء البعثيين، وبالتالي مكانة الحزب ويعيد للحزب وهجه وألقه ويخطو به إلى ابعد من الشارع السوري.
ويختم علوش بالقول إن حزب البعث العربيّ الاشتراكي يجب أن يكون أكبر وأعمق من واقعه الحالي، فهو يملك كافة مقومات التميّز لعمق فكره وقابليّته للتجدّد.
وهو بحاجه أن يخرج من بعض المحدّدات ليكون أكثر حضوراً وفاعليّة بالمؤمنين به الذين يريدون أن بكونوا فاعلين به ومحصّنين معه.